اليوم يعتمد مجلس وزراء حكومة الدكتور كمال الجنزوري موازنة العام المالي الجديد 2012-2013 بعد الانتهاء من المراجعة النهائية لبعض المخصصات لإعلانها بشكل كامل، ليتم رفعها إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإقرارها تمهيدا لإحالتها إلى مجلس الشعب، وهى تمثل موازنة أول عام بالخطة الخمسية الأولى بعد الثورة، وقد أعلن وزير المالية الدكتور ممتاز السعيد وفايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المسودة شبه النهائية أول من أمس، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء وباقي وزراء الحكومة لمناقشة الملامح النهائية للموازنة. ولكن السؤال إلى أى مدى تعد الموازنة الجديدة التى أعدتها حكومة الدكتور كمال الجنزوري ملزمة للحكومة القادمة؟ الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية بحكومة عصام شرف السابقة يقول إن القواعد في ذلك تنص على أن البرلمان يوافق على الموازنة العامة فتصبح قانونا ملزما، وإذا أرادت الحكومة القادمة التغيير فلا بد أن تعود إلى البرلمان.
والسؤال الثاني ماذا عن ميزانية الجيش والقوات المسلحة التى ثارت حولها ضجة خلال وثيقة السلمي للمبادئ الدستورية، التى كانت تنص على أن تكون ميزانية القوات المسلحة «سرية» وعدلت لأن تنص على أن تكون رقما واحدا بالموازنة على أن تناقش تفصيليا من خلال مجلس وطني؟ لم يعلن وزير المالية موقفا محددا من ميزانية الجيش ولكنه أعلن أن موازنة العام القادم الجديدة تتضمن بندا يسمى «مصروفات متنوعة»، تم تخصيص 33٫3 مليار جنيه له فى الموازنة بزيادة 5% عن المخصصات التى كانت محددة له فى موازنة العام الجارى، حيث كانت 31٫6 مليار جنيه. وقال إن هذا البند «المصروفات المتنوعة» يختص بمخصصات الجهات التى لها طبيعة خاصة، مثل المخابرات والمجالس النيابية بينما يطلق عليه موازنة السطر الواحد، ونشير هناك إلى أن حجم المخصصات للمصروفات المتنوعة ال33٫3 مليار يتساوى مع حجم المخصص فى بند المزايا الاجتماعية الخاص بأرباب المعاشات، حيث خصص لها 33٫3 مليار مقارنة ب 24٫9 مليار كانت مخصصة لها فى موازنة العام الجاري.
وبالنسبة إلى موازنة وزارة الداخلية قال الدكتور ممتاز السعيد إنه سيتم زيادة المخصصات لوزارة الداخلية حيث يراعى مشروع الموازنة الاعتمادات المطلوبة فى حالة إقرار مشروع القانون، الذى ينظر فيه مجلس الشعب حاليا رقم 109 لسنة 72 الخاص بتطوير جهاز الشرطة ويشمل تحسين مرتباتهم.
وزير المالية قال إن الحكومة لم تلجأ إلى إعداد موازنة جديدة بنمط موازنة الأداء أو البرامج أو ما يطلق عليها الاعتمادات، رغم كونها أحد الأهداف المستقبلية للموازنة لأن تطبيقها ليس سهلا ولا بد من التأسيس لها بشكل جيد، خصوصا أن دولا متقدمة لم تتمكن من تطبيقها، وهى موازنة تقوم على تحديد المخصصات وفقا لبرامج يتم تقييمها وبناء على معدل نجاحها يقرر مدى الاستمرار أو زيادة أو تخفيض المخصصات التى كانت مقررة لها، وعليه سار على نفس المنوال بنمط الموازنة التى ظلت مصر تسير عليها على مدى السنوات الماضية، وأكد السعيد أن الحكومة حاولت البحث عن مصادر جديدة لتوفير موارد للدولة بخلاف المتعارف عليه من الضرائب التى تمثل نحو 70% من إيرادات الدولة، ومن تلك المصادر الجديدة طرح أراض للمستثمرين بالخارج يتم سداد ثمنها بالعملة الصعبة بالتحويل من الخارج، وتم ترشيد النفقات المخصصة لشراء السلع والخدمات الخاصة بدولاب العمل الحكومي لتكون 28٫8 مليار بدلا من 30٫2 مليار جنيه.
وقد شهدت الموازنة الجديدة تطبيقا لبعض ما كان عديد من خبراء الاقتصاد ينادون به من قبل، فى ما يتعلق بإلغاء الدعم عن غير المستحقين له، وبالفعل تم تخفيض مخصصات دعم المواد البترولية 25٫5 مليار جنيه لتصبح 70 مليارا بدلا من 95٫5 مليار وتم توفير الفارق من خلال إلغاء الدعم المخصص للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة وتطبيق منظومة توزيع البوتاجاز بالكوبونات. وأكدت فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى أن هذا التخفيض لا علاقة له بدعم السلع التموينية أو محدودى الدخل، وأنه لن يؤثر على أسعار الوقود نهائيا لأنه كان نتيجة إصلاح بعض التشوهات فى منظومة الدعم فقط ومواجهة الهدر الذى كان يتعرض له، وما تم توفيره سيوجه إلى الخدمات مثل الصحة والتعليم، وتم زيادة مخصصات الأجور بنسبة 18% لتكون 138٫6 مليار مقارنة ب 117٫5 مليار بالموازنة القديمة والزيادة تضع فى الاعتبار العلاوات التشجيعية والدورية وضم العلاوات الخاصة، التى تشمل علاوة ال15% عن ال10 أشهر، والعلاوة التى بلغت 30% عن شهرين، التى صدرت العام المالى 2007-2008 حيث إنه بعد مرور 5 سنوات تضاف العلاوة إلى المرتب الأساسى.
وقالت أبو النجا إنه لم يكن هناك رضا عن الموازنة الجديدة حتى أول من أمس، حيث تمكنوا من زيادة المخصصات للاستثمارات الحكومية إلى 55٫6 مليار جنيه مقارنة ب 47٫2 مليار جنيه فى الموازنة السابقة، لأن الاستثمارات الحكومية لا بد من التوسع فى الضخ بها لتعافى الاقتصاد الذى يتعرض إلى أزمات وتعوض التراجع فى الاستثمارات الخاصة.