تجلس مع النساء فى صفوف طويلة وبجانبهم طبقات من أوراق التبغ المخمرة والمعالجة بطريقة خاصة فيقومون أولآ بنزع العروق من وريقات التبغ ليحصلوا على ورقة صافية ونظيقة من كل شائبة مصنفين تلك الوريقات حسب تدريجات لونية متشابهة معطين عناية وأهمية خاصة لورقة الطبقة الخارجية للسيجار وبخبرة فائقة يشكلون السيجار بشكله النهائي ليكون كل إنتاجهم بالمواصفات نفسها. مانويلا كوبية سمراء اللون ذات أنف أفطس وشعر مجعد فى التاسعة والثلاثين من عمرها لم تجد سوى سوى الإشتغال بصناعة سيجار الهافانا لإعالة طفليها ايمانويل وبدرو لأن زوجها خيسوس عاطل عن العمل ومدمن للخمر والكوكاين.
عادت مانويلا من العمل بعد يوم طويل وشاق،لتجد زوجها مستلقيا على الأرض بعد تناوله جرعة زائدة من الكوكاين ثم صرخت بعد ما رأته فى تلك الحالة ، نهض خيسوس وضربها ضربا مبرحا ، ثم انطلق إلى المطبخ وجلب سكينا.
فى الوقت نفسه وصلت إلى حى الزيتون بمصر الجديدة حيث توجد فيلا المشير طنطاوى شحنة سيجار الهافانا القادمة من كوبا مغلفة بورق السوليفان والأوراق الملونة بعلب فاخرة غالية الثمن.
قام خيسوس بطعن مانويلا عدة طعنات لتلقى مصرعها ،بينما دق جرس باب فيلا المشير ليستلم خادمه شحنة السيجار. استيقظ ايمانويل وبدرو من النوم ليشاهدا أمهما غارقة فى بركة من الدماء بجانب والدهم الذى أصابته نوبة بكاء هيسترية بعدما قتل زوجته.
فتح المشير علبة السيجار وأشعل سيجارا بقداحة من الذهب الخالص أهداها له مبارك عام 2004 فى ذكرى اتنصارات أكتوبر.
نظر خيسوس إلى عيون طفليه فشعر بوجع الطعنات التى وجهها إلى زوجته فأحضر جركن من البنزين وقام بإضرام النار فى نفسه وفى طفليه ظنا منه أنه يحبهما وأن الموت أفضل لهما من الحياة فى ظل أب مجرم.
جلس المشير ليشاهد التليفزيون فقناة السى بى سى تعرض مشاهد لتصاعد الدخان من العباسية فى الوقت الذى يتصاعد فيه الدخان من سيجاره ويتصاعد الدخان من الكوخ الذى يسكن فيه خيسوس ومانويلا.
تصاعد الدخان ولكن هذه المرة من جهنم ، حيث قابل المشير إبليس فسأله عن أول ذنب ارتكبه فقال أنه استكبر ظنا منه أنه أفضل من ادم ثم انتقل الكبر إلى ادم بعدما عصى ربه ثم انتقل الكبر من ادم الى المشير ومن المشير انتقل الكبر إلى كل من يرتدى البزة العسكرية.
ليست المشكلة هى الفساد الذى تعانيه المؤسسة العسكرية المصرية وإنما المشكلة تكمن فى الكبر المتمكن من قادة المجلس العسكرى ، المعضلة أنهم لا يرون الفساد والظلم عيبا بل أمرا طبيعيا علي الشعب الثائر التعامل معه لأنهم أبطال الحرب، فقد عبروا فى 73 وحدهم دون شعب مصر.
كيف يتشدقون بحب مصر وهم يكرهون المصريين ، هل من الممكن أن تكون عضوا فى التراس أهلاوى وتكره أبو تريكة؟! كيف يخلد هؤلاء إلى النوم، كيف يتوهمون أن باستطاعتهم مواجهة شعب ثائر بينما هم يدخنون السيجار الكوبى فى غرور للتنفيس عن غضبهم من الثورة واللى خلفوها.
إذا فشلت ثورة جيفارا الشيوعية وقادت كوبا إلى مجتمع استهلاكى وفقير ، فثورة خالد سعيد ستقود المصريين ومعهم المسلمين والعرب فى الشرق الأوسط إلى مجتمع منتج ومبتكر رغما عن أنف المشير وسيجاره.