كما ذكرنا، كلما ابتعدت عن المدينة قلت نسبة التطفير حتي تقترب من الصفر في المحافظات التي تبتعد تماما عن وادي النيل. ربما بسبب نسبة التلوث في النيل، وربما كما قالت لي سيدة بسيطة: إسرائيل عاملة لنا عمل ورامياه في النيل، وربما بسبب الركود الذي أصاب النهر، وقد تكون اللعنة التي أصابت من لوثوا ماء النهر وخالفوا وصية الأجداد والأديان. لنعد إلي مفاتيح الطافر. الموارد الثقافية: التليفزيون، وفضائيات التليفزيون، والبرامج الحوارية في فضائيات التليفزيون. وأحيانا بعض المواقع علي الشبكة العنكبوتية. الموسيقي: كل ما يذاع علي نجوم إف إم والفيديو كليب المذاع علي قنوات الأغاني. وقد تسببت هذه الأغنيات، في حالة من التبلد الرومانسي. بالله عليكم، من أين يتعلم الطافر الرومانسية وهو يسمع أغنية تقول كلماتها: «بطل تقول للناس كلام فرجت الناس عليا». كما أسهم الفيديو كليب في ربط الحب، ارتباطا شرطيا، بالأفخاذ والبطون العارية، إضافة إلي بعض الدروس في النطاعة، فمثلا أذكر فيديو كليب موضوعه: شاب يوبخ زوجته علي تكبرها عليه أثناء استعدادها للذهاب إلي العمل، ثم تتركه وتذهب بينما يظل الأمور في المنزل! بصريات: لا يري الطافر أي جمال حوله، لا في الشارع الذي تعلوه الأتربة، ولا علي الرصيف الذي يحيطه سور قبيح، مطلسم، عال، حتي لا يتمكن المشاة من المشي عليه، ولا في المنزل، ولا في السينما، حتي حين يرفع رأسه للسماء لا يري إلا السحابة السوداء، هذا وقد اختفت النجوم، التي كان يتغني بها الشعراء، من سماء القاهرة وضواحيها. الألوان: رمادي، ورمادي فاتح، ورمادي غامق، وأبيض وأسود لون التاكسي. الروائح: لا.. إحنا بطلنا نشم خلاص. وهذا من فضل الله علينا، فلو أن حاسة الشم تعمل بكامل كفاءتها، لقضي الطافر نصف يومه يتقيأ والنصف الثاني مغشي عليه. العاطفة: ما تخلي عندك ذوق.. ده سؤال؟ أقول لك لا يسمع إلا قرعا وشرشحة، ولا يري إلا ألوانا رمادية ومشاهد جنسية، وتعطلت حاسة الشم لديه، وتسأل عن العاطفة؟ هنا، أحيلكم إلي فيلم «البنات دول» حيث كانت تقول إحدي شخصياته وهي تتحدث عن حبيبها: «آخر يوم كنا مع بعض انبسطنا قوي، قعدنا نهزر ويضربني بالشبشب وأضربه بالشبشب». الأحلام والطموحات: علي عكس المتوقع... كثييييييرة، وكبيييييرة، وعظييييمة إلي درجة الهلاوس. في هذا الجو الرومانسي المذكور أعلاه، تجد طافرا يحلم بأن يكون أعظم عالم ذرة في العالم وينتظر بالفعل جائزة نوبل، وآخر يحلم برئاسة الجمهورية، أو بأن يصبح مطرب أوبرا عالميًا أو راقص باليه. وهذه الأحلام غير مقيدة لا بموهبة، ولا بدراسة، ولا حتي بسن. الفضل في ذلك يرجع إلي الدولة التي رفعت سن الشباب ضمنا، ثم حسم الأمر علاء مبارك الذي وصف نفسه بأنه شاب مصري يبلغ من العمر 48 سنة، وهذا يعني أن واحدة في سني سوف تحتاج إلي من يلفعها علي كتفه بعد كل وجبة ويدق علي ظهره حتي تقشط. كما أن الدراسة غير مهمة بدليل أن لاعب الكرة يعمل كإعلامي. تسأل عن الموهبة؟ بلاش هزار بايخ.