عندما يصبح منصور حسن «رجل المرحلة».. فهل قامت الثورة لتعود مصر إلى الخلف؟ منصور حسن أطلق المصريون لأحلامهم العنان، ظنا منهم بأن الثورة قد أتت أكلها، وأنه لم يبق سوى خطوة بسيطة تصل بنا إلى بر السلام، فقال البعض إن مصر أمامها سنوات قليلة لتصبح بعدها في مصاف الدول الكبرى، وقال آخرون إن الحلم والحماس سيجتازا بنا الأفاق وإن الأمجاد ستعانق مصرنا عما قريب، ولأنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فلم يتحقق من تلك الأماني سوى خروجها من الأفواه ولم نر لها صدى على أرض الواقع. فبعد مرور نحو أكثر من عام على خلع مبارك، فوجئنا بإن الدولة تعيد إنتاج سياسات قديمة عفا عليها الزمان، بل وتستقدم وجوه من زمن فات، معتقدين –القائمين على الأمور- أنهم بتغيير الوجوه ربما أوهموا الشعب بالتغيير، وكأن الثورة طالبت بعودة البلاد إلى الخلف! في 7 مارس 2012 أعلن منصور حسن عن نيته خوض غمار انتخابات الرئاسة والتي ستجرى في شهر مايو من عام 2012 كما أعلن في اليوم التالي استقالته من المجلس الاستشاري الذي يتولى رئاسته منذ 11 ديسمبر من العام المنصرم، والمدهش أن السيد حسن كام مرشحا بقوة لإن يصبح رئيسا لمصر ولكن قبل أكثر من ثلاثين عاما كاملة، فقد كانت السيدة جيهان السادات تريد تصعيده بدلا من مبارك –كما يروى الكاتب محمود جامع- الذي كان مطلعا على القرارات المهمة كونه نائب الرئيس آنذاك، فقد حاولت الوقيعة بين مبارك والسادات وتصعيد منصور حسن – وزير الدولة لرئاسة الجمهورية وقتها- بدلا منه، وتسببت هي وأشرف مروان وفوزي عبدالحافظ في استقالة مبارك وذهابه إلى بيته، وكان منصور حسن على بعد خطوات من الاستئثار بمنصب النائب، ولكن بسبب حب السادات لرجال القوات المسلحة، ذهب لمبارك بيته وطلب منه أن يعود، وهو ما كان. ربما كان السيد منصور حسن -75 عاما- ناصع السيرة، وربما فضل الاحتجاب عن المجابهة طيلة فترة مبارك ابتعادا عن الوقوع في المشاكل، وربما كان له كل الحق في الترشح لمنصب الرئيس كأي مواطن مصري تنطبق عليه شروط المنصب، ولكن العجيب أن يراه البعض رجل المرحلة –بعد الثورة- رغم أن آخرون كانت لهم نفس الرؤية منذ أكثر من ثلاثة عقود. في تمام العاشرة من مساء الثاني والعشرون من نوفمبر الماضي، وفي خضم أحداث محمد محمود، أعلن المشير طنطاوي في خطاب وجهه للشعب بأن المجلس العسكرى سيقيل حكومة الدكتور شرف وسيتم إلإعلان عن الوزارة الجديدة خلال ساعات، وبالفعل دارت التكهنات في الساعات القليلة التي تبعت الخطاب، بعضها أكد قدوم شخصية ثورية كالبرادعي فيما أكد آخرون أن الدكتور الجنزوري يعقد جلسات مع أعضاء للعسكري، وهو الأمر الذى تندر عليه الثوار، فالجنزوري –صاحب ال77 عاما- كان رئيسا للحكومة في تسعينات القرن الماضي في عهد المخلوع، ورغم تبرير البعض بأن اختيار الجنزوري صائبا كونه أدى أداءا أفضل من آخرين، إلا أنه رغم ذلك لم يظهر طيلة اثنتا عشر عاما –منذ إقالته فى العام 1999- سوى في الحفل السنوي الذي كان يقيمه الحزب الوطني من كل عام، ولم يعترض على أي من سياسات مبارك خلال تلك الفترة التي ظل معتكفا خلالها، وكأن سقف طموحات الثوار لم يكن أعلى من عودة أحد رجالات مبارك الذي يقدمه البعض على أنه كان معارضا.