الجيوشي: الحكم بعودة التعليم المفتوح بشهادته الأكاديمية خاص بالجامعات الحكومية فقط    تعرف على الإجراءات القانونية للإعلان عن نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات النواب    مرصد الأزهر يدق ناقوس الخطر: ظواهر سلبية تهدد البيئة التعليمية وتسيء لدور المعلم    البابا تواضروس يُهنئ الأقباط ببدء صوم الميلاد    سعر الجنيه الذهب اليوم في مصر اليوم الخميس    محافظ الجيزة يعتمد تعديل المخطط التفصيلى لمنطقة السوق بمركز ومدينة العياط    اللواء أكرم جلال ينعى الراحل أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية الأسبق    وزير الخارجية يلتقى مع مفوضة الاتحاد الاوروبى لإدارة الأزمات    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    سلطات هونج كونج: ارتفاع عدد قتلى حريق اندلع بمجمع سكني إلى 55    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    موعد مران الزمالك في جنوب أفريقيا استعدادا لمواجهة كايزر تشيفز    كيفو: خسارة إنتر أمام أتلتيكو مدريد مؤلمة.. ولم نستغل الهجمات المرتدة    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    تأجيل محاكمة 124 متهما في "الهيكل الإداري للإخوان"    السيطرة على حريق فى منزل ببندر ساقلته سوهاج دون خسائر بشرية    بعد رحيلها المفاجئ.. 5 معلومات عن الإعلامية هبة الزياد    المركز القومي للمسرح يعلن آخر موعد للتقديم لمسابقة سيد درويش الموسيقية    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    «صحف يونانية»: اكتشاف أكبر مدينة عنكبوتية عملاقة على الحدود مع ألبانيا    تعاون بين جامعة الجلالة والهيئة العامة للرعاية الصحية في مجال التدريب الطبي    هيئة الرعاية الصحية تعلن الفائزين بجوائز التميز لعام 2025    ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.3% بالربع الأول من عام 2025 /2026    مواجهة شرسة بين بتروجت ودجلة في كأس مصر الليلة    هاري كين: هذه أول خسارة لنا في الموسم فلا داعي للخوف.. ومتأكد من مواجهة أرسنال مجددا    رأس المال البشرى.. مشروع مصر الأهم    وزير البترول يشهد توقيع خطاب نوايا مع جامعة مردوخ الأسترالية    انطلاق أول رحلة رسولية خارجية للبابا ليو الرابع عشر نحو تركيا ولبنان    «علاقة عاطفية» السر وراء سرقة خزينة داخل منزل بالوراق    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق أبوسمبل    انطلاق امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    وزير الري يستعرض المسودة الأولية للنظام الأساسي واللائحة الداخلية لروابط مستخدمي المياه    مصر للطيران تنفي وقف صفقة ضم طائرات جديدة لأسطول الشركة.. وضم 34 طائرة جديدة بدءًا من 2026    أسعار الخضروات اليوم الخميس 27 نوفمبر في سوق العبور للجملة    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    اليوم.. المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    مصرع 11 عاملًا وإصابة آخرين بعد اصطدام قطار بمجموعة من عمال السكك الحديدية بالصين    جنة آثار التاريخ وكنوز النيل: معالم سياحية تأسر القلب في قلب الصعيد    ترامب: الولايات المتحدة لن تستسلم في مواجهة الإرهاب    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    فانس يوضح الاستنتاجات الأمريكية من العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    المناعة لدى الأطفال وسبل تقويتها في ظل انتشار فيروسات تنفسية جديدة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    كرة يد - "أتفهم حزن اللاعبات ونحتاج دعمكم".. رسالة مروة عيد قبل كأس العالم للسيدات    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشامي يكتب : مناهج ديمقراطية
نشر في الدستور الأصلي يوم 21 - 02 - 2010

مقارنة عابرة بين درسين فقط أحدهما في مادة الدراسات الاجتماعية التي يتلقاها الطلبة في مصر بالصف السادس الابتدائي، والثاني في المادة ذاتها والصف نفسه ولكن في مناهج الدول المتقدمة، تكشف لنا عن هوة سحيقة في المعلوماتية وطرق التدريس بيننا وبينهم.
ففي الوحدة الثالثة من كتاب الدراسات الاجتماعية يدرس الطلبة هنا نظام الحكم في وطني في 7 صفحات كاملة تتحدث في تبسيط مخل - يعتمد التلقين والحفظ وسيلة أولي وأخيرة - عن أن مصر دولة ديمقراطية، وأن الديمقراطية تعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وأن الديمقراطية تحقق المساواة بين أفراد الشعب مع بعض الشروح حول مهام رئيس الجمهورية ومدة رئاسته وكيف يختاره الشعب بين أكثر من مرشح فضلا عن التعريف بماهية السلطة التشريعية ومسئولية مجلس الشعب في سن القوانين ومحاسبة الوزراء واعتماد ميزانية الدولة، وأن السلطة التنفيذية تتولي تنفيذ القوانين وتساعد رئيس الجمهورية في إدارة الحكم، وأن الرئيس يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء والمحافظين، بينما السلطة القضائية تصدر أحكاماً وفقا للقوانين.
المصيبة أن الدرس وصف الدستور بأنه مجموعة من القوانين التي تحدد كيف تدار أمور وطننا في حين أن جميع فقهاء القانون الدستوري يُعرِّفون الدستور بأنه مجموعة من المبادئ العامة التي تُستمد منها القوانين، ولهذا يطلقون علي الدستور تسمية «أبو القوانين»، لأن تعديله أمر صعب ولا يتغير إلا بين فترات زمنية بعيدة وإلا لزم صياغة دستور جديد كليا.
الغريب أن الدرس نص علي أن الدستور المصري صدر عام 1971 وتعديلاته في 1980 بينما تغافل عن التعديلات الأخيرة التي جرت في 2005 ثم في 2006 وكأنها لم تحدث رغم إشارة الدرس إلي أن رئيس الجمهورية يُختار بين أكثر من مرشح.
وهكذا ينتهي الدرس مع بعض التمارين التي تختبر الذاكرة فقط علي هيئة «أكمل» و«صل بين مجموعتين» دون أن تحاول اختبار ذكاء الطفل وقدرته علي عقد مقارنات أو تبيان مفاهيم بعينها.
في المقابل يدرس طلبة الصف السادس الابتدائي في إحدي الدول الغربية الدرس ذاته في صفحتين فقط، إحداهما تتضمن الشرح علي هيئة رسوم بيانية تتداخل فيها الأسهم والعلاقات المتباينة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وشروحات لتشكيل ومهام ودور كل منها مع عقد مقارنة بين النظام الرئاسي للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية والنظام البرلماني للحكم في بريطانيا.
ففي الولايات المتحدة يختار الناخبون السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس ونائبه كما يختارون السلطة التشريعية الممثلة في مجلسي الشيوخ والنواب مع إيضاح العلاقة المتداخلة بين الرئيس والكونجرس بالقول إن بوسع الرئيس الأمريكي الاعتراض - استخدام حق الفيتو - علي التشريعات التي يقرها الكونجرس، لكن الكونجرس يستطيع التغلب علي الفيتو الرئاسي إذا ما صوت ثلثا أعضاء الكونجرس لصالح القرار أو القانون، أما المحكمة العليا فتتكون من تسعة قضاة يعينهم الرئيس ويصدق عليهم مجلس الشيوخ ويظل القضاة في الخدمة حتي سن التقاعد وبوسعهم إعلان القوانين غير الدستورية.
أما النظام البرلماني في بريطانيا فلا يختار الناخبون سوي مجلس العموم الذي يُنتخب فقط إذا ما دعا رئيس الوزراء لعقد انتخابات عاجلة أو في حال فقدانه الثقة من نواب المجلس، ويتولي زعيم الأغلبية في المجلس رئاسة الوزراء، في المقابل تُعين الملكة أو الملك مجلس اللوردات الذي يخدم نوابه مدي الحياة والذين تتشكل من بينهم المحكمة العليا التي يخدم أعضاؤها لحين بلوغهم سن التقاعد، لكن المحكمة لا تملك سلطة إعلان أن القوانين غير دستورية.
وبين النظامين الرئاسي الأمريكي والبرلماني البريطاني تدور أسئلة تتبعها اختيارات أربعة تقوم علي إعمال الذهن وعقد المقارنات علي شاكلة: ما أوجه التشابه بين النظامين؟ ومن هو المسئول الذي يمكن أن يفقد وظيفته في أي وقت؟، وفي أي نظام تملك المحكمة العليا صلاحية إسقاط القوانين التي تمررها السلطة التشريعية؟، وكيف تتشابه السلطة التشريعية في النظامين؟، وكيف يتم اختيار قضاة المحكمة العليا في النظام الرئاسي الأمريكي؟، وكيف تختلف سلطة الناخبين في التصويت بين النظامين؟
أما الإجابات فتجدها محيرة ومربكة ولهذا فهي تقيس القدرات الحقيقية الذهنية والمدركات الحسية فضلا عن قياس المقارنات والعلاقات المتشابكة.
وهكذا لا تقدم الدول المتحضرة نموذجاً واحداً للحكم وإنما تحرص علي تبيان مزايا ومثالب كل نظام ولا تخفي عن الطلبة حق كل سلطة من السلطات الثلاث علي الأخري مما يرسخ مفهوم الديمقراطية الحقيقية،وهو عدم استبداد طرف علي آخر لضمان عدم تركيز الصلاحيات بيد شخص واحد أو هيئة واحدة عبر هذه المقارنات التي تعتمد فقط علي رسوم بيانية وافية وغير مملة.
لم يكن تلميذ الصف السادس في الغرب بحاجة لتعريف الديمقراطية، فقد أدرك سلفاً مدي العدالة في توزيع السلطات ومدي الحكمة في رقابة بعضها علي الآخر، لكن في مصر يجب أن يحفظ التلميذ أن مصر بلد ديمقراطي.. كيف؟ ليس مهما، فالمهم أن يحفظ وأن يستوعب بفهم أو دون فهم.. لا يهم.
سألني نجلي الصغير.. هل مصر فعلا بلد ديمقراطي؟ تبسمت ابتسامة غامضة وقلت: ستكون بلداً ديمقراطياً حينما تدرسون مناهج ديمقراطية وعلوم عصرية في مدارسكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.