«الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة إدارة الأزمات والتدخلات العاجلة    «الإصلاح الزراعي»: إزالة 438 حالة تعدٍ بمختلف المحافظات خلال شهر مايو الماصي    ضمن الموجة 26.. إزالة 95 حالة تعدٍّ على أملاك الدولة في حملات ب أسوان    تعاون بين «الطيران المدني» وشركات عالمية لتطوير البنية التحتية والخدمات الذكية    إيران تطلق دفعة جديدة من الصواريخ على تل أبيب| فيديو    ما هي مخاطر التلوث النووي الناتجة عن هجمات إسرائيل على إيران؟    «زوجتي بطلة وابني ألغى حفل زفافه».. تصريحات نتنياهو تثير غضب الإسرائيليين    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    مبابي خارج موقعة ريال مدريد ضد باتشوكا في كأس العالم للأندية    إسماعيل يوسف يعلن تشكيل قطاع الناشئين في سيراميكا للموسم الجديد    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة صيدلي داخل مسكنه في نجع حمادي    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    نتيجة الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ في هذا الموعد    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    بالأسماء.. إصابة 18 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق ديروط الفرافرة أسيوط    إصابة 18 شخصا في انقلاب ميكروباص بطريق «الفرافرة- ديروط» في الوادي الجديد    «الصوت الباكي».. الأوقاف تُحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوي    شيرين رضا: جمالي نعمة حذرني منها والديّ    أُسرة الشيخ أبو العينين شعيشع تُحيي الذكرى الرابعة عشر لرحيله بمسقط رأسه في كفر الشيخ الإثنين المقبل    بروتوكول بين «الثقافة» و الجيزة لإقامة تمثال ل«مجدي يعقوب» بميدان الكيت كات    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    نائب وزير الصحة يوصي بصرف مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    رسميًا.. برشلونة يعلن التعاقد مع خوان جارسيا لمدة 6 سنوات    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    وزارة النقل: وصول أول قطار للخط الرابع للمترو مايو 2026.. ودراسة تنفيذ مراحل جديدة    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    موقع عبري: مليار شيكل يوميا لتمويل الحرب على إيران    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    نجم اليوفي مطلوب في الدوري السعودي    "التنمية المحلية × أسبوع" رصد أنشطة الوزارة خلال 13–19 يونيو 2025    وزير الدفاع الإسرائيلى: نواصل مهاجمة المنشآت والعلماء لإحباط البرنامج النووى لإيران    حريق في سيارة نقل محملة بمواد كحولية بالشرقية    "القابضة لمياه الشرب" تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية    الصحة الإسرائيلية تعلن إصابة أكثر من 2500 شخص في الهجمات الإيرانية    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    سعر الخضار والفواكه اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 فى المنوفية    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: إلاّ بورسعيد
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 02 - 2012


أسمع نباحًا ضدَّ بورسعيد..
فى مصر الآن ضباب كثيف من الجهل والكراهية والكذب والغوغائية يسمح بأن تتوه فيه الحقيقة مع سبق الإصرار والترصد..
لكن لا مؤاخذة إلا بورسعيد!
مذبحة استاد بورسعيد جريمة بشعة بكل المقاييس، لكن بدلا من أن نبحث عن المدبِّر الحقيقى والمخطِّط والمنفِّذ سواء كانوا أفرادا أو جهات ثم نحاسب الجهاز الأمنى على تواطئه سواء بالتعمد والمشاركة المباشرة أو بالإهمال والتقصير الذى يصل إلى حد الاشتراك فى الجريمة، قرر بعضنا أن يضع بورسعيد المدينة والشعب موضع الاتهام وخرجت دعاوى مخلوطة بالغضب والجهل لمقاطعتها أو إدانتها، ولا أظن ذلك أمرا بريئا ولا تصرفات ناجمة عن هوس الصدمة، بل رغبة فى صرف النظر عن حجم الإهمال الأمنى المريع وسحب اهتمام المصريين عن فداحة الانفلات الأمنى والفوضى التى يرعاها عجز الشرطة أو تواطؤها، وبدلا من أن نتوجه جميعا إلى المجلس العسكرى ونضع مسؤولية المذبحة على كتّافتَيه ونتهمه بالتقصير فى حماية أمن وسلامة المواطنين، فإن البعض -ينساق غاضبا أو جاهلا أو كارها أو حزينا وراء أطراف أمنية وبرامج رياضية تعمل فى خدمة المباحث طول عمرها وخلف منافقى المجلس العسكرى والأجهزة الأمنية- يحاول أن يجرّ المصريين نحو فتنة نفسية وقطيعة عاطفية مع بورسعيد لتحميلها كمدينة ومواطنين ذنب هذه الجريمة الواطية التى جرت على أرض استادها حتى لو كان قد تورط فى بعض خطوات تنفيذها بضعة منتمين إلى هذه المدينة!
إن المطلوب هو معاقبة بورسعيد..
ليه؟
لأنها بلد رجالة من يومها، لأنها بلد باسلة قاومت العدوان، لأنها بلد صاحبة كبرياء وعزة وكرامة، لأنها بلد كرهت حسنى مبارك وحاول أحد أهلها اغتياله، لأنها بلد لم يكسب فيها الحزب الوطنى رغم التزوير، لأنها بلد كانت تحقق أعلى نجاح للمعارضة فى كل انتخابات، لأنها بلد تحس أن رأسها برأس العاصمة، لأنها بلد لا تسكت على ظلم ولا تطيق عدوانا، لأنها بلد تعشق الفوز والانتصار، لأنها بلد تأكل بعرق جبينها وبشقاها، لأنها بلد تحملت الغربة داخل الوطن حين هجّروا شعبها تحت ضرب القنابل والصواريخ الإسرائيلية ضد مساكنها وبيوتها فتحملت عن مصر كلها المعاناة ونام أجداد وآباء البورسعيدية فى المدارس والمخيمات سنين ولم يطالبوا مصر وشعبها بثمن أو كلفة، لأنها مدينة حرة لا تطيق محافظا أو مدير أمن ظالما أو فاسدا، لأنها مدينة أبو العربى الذى ينكّت عليه المصريون من باب الغفلة والاستسلام لما يريده منا أعداؤنا، فأبو العربى هو ابن حى العرب فى بورسعيد حيث كانت المدينة قبل ثورة يوليو مقسمة إلى منطقتين، حى الأفرنجى وهو الذى يعيش فيه الأجانب من موظفى قناة السويس والشركات والبنوك الأجنبية فى شوارع واسعة نظيفة وبيوت فخيمة كبيرة، وحى العرب وهو حى المصريين الفقراء ذوى الدخل المحدود والمعدوم الذين يعانون الظلم والتفاوت الطبقى بينهم وبين الأجانب، فخلق هذا عند الشخصية البورسعيدية الإحساس بالتمرد والثورة، وهو أبو العربى بمعنى الانتماء إلى مصر والعروبة فى مواجهة الأجانب، ولما كان يفخر بذاته رغم فقره ويتحدث عن تاريخه رغم حاضره التعيس يَصِمونه بالفشر والكذب، بورسعيد التى سخرت وهزّأت قائد الاحتلال الإنجليزى اللورد أللنبى وصنعت له دمية وضعتها على أعلى صارى ولفّت بها تحرقها أمام المحتلين الأجانب، بورسعيد التى قررت أن تواجه الأندية الأجنبية التى ملأت بورسعيد تحت الاحتلال بملاعب الكرة الخاصة بالأجانب والمحتلين فجمعت مالا من فقرائها وصياديها وأنشات ناديا أطلقت عليه بوطنيتها وانتمائها الرائع «النادى المصرى»، كان فخرها الرياضى فى مجابهة ومنافسة الاحتلال الأجنبى، بورسعيد التى يوم أسرت ضابطا بريطانيا كان هو ابن عم الملكة، ويوم اغتالت قائدا إنجليزيا كان هو قائد المخابرات الإنجليزية، بورسعيد التى كان رجالها هم القوة الأساسية لكثير من عمليات اختراق صفوف العدو الإسرائيلى والتى ساعدت وشاركت فى كل عمليات الصاعقة والمخابرات ضد العدو قبل حرب أكتوبر 73.
هل المطلوب الآن أن نكره بورسعيد بسبب مجرمين خططوا على أرضها أو مأجورين ومهووسين تآمروا أو تواطؤوا أو نفذوا؟
عندما خرج آلاف من شباب الألتراس فى مظاهرات واحتجاجات ضد الداخلية وتورط الشرطة فى مذبحة بورسعيد بالتواطؤ أو الإهمال كانوا يقولون بوضوح إنهم فهموا مَن المسؤول عن المذبحة وذهبوا إلى الذى يجب أن نطالبه بدم أولادنا، كان الطريق إلى الداخلية ليس للحرق ولا للاقتحام ولا للتخريب بل لإعلان صريح واضح ناصع، أنكم أنتم يا داخلية المسؤولون وأننا يا نجيب حقهم يا نموت زيهم، لم يكن فى ذهن الشباب ساعتها أهل بورسعيد ولا المدينة رغم اتساع الجرح وعمقه وحتى الغضب الهادر ضد تعصب جمهور المصرى لا يمكن أن يمثل اتهاما للجمهور بالجريمة، بل أجواء التعصب وغباوة التشجيع لا تعنى أبدا الجرأة على ارتكاب مذبحة، فالمجرمون محترفون وتحت الطلب!
من يُرِد لنا أن نكره بورسعيد ونخاصمها ونقاطعها ونعاقبها فإنما يريد لنا ومنا أن نكره الشجاعة والكرامة وأن نخاصم أنبل ما فى تاريخنا ومعاركنا وأن نقاطع المقاومة والبسالة وأن نعاقب الشرف والعزة وأن نتغافل -ضمن هذا كله- عن عجز الداخلية وتقصيرها وجريمة التواطؤ أو الإهمال المتعمد، وأن نتجاهل دور المجلس العسكرى المسؤول عن أرواح أبنائنا وأهلنا، مطلوب إذن أن نأكل فى بعضنا ونتبادل اللعنات والطعنات والفتن والإحن بينما نترك الفاعل الحقيقى يرتع فوق جثث شهدائنا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.