إنت نازلة يوم 25 يناير؟ كثيرًا ما أسمع هذا السؤال هذه الأيام، وهو عادة ما يكون بداية لفيض من الأسئلة والنقاشات لا تختلف كثيرًا عن نفس النقاشات التي كانت تدور أيام الثورة الأولى، فكما هي الأسئلة الآن؛ وهم اللي قاعدين في الميدان قاعدين ليه؟ دول زودوها أوي. المجلس عنده حق في اللي بيعمله المفروض علشان خاطر الأمن والأمان يؤدب الناس دول (وهذا يتضمن الضرب والسحل والقتل الخطأ طبعًا). ثم تتطرق النقاشات لمواضيع أكثر لطفًا وذكاءًا مثل هي العباية كانت بزراير ولا بكباسين؟ وهم البنات بايتين ليه بره بيوتهم؟ وهو الدم اللي سال كان حقيقي ولا القتيل كان عنده أنيميا؟ إلى آخر تلك الأسئلة التي شبعناها وتمغصنا بها الأيام الفائتة... كذلك كانت أسئلة الأيام الأولى؛ وهو مبارك لما يمشي مين هييجي بداله؟ إيه اللي هيحصل في البلد بعده؟ والفتنة الطائفية؟ والمتطرفين؟ وهي المشكلة في الحاكم ولا المحكوم؟ طيب نصلح نفسنا الأول... وطبعًا يأتي السؤال الأكبر على رأس القائمتين؛ وهو معقول الجيش هيسيب الحكم؟. وكل هذه الأسئلة لا إجابة لها، لأنها وضعت ليس بغرض طلب الإجابة ولكن بغرض التشويش على السؤال الأهم والذي عندما عرفنا إجابته نزلنا في يوم 25 يناير... هل كل ما يحدث حولنا صح أم غلط؟ وإن كان غلط فلم السكوت عليه؟. في أول عام 2011 كانت الإجابة واضحة رغم الإغراق في اليأس وظلمة الطريق، كل ما كان حولنا كان غلط، ولم يكن هناك شيء واحد صواب، والسكوت على الغلط كان تفسيره شيء واحد... الخوف. وكانت ثورة 25 يناير 2011 والحمد لله، وحدث بعدها ما حدث، ودارت الأيام دورتها لنجد أنفسنا على مشارف 25 يناير 2012 ولا زال نفس السؤال يلمع وسع ركامات الاسئلة التي لا لزوم لها... هل ما يحدث حولنا صح أم غلط؟ هل مماطلة الجيش في تسليم الأمانة التي تعهد بتسليمها صح أم غلط؟ هل ضرب مواطن مصري وسحله في عرض الطريق بواسطة مجموعة من الجنود المصريين صح أم غلط؟ هل تكالب مجموعة من جنود الجيش المصريين على مواطنة مصرية وضربها وجرها من ردائها صح أم غلط؟ هل احتجاز مواطنين ومواطنات مصريين في مجلس الشورى وضربهم وإحداث عاهات بهم وقتلهم ضربًا أو بالرصاص، والقبض على آخرين وسجنهم ومحاكمتهم عسكريًا ليس لتهمة سوى أنهم ينتسبون إلى ثورة الشعب الأولى 2011 صح أم غلط؟ وكل تلك الرسائل المبعوثة إلينا عبر الصور وأخبار التحقيقات في مجازر شوارع القاهرة في الشهور الماضية والتي لم تحاكم ظالمًا ولم تطل قاتلاً بل طالت القتيل والمظلومين... هل سكوتنا عليها صح أم غلط... وهل كل ما يحدث حولنا ويدور ولا يختلف في أي من تفاصيله عما كان قبل الثورة صح أم غلط؟ وإن كان كل ذلك غلط فلم السكوت عليه؟. رغم مضي عام كامل لازلنا عند مفترق الطريق، ورغم ما يبدو من دواعٍ لليأس أننا بعد كل ما مر بنا لا زلنا عند نفس المفترق، إلا أن لدينا الآن مجلس للشعب مختار، ولدينا من وسائل الإتصال والإعلام ما اختبرناه من قبل، ويضعنا على قدم سواء مع الإعلام الذي عانينا منه سنين عمره، ونعرف الآن عن أنفسنا وعن شعبنا ما لم نكن نعرفه من قبل، ونوقن الآن في قلوبنا أن الله سيغير ما بنا إن صح عزمنا وصدقت عزيمتنا وغيرنا ما بنفوسنا من الخوف واليأس، ولم نخف غيره، ونعلم الآن علم اليقين أن الله معنا.