قرر مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم "الإخوان المسلمون" في ختام دورته العادية التي انتهت أمس - الأحد - الانسحاب من التحالف الرئاسي الذي يشاركه فيه حزب جبهة التحرير الوطني "الحزب الحاكم" والتجمع الوطني الديمقراطي "حزب الوزير الأول أحمد أويحيى" منذ فوز الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعهدة ثانية في انتخابات الرئاسة 2004. وحسم "إخوان الجزائر" بهذا القرار كثيرا من الجدل الذي ألمّ بالساحة السياسية الجزائرية حول موقفهم من التحالف، خاصة منذ تغير خطاب رئيس الحركة من الموالاة للرئيس إلى انتقاد التحالف في أكثر من مناسبة. غير أن حركة مجتمع السلم التي تعرف اختصارا ب"حمس" أبقت على خيار "دعم برنامج الرئيس وما يقتضيه ذلك من الإبقاء على وزراء الحركة في الحكومة" على حد تعبير بيان مجلس شوراها. وقبل أسبوع كان رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، تحدث لمنتسبي حركته عن "نُذُر ثورة شعبية تلوح في سماء الجزائر"، وقال إن دواعي أحداث أزمة الزيت والسكر التي هزت البلاد مطلع العام الماضي لا تزال قائمة، ودعا السياسيين الحاكمين إلى حل أزمات البلاد العديدة حلولا جذرية والابتعاد عن إعطاء المسكنات، على حد قوله. ودخل إخوان الجزائر دائرة التحالف الرئاسي عام 1999 "تاريخ فوز بوتفليقة بأول عهدة"، وكان التحالف حينها يُسمى "الائتلاف الرئاسي ثمّ رُقّي العام 2004 إلى تحالف، وقد عملت الأحزاب الثلاثة على دعم برنامج الرئيس بوتفليقة، واتُّهمت "حمس" من طرف حزب العمال وعدة أحزاب أخرى بالعمل على غلق التحالف الرئاسي في وجه الأحزاب الصغيرة ومنعها من تولي مناصب وزارية في الدولة. وحاولت الحركة التوصل رفقة شريكيها في التحالف إلى صيغة لترقية هذا التحالف إلى شراكة سياسية إلا أن رغبتها اصطدمت برفض الشريكين الفكرة من أساسها وقالا إن هذا الهيكل يلتف حول برنامج الرئيس فحسب ولا يمس أبجديات العمل الحزبي لكل طرف. وتسارعت الأحداث في العالم العربي خلال العام الماضي، حيث انفجرت الثورات العربية وخلصت إلى فوز الإسلاميين بالانتخابات في كل من تونس والمغرب ومصر، وهو ما جعل إخوان الجزائر يغيرون من خطابهم، حيث توعّدوا باكتساح الساحة السياسية خلال الانتخابات المقبلة وحذّروا في الوقت ذاته من انتقال الثورات العربية إلى الجزائر إذا ما استمرت الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد على ما هي عليه. ووفقا لمراقبين فإن كل هذه العوامل ضاعفت الهوة بين "حمس" وشريكيها، وهو ما انتهى اليوم إلى إعلان الطلاق النهائي معهما، وتقول "حمس" إنها ستنضم إلى الشارع بعد تجربة ليست طويلة في إدارة بعض الملفات في البلاد. وقبيل إعلان حمس خروجها من التحالف، كان الوزير الأول أحمد أويحيى هوّن من الأمر وصرّح ساخرا "أخرجوا فنحن متحالفون على برنامج رئيس وليس على مناصب، وخروجكم لا يؤثر في برنامج الرئيس في شيء"، أما شريكه الآخر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم فقال قبل أسبوع "لم نربط أحدا بالسلاسل.. نحن لا نرغم أحدا على البقاء".