عندما طلبت من النائب العام استدعاء رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور كمال الجنزوري للتحقيق معه حول تخصيصه مائة ألف فدان للأمير الوليد بن طلال في منطقة توشكي.. كان هدفي هو استجلاء الحقيقة..وأن يتكلم الجنزوري عن قصة هذا التخصيص..وأن يشرح للرأي العام تفاصيل هذا العقد المخزي مع الأمير.. وبالتالي لم أكن لأطعن في ذمة الجنزوري قبل التحقيق معه. لكن رئيس الوزراء الأسبق كشف في اليوم التالي لإحدي الصحف قصة هذا العقد..وتكلم كثيرا لكن ليته ما تكلم..فقد ذكر مثلا أن عقد الوليد بن طلال.. لاستصلاح مائة ألف فدان لم يعرض علي مجلس الوزراء في ذلك الوقت..لأن مثل هذه التعاقدات هي حق أصيل للوزير المختص (يقصد وزير الزراعة وقتها الدكتور يوسف والي). وأود أن أسأل الدكتور الجنزوري:هل يعقل أن تعاقدا بمثل هذه الأهمية واتساع المساحة المستصلحة والممنوحة للأمير والبالغ حجمها مائة ألف فدان..لا يتم عرض العقد الخاص بها علي مجلس الوزراء؟! وإذا كانت مثل هذه التعاقدات لا تعرض علي مجلس الوزراء..فما الذي يعرض علي المجلس إذن؟ ثم يا دكتور جنزوري..المعروف عنكم أثناء عملكم رئيسا للوزراء..أنكم كنتم تدسون أنفكم في كل شيء داخل دولاب العمل التنفيذي للحكومة..سواء صغر هذا الشيء أم كبر..وتهتمون بتفاصيل التفاصيل..فكيف لي أن أقنع بإجاباتكم..بأن قرار تخصيص الأرض للوليد بن طلال..هو ما تم عرضه فقط علي مجلس الوزراء؟ أما الأهم وهو التعاقد فقد جري بعيدا عن أعينكم وداخل دهاليز وزارة الزراعة. كيف لي أن أقتنع بتصريحاتكم يا دكتور كمال..والكل يعرف كيف كان اهتمامكم بمشروع توشكي..وزياراتكم المستمرة مع الرئيس مبارك إلي أرض المشروع..ومن ثم لا يمكن أن يكون هناك مشروع يشغل مثل هذا الحيز من اهتمامكم ولا تعرفون تفاصيله..من الذي باع..ومن الذي اشتري..وتفاصيل تلك التعاقدات..وأشياء أخري من هذا القبيل؟ أما أهم ما جاء في تعليق د.الجنزوري علي عقد الأمير..فكانت إشارته إلي الفاصل الزمني بين قرار تخصيص الأرض الذي أصدره مجلس الوزراء وبين إبرام التعاقد مع الأمير..وهي فترة بلغت عاما ونصف العام..ولا أعرف لماذا لم يسأل رئيس الوزراء الأسبق نفسه..فيم كان هذا الفاصل الزمني الطويل..ولماذا لم يتم التعاقد مع الوليد فور صدور قرار التخصيص..وهل هناك تفاصيل دارت حول وأثناء هذا التعاقد؟ بمعني آخر..هل كانت هناك صيغة تعاقد أخري قدمتها وزارة الزراعة لسمو الأمير لكنه رفضها..وفرض شروطا جديدة للتعاقد..فحدث فصال ونقاش إلي أن خرج العقد في صورته التي ارتضاها الأمير وقرأناها..وما مسودة التعاقد الأولي..وإلي متي يستمر التعتيم علي أمثال تلك التعاقدات والتي لا تري النور إلا بعد غرق السفينة بمن عليها..فنحن لم نعرف -علي سبيل المثال- تفاصيل تخصيص وبيع أرض مدينتي (2200فدان) إلا بعد أن طالب بعض المحامين بالحصول علي نسخة منه.. أثناء نظر قضية مقتل سوزان تميم..كما أن تفاصيل عقد الأمير في توشكي..لم (تر) النور إلا بعد أن تم تسريبها من داخل جهة ما في الدولة. لانعرف حتي الآن لمصلحة من تم تسريب عقد الأمير..لكن المؤكد أن التسريب لم يكن بهدف إحراج الجنزوري أو يوسف والي..والذهاب بهما إلي النائب العام..لأنهما ظلا محافظين علي العهد منذ خروجهما من الوزارة..ولم نعد نسمع عنهما شيئا..كما أنهما التزما الصمت ولم يقولا شيئا..يكشف لنا ما يكون قد خفي عنا. دكتور جنزوي انتظرنا أن تتكلم (بجد)..لكن ليتك صمت..لأنك لم تقل شيئا.