العدالة، تلك الكلمة التى لا يختلف عليها اثنان، أصبحت بين ليلة وضحاها سبيل الأحزاب الإسلامية لكسب تأييد الشارع وضمان مزيد من الأصوات فى الانتخابات، فبين حزب العدالة والتنمية فى تركيا وحزب الحرية والعدالة فى مصر، وحزب العدالة والرخاء الإندونيسى، قواسم مشتركة، ليس فى السياسات التى يتبعها كل حزب، ولكن فى محاولات استقطاب الشعوب إلى الكلمة التى طالما حرمتهم منها الأنظمة المستبدة، ويكفى أن نداء الثورات العربية الأول «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية». صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية ناقشت إمكانية فوز الإسلاميين فى أول انتخابات حرة فى المنطقة، لكن من زاوية مختلفة عن أخواتها من الصحف الأمريكية، فنراها تبنت وجهة نظر تقول إن الإسلاميين فى الشرق الأوسط هم المستفيدون الرئيسيون من الديمقراطية، وإن السبب فى نجاح الإسلاميين هو استخدامهم كلمات قادرة على جذب الشعوب العربية لما تمثله لهم من معيار للحكومة الجيدة، ككلمة العدالة التى استخدمها كل من حزب العدالة والتنمية فى تركيا، وحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وكذلك حزب العدالة والرخاء فى إندونيسيا، مشيرة إلى أن ادعاء الإسلاميين العدالة قد يكون سببا قويا فى حصدهم لنجاحات انتخابية فى المستقبل، خصوصا مع فشل الحركات العلمانية فى تقديم صورة جيدة فى عالم السياسة أمام تنظيم هذه التيارات. الصحيفة اعتبرت أن الإسلاميين فى الشرق الأوسط هم المستفيدون الرئيسيون من الديمقراطية، وبدأت البحث عن السبب وراء ذلك، مشيرة إلى أن معظم الإجابات السائدة ليست كافية، وإن صحت، مثل الإسلاميين، عاشوا فترات قمع عانوا منها أكثر من غيرهم، فى ظل الأنظمة الاستبدادية، حتى عندما يُطرح السؤال الأكثر عمقا، وهو ما أسباب خسارة العلمانيين منذ سقوط مبارك أمام الحشد الإسلامى؟ مثل الاستفتاء على الدستور وفوز الإخوان فى الانتخابات النقابية وحتى كون التيارات الإسلامية الآن هى الأكثر تنظيما من غيرها فى الانتخابات البرلمانية، تكون الإجابة أن القيم العلمانية لم تأخذ فرصتها للتغلغل فى جذور البلدان العربية ذات الأغلبية المسلمة. وأشارت الصحيفة إلى أن السبب الحقيقى هو فشل الحركات العلمانية فى تقديم صورة جيدة فى عالم السياسة أمام تنظيم هذه التيارات، حتى إن توم فريدمان فى صحيفة «نيويورك تايمز» قال إن سيطرة الإخوان المسلمين فى الأردن أو مصر على مستقبل الشرق الأوسط لا تقلقه، لكن العلمانيين يحتاجون إلى الوقت حتى يكونوا بنفس التنظيم الذى عليه تلك التيارات الإسلامية. وعن الجدل الذى يثيره البعض حول «إسلامية الثورة»، نقلت الصحيفة عن أوليفييه روى، خبير شؤون التشدد الإسلامى بالمركز الوطنى الفرنسى للأبحاث العلمية، قوله إن الثورة المصرية ليست إسلامية ولا يعنى ذلك أن الثوار علمانيون، لكنهم فى الوقت نفسه لا يرون فى الإسلام الأيديولوجية القادرة على خلق عالم أفضل، مما دفعهم إلى العمل فى الفضاء السياسى العلمانى، فى إشارة إلى أن هذا الجيل هو جيل آخر من الإسلاميين يختلف عن سابقيه، وقادر على تخطى ما انحصر فيه قادته، سواء كان داخل الجماعة وأنشطتها أو داخل المسجد ودعوته.