قالت الدكتورة "نادية مصطفى"- رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن ما حدث في سيناء هو تهديد خطير لأمن مصر، و اختراق الحدود تهديد للسيادة المصرية، و يستدعى التحرك من الجيش بسرعة، ، و يجب تعديل كامب ديفد، و التفكير في اجرائات تصاعدية مع إسرائيل، وهذا الزخم الشعبي من أجل إلغاء كامب ديفد و طرد السفير الإسرائيلى طبيعي، و يجب أن تعرف إسرائيل أن العلاقة التي كانت تحظى بها من النظام السابق قد انتهت، و هذا ليس معناه دق طبول الحرب، و لكن يجب اتخاذ مواقف حازمة، و موقف المجلس العسكري و الحكومة ليس حازما، و تم أصدرا العديد من البيانات و تم سحبها، وهذا دليل على عدم استقرار عملية صنع واتخاذ القرار‘جاء ذلك خلال ندوة "الأبعاد الخارجية لثورة المصرية " التي أقيمت أمس في ساقية عبد المنعم الصاوي بالتعاون مع مركز الحضارات للدراسات السياسية و التي أدارها الدكتور عصام عبد الشافي. قالت مصطفى : " فوجئت من أن السفير محمد بسيوني و الدكتور نبيل فهمي و الدكتور أحمد عبد العليم و اللواء حسام سويلم و اللواء محمد قدري سعيد كانوا يطالبون في الأيام الماضية بإعادة النظر في اتفاقية السلام، و هؤلاء هم نفس الرموز الذين كانوا يتحدثون عن ضرورة السلام مع إسرائيل، و لم يأتي على لسانهم في يوم من الأيام أن اتفاقية كامب ديفد بحاجة إلى تغيير، و فجأة تحدث الجميع عن الحاجة لتغييرها، و تحولت توجهاتهم من مدافعين عن ضرورة الحفاظ على السلام المصري الإسرائيلى بأي ثمن، إلى مؤيدين الآن إلى إمكانية التعديل". وأشارت إلى أن هناك فجوة بين توقعات الناس، و بين المواقف الرسمية للمجلس العسكري و الحكومة، و هم متذبذبين بين استقلال مصر و تبعيتها، و هو ما ظهر في الفترة الأولى للثورة من خلال وزارة الدكتور نبيل العربي و تصريحاته عن أن كامب ديفد ليست وثيقة أبدية، حتى تم اختطافه من وزارة الخارجية، و إيداعه في الجامعة العربية ليتم تجميده، و العربي تم إقصائه و ليس حرصا على الجامعة العربية، و لكنها كانت ضغوط من بعض الأطراف الخارجية و خاصة العربية، لقمع التوجهات الخارجية الجديدة للثورة المصرية. وأضافت : " أن الموقف الرسمي المصري المعلن تجاه الثورات العربية ضعيف جدا وغير واضح، و الموقف من ليبيا بطيء وضعيف، ولا يوجد تصريح مصري ساند الثورة السورية، و استمرار إطار أقليمي غير مستقر حول الثورة المصرية في منتهى الخطورة، و الثورة سوف تعيد تغيير السياسة الخارجية لمصر، و لكن هذا التغيير يتم بطريقة تدريجية في محاولة لأن يكون توافقيا، و يجب أن يكون لدينا توجه استراتيجي جديد يقوم على الاستقلال و المبادرة و القيادة الإقليمية، لأن إسرائيل لها رؤية للثورة المصرية و للثورات العربية مفادها أن هذه الثورات ستتحول إلى فوضى داخلية تأكل بعضها بعضا، و هي تراهن على هذا ". وكشفت مصطفى أن تحرير الحركات و التيارات الإسلامية من قيود المشاركة في الحياة السياسية، هو أمر أساسي اتسمت به الثورات العربية و الثورة المصرية بصفة خاصة، لأن هذه التيارات كانت مقيدة و محبوسة وممنوعة من الممارسة الطبيعية للعبة السياسية و هذا في قلب التحديات التي تواجه القوى الغربية، بحيث يثار تسأول ما هو النمط من الديمقراطية التي ستسمح بها الدول الغربية في المنطقة، هل هو نموذج ديمقراطي تشارك فيه الحركات و التيارات والأحزاب الإسلامية و يكون فيه للدين بصفة عامة وضع في المجال العام و اللعبة السياسية أم لا. واستطردت أن أمريكا قالت أنها بدأت في حوار مع التيارات الإسلامية المعتدلة، و يقصدون بها هذه المرة جماعة الإخوان المسلمين، و هو ما يدفعنا لسؤال هل قبل الغرب أن يكون هناك علاقة بين الإسلام و السياسة، أم أن هذا تكتيك مثلما حدث من قبل في أفغانستان بمساندة المجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي حتى سقط، ثم تحول المجاهدين إلى إرهابيين، و أصبح قائد المجاهدين هو قائد الإرهابيين. وعن المعونات الأجنبية قالت: " أن المعونات للمجتمع المدني و التحول الديمقراطي، هي معونات موجهة للقوى اللبرالية و المدينة، في مواجهة، الريالات السعودية الموجهة للقوى و التيارات الإسلامية في مصر، و لكن رسميا السعودية تنفي قيامها ، و هو ما يشبه رد إيران على اتهامها بالدعوة للتشيع وقولها أنها لا تفعل هذا كحكومة، على عكس أمريكا و الاتحاد الأوربي، فهذه المعونات سياسات رسمية، و السعودية هي من تمول السلفيين لكي يزيدوا من تعقيد الحياة السياسية في مصر و تحدياتها". وعن المعونات الرسمية للحكومة المصرية قالت: "أنها معونات مشروطة ستظل كذلك، وعلى الرغم من أهميتها بالنسبة لحالة الاقتصاد المصري في هذه المرحلة، من المفترض أن الثورة المصرية التي قامت على الموارد و الجهود الذاتية و الشعبية، كانت يحب آن تتجه بالأساس إلى طاقتها الذاتية من أجل دعم و حماية اقتصادها، أكثر من لجوئها إلى الخارج الذي سيظل علامة للتبعية، و التحالف الأمريكي مع دول الخليج قوى للغاية و هو ما تقوم أمريكا بتوظيفه و الضغط به عن طريق المعونات و العمالة المصرية". وأضافت :"الثورات الوطنية عمل داخلي بالأساس، و لكنها ليست عملا داخليا فقط لأنها تتأثر بالإطار الخارجي و النظام الدولي على مستوى القوى الكبرى المهيمنة، و القوى الإقليمية على المستوى العربي و الإسلامي و الإفريقي، والنظام الدولي و القوى الغربية تتدخل دائما عبر التاريخ في كل أنماط الثورات التي حدثت في المنطقة، أما لإجهاض الثورات أو لاحتوائها، أو لتغيير مسارها، أو أحيانا منعها، و يجب أن نعي كيف سيكون تدخل النظام الدولي المحيط في الثورة المصرية و بأي آليات، لأن القوى الغربية انتقلت من التذبذب و المراقبة، إلى إعلان التأييد المشروط للثورة المصرية، و إدعاء الأبوة لها و محاولة تبنيها، و الانتقال إلى الداخل من أجل احتوائها، و يجب معرفة كيف ستتوجه مصر الثورة نحو الخارج". وطرحت مصطفى العديد من تساؤلات عن ماذا يدور بين المجلس العسكري و أمريكا و الاتحاد الأوربي في الكواليس و الاجتماعات المغلقة، و إذا ما كان المجلس العسكري يثير فزاعة الإسلاميين، و ما يقال عن الضغوط السعودية لعدم محاكمة مبارك، و مستقبل السلام مع إسرائيل، و موقف الدول الكبرى من الأموال المنهوبة من مصر.