أصدر مؤخرًا مجموعة جديدة من أذون الخزانة نيابة عن المالية لعجزها في الموازنة العامة رغم عمله لأكثر من 20 عامًا في أكبر البنوك الأمريكية حتي تولي منصب نائب رئيس بنك «أوف نيويورك» فإنه عندما عاد لمصر وتولي مهمة رئاسة البنك المركزي، لم يسلك درب غيره من المسئولين رافضًا تطبيق القواعد والمعايير التي تستخدمها البنوك الأمريكية التي عمل بها لقناعته أن ما يصلح للتطبيق في أمريكا لا يصلح تطبيقه في مصر عملاً بمبدأ أن لكل مجتمع ظروفه، بهذا الموجز البسيط، يمكننا الحديث عن الدكتور فاروق العقدة - محافظ البنك المركزي المصري - الذي أصدر مؤخرًا مجموعة من أذون الخزانة وصلت قيمتها إلي 10.5 مليار جنيه، نيابة عن وزارة المالية لصالح تمويل عجز الموازنة العامة. استهل الدكتور فاروق مهمته في البنك المركزي بخطة إصلاح طويلة للقضاء علي الأيام السوداء للدولار، محققًا بسياسته العلمية استقرار سعر الصرف، فضلاً عن إصلاح البنوك المصرية وتقويتها ودعم المؤسسة الرقابية «البنك المركزي» لتكون رقابته أكثر فاعلية علي البنوك، ثم وضع قواعد ائتمان محددة ومصرفية، ونجح بذلك في تكوين احتياطي نقدي حقيقي وصل إلي «35 مليار دولار»، كما نجح في التعامل مع قضية القروض المتعثرة التي قدرت بنحو 100 مليار جنيه بنسبة 90% بينها 30% سدادًا نقديًا. ونجحت خطته في تغطية عجز المخصصات في البنوك العامة، وأنقذ بنوكًا مصرية كادت تفلس بخطة محكمة، كما أدخل بعض الأساليب البنكية بين البنوك بعضها البعض فيما يسمي ب «الانتربنك» ولم يساند «العقدة» لوبي التخلص من السيولة الكبيرة في البنوك «أكثر من 500 مليار جنيه»، حيث تدخل بحزم ليضع سقفًا للقروض العقارية في أي بنك، بحيث لا تزيد علي 5% من محفظة البنك. وحتي ندرك أهمية توابع قرار د. فاروق يجب الرجوع بالذاكرة وإدراك أن بذرة الأزمة العالمية بدأت بأزمة سيولة ضخمة دفعت البنوك الأمريكية لزيادة الإقراض العقاري بالمخالفة لقواعد الإقراض، وهذا ما جعله يوقف قروض القطاع الخاص بضمان الشركة القابضة لعدم امتلاكها أسهمًا لضمان القرض، وقد جلب عليه القراران السابقان غضب عدد كبير من كبار رجال الأعمال، وبنفس الطريقة الحاسمة وضع «العقدة» قواعد للاقتراض من البنوك بضمان أسهم البورصة رغم اعتراض نجوم الحكومة وحزبها الساعين لدعم البورصة المصرية، وهو ما أهله للحصول علي أكثر من جائزة عالمية وإقليمية في المجال المصرفي، ومنها جائزة أحسن شخصية مصرفية عربية لعام 2005، كما اختارته مؤسسة اليورومني كأفضل محافظ في منطقة الشرق الأوسط.