بالتأكيد كل من رحل من شهداء الثورة ترك أثراً على كل شبر من أرض هذا الوطن، وكان سببا في إسعاد هذ الشعب وعودته للحياة، وقد يكون حجم الحزن هنا ومداه كبيراً ليترك في نفوسنا جميعاً جرحاً عميقاً وحسرة في قلوب أبناء هذا الوطن.؟ هكذا حالنا: حزن على شهداء الثورة، بعد مرور أكثر من ستة أشهر على قيامها، فالحزن نال منا لرحيل هؤلاء الشرفاء الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنبقى نحن نحيا أحراراً نتمتع بحقوقنا كاملة التي كفلها لنا الدين والشرع والقانون. ومايزيد من حزننا أن نرى القاتل حراً طليقاً لاتطاله يد القانون ليحاسب على إزهاق أرواح أبناء هذا الوطن دون ذنب..فإذا كنا رأينا الرئيس المخلوع وحاشيته يحاكمون لأنهم حرضوا على قتل الشهداء، فأين الأداة التي نفذت بسلاحها هذه الجريمة الشنعاء بما يعرفون ب"القناصة".؟..ولماذا لم تصل إليهم يد العدالة حتى هذه اللحظة؟ على الرغم من تأكيد أكثر من مصدر صاحب ضمير في وزارة الداخلية بأنهم معروفون بالاسم ..وتحديداً من فلول جهاز مباحث أمن الدولة المنحل..فالأمر يثير الريبة والشك بأن هناك من يقف دون الوصول إلى هؤلاء المجرمين، وإلا لماذا لم نَرَهم حتى الآن وهم خلف القضبان جنباً الى جنب مع من حرضوهم. فالمحاكمات الجارية والتي ستجرى لن تستقيم وستبقى منقوصة دون اكتمال جميع أضلاع المربع،فقتلة الشهداء طلقاء أحرار يعيشون بين ظهرانينا دون أن تمسهم يد العدالة، وهذا مايزيد أهل الشهداء والشعب حزناً على حزنهم لفراق هؤلاء الأبطال، وأمر الكشف عن هؤلاء القتلة ليس بالصعب لو أن هناك أصحاب الضمائر ممن شاركوا في الجريمة تقدموا بشهادتهم لينال كل مذنب جزاءه الذي يستحقه، كما نرى في كثير من البلدان غير المسلمة من الدول المتحضرة عندما نجد أشخاصاً لايحجبون شهادتهم لو أدى الأمر لسجنهم أو إعدامهم..فهم يرون بعد نوبة صحيان للضمير أن للمجتمع الذي يعيشون فيه حقاً عليهم ولابد من تقديم يد العون للعدالة بكشف الحقائق ووضعها أمام الرأي العام دون خجل منهم فقد ترتاح ضمائرهم بعد ذلك. لكن يبدو أن هؤلاء المجرمين الذين تلوثت أيديهم بدماء الشرفاء لم يصل اليهم الندم بعد ولن يصحو ضميرهم يوم ما.. ليبقى الأمر في طي الكتمان وقد تتجاوزه السنون ويطويه النسيان، وليتهم يعلمون أن من رحل من أبناء هذا الوطن، جاء رحيله من أجلهم، على الرغم من وجودهم في موقع المسؤولية، وهم الذين لم ينالوا حريتهم رغم صولجانهم وجبروتهم فهم في النهاية كانوا أداة في يد الطاغية المتواجد خلف القضبان الآن، لكنهم لم يفرقوا بين الزمن الرديء والزمن الطيب المفعم بنسيم الحرية، ويأمل الملايين من ابناء هذا الشعب ان يخرج علينا واحد من هؤلاء ليقدم شهادته للرأي العام معلناً ندمه في صحوة ضمير قد تضاهي حجم هذه الثورة وانجازاتها أم أن الضمائر ماتت ودفنت في عهد المخلوع.