كان من الممكن أن ينتهي تقرير الاستشاري الأجنبي إلي عدم صلاحية الضبعة لإقامة المحطة النووية.. وكان ممكنًا أيضًا تأجيل القرار المصري بدخول نادي الدول المنتجة للطاقة السلمية نوويًا.. وكان ممكنًا كذلك بيع أرض الضبعة لرجال الأعمال.. كل ذلك وأكثر كان واردًا.. لكن أن يتم تغيير قرار وطن لمصلحة أحاد الناس فهذا هو عين الفساد. القضية تجاوزت الضبعة كموقع مرجح لإقامة أول محطة نووية.. وتحولت إلي سؤال كبير حول مدي خضوع القرار السياسي لأصحاب السطوة والنفوذ.. بعيدًا عن المصلحة العليا للبلاد.. فما الذي يمكن أن نفهمه.. عندما نقرأ عن زيارة خبراء مصريين في الطاقة النووية منطقة سيدي براني الخميس الماضي.. ألا يعني ذلك أن الحكومة المصرية قد صرفت النظر نهائيًا عن إقامة أول محطة نووية في منطقة الضبعة.. وأنها خضعت لسطوة أصحاب النفوذ.. وباتت تبحث عن موقع بديل للضبعة لإعلانه للرأي العام؟! خبر الزيارة الذي نشره موقع اليوم السابع (السبت 30يناير) لم يكن مفاجأة.. حيث بات المهتمون بقضية الضبعة يشعرون منذ فترة بكثير من الشكوك حول تلك القضية.. خاصة أن كثيرًا من الشواهد جعلت الشك يقينًا.. منها مثلاً تأخر صدور تقرير الاستشاري الأجنبي حول صلاحية موقع الضبعة للمشروع.. رغم أن ديسمبر الماضي كان الموعد النهائي لإعلان التقرير.. كما أن وزارة الكهرباء قد تسلمت مسودة التقرير ولم تعلنه.. أما الأهم من هذا وذاك فهو انتقال خبر إعلان التقرير من وزارة الكهرباء إلي رئاسة الجمهورية. الرأي العام تابع ومنذ شهور الحملة الشعواء التي شنها بعض كبار أصحاب المال والنفوذ في البلد.. بهدف منع صدور قرار اختيار الضبعة لإقامة المحطة النووية.. وساقوا بعض التبريرات التي تؤيد وجهة نظرهم.. وكان لأهل الخبرة والاختصاص - أيضًا - رأيهم الفني والعلمي حول أهمية الضبعة كموقع صالح لإقامة المحطة. لست متخصصًا لإصدار فتوي علمية في هذا الموضوع.. لكن أكتب كمصري يري غيابًا تامًا للشفافية ونزاهة القصد في قضية الضبعة.. كما أري وبألم شديد مدي سيطرة وتوحش رجال البيزنس والمال في مصر.. حتي أصبحوا يتحكمون في صناعة القرار السياسي بل توجيهه إلي ما يريدون. الضبعة لم تعد مجرد موقع لإقامة محطة نووية.. بل تحولت إلي معني يريد معه المواطن البسيط أن يتأكد هل لا يزال يعيش تحت مظلة دولة ترعي مصالحه العليا أم أنه يعيش تحت قيادة جمعية للمنتفعين من خيرات هذا الوطن؟! إنني أرجو الرئيس مبارك شخصيًا وبعد انتقال ملف الضبعة من وزارة الكهرباء إلي رئاسة الجمهورية أن يطالب الحكومة بمكاشفة الرأي العام بكل التفاصيل حول ما جري ويجري في ملف الضبعة وإلزامها بما يلي: 1- نشر مسودة التقرير النهائي للشركة الاسترالية عن الضبعة.. ثم إعلان التقرير النهائي للاستشاري الأجنبي. 2- الكشف عن سبب زيارة خبراء الطاقة النووية منطقة سيدي براني.. ولماذا لم يتم الإعلان عن تلك الزيارة في وسائل الإعلام بشكل رسمي. 3- كم ستتكبد الخزانة العامة جراء نقل مشروع المحطة من الضبعة إلي سيدي براني أو إلي أي مكان آخر.. وكم تكبدنا ماديًا لدراسة مدي صلاحية الضبعة كموقع لإقامة المحطة النووية.. وكم تكلفة نقل المحطة إلي مكان بديل؟ 4- أسباب انتقال ملف الضبعة وإعلان التقرير النهائي عنها من وزارة الكهرباء إلي رئاسة الجمهورية؟. 5- إلي من ستذهب أرض الضبعة بعد استبعادها لإقامة المحطة النووية.. وكم سيبلغ الثمن الإجمالي إذا تم بيعها.. وهل سيكون خمسين مليار جنيه.. أم سيتم البيع بثمن بخس.. وهل ستوجه الحكومة المبلغ لإقامة محطات نووية؟. إجابة الأسئلة السابقة ستكشف للمواطنين.. لصالح من يصدر القرار في البلاد.. للمال أم للوطن؟.