للمرة الثانية علي التوالي، جاءت ردود الأفعال علي ما كتبته في «الدستور» حول بيع أرض الضبعة سريعة وغاضبة من مختلف الاتجاهات. فقد كتبت مقالا الأسبوع الماضي بعنوان: في الضبعة.. البيع ليس الحل! فندت فيه مبررات بيع أرض منطقة الضبعة لتمويل بناء أول محطة نووية مصرية. وعقب النشر، اكتشفت من المكالمات واللقاءات والردود التي تلقيتها علي بريدي الإلكتروني أن وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي هو الأكثر حماسا داخل مجلس الوزراء لبيع تلك الأرض وتحقيق دخل للموازنة العامة للدولة، يؤيده في هذا الرأي وزير السياحة زهير جرانة الذي يتعرض لضغوط من رجال أعمال متنفذين في الحزب الوطني الحاكم علي رأسهم الدكتور إبراهيم كامل أبو العيون صاحب فندق غزالة الملاصق لمنطقة الضبعة علي الساحل الشمالي. ويقف علي الخندق الآخر وزير الكهرباء الدكتور حسن يونس مدعوما من رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف المدعوم بدوره من الرئيس مبارك شخصيا، في موضوع الضبعة بالذات. لدرجة أن تسريبات أفادت أن الرئيس حذر أبو العيون شفهيا بالقول: «ابعد عن الضبعة يا إبراهيم»!! المؤيدون لبيع أرض الضبعة يؤكدون أن وجود المحطة النووية في منتصف الساحل الشمالي تماما ( الكيلو 151 ) سوف يعرقل المشروعات والاستثمارات السياحية، ويقسم الساحل الشمالي إلي جزءين، كما يشيرون إلي العامل النفسي حيث يؤدي إنشاء المحطة إلي نوع من الخوف وتطفيش الاستثمارات والمستثمرين والسائحين من المنطقة، للإحساس الدائم بهواجس المحطة. من جانبه، اتهم الدكتور محمد عزت عبدالعزيز، الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية، كل من يدعو للتخلي عن موقع الضبعة أو تحويله إلي مجال الاستثمار السياحي ب « التآمر علي مصر وبرنامجها النووي»، مؤكدا أن الهدف من وراء الدعوة لدراسة مواقع بديلة هو «إثناء مصر عن بناء محطات نووية»، ووراءه مؤامرة تستهدف إجهاض المشروع. المؤيدون لبيع أرض الضبعة لم يصمتوا ولكنهم أثاروا اعتراضات علمية وفنية علي إنشاء المحطة في هذه المنطقة مثل اتجاه الرياح التي تهب من منطقة المحطة إلي الدلتا والوادي وتعرض البلاد لمخاطر كبيرة عند حدوث أي مشكلة تسرب. ولكن المعارضين للبيع من العلماء المتخصصين وصفوا تسرب الغازات من المحطة علي سكان الساحل الشمالي والدلتا بأنها « مزاعم جاهلة»، وقال الدكتور محمد عزت عبد العزيز إن اختيار الضبعة جاء بعد دراسات وافية منذ عام 1986 تكلفت 500 مليون جنيه، وقام بها بيت خبرة عالمي سويسري هو (موتوركولمبوز)، والذي قام بدراسة الضبعة ضمن 11 موقعا وتوصل إلي أن الضبعة هي أنسب مكان للمحطات النووية. والسؤال الذي لم يجب عنه الأستاذ كرم جبر عندما طرح الموضوع في مقاله بروزاليوسف يوم 3 سبتمبر الماضي هو: هل ستخصص تلك الأرض لإقامة محطة نووية أم قري سياحية، وهل من المصلحة القومية العليا أن تقام المحطة في مكانها أم يتم نقلها إلي مكان آخر واستكمال سلسلة المشروعات السياحية؟ الإجابة جاءتني من وزارة الكهرباء والطاقة التي أكد مسئول كبير فيها- رفض ذكر اسمه- أن القضية حسمت لمصلحة إقامة أول محطة نووية مصرية في تلك المنطقة التي تستوعب 4 محطات، وأن تقرير شركة «وورلي بارسونز» الإسترالية - استشاري المشروع - توصل إلي تلك النتيجة. كشف المصدر أن الوزارة تلقت التقرير يوم 23 ديسمبر الماضي وشكلت لجنة برئاسة الدكتور إبراهيم ياسين - رئيس هيئة الطاقة النووية - وعضوية خبراء الهيئة لدراسة تقرير الاستشاري وتحديد اجتماع لتقديم ملاحظاتهم يقوم بعده الاستشاري بالعمل علي تلك الملاحظات وتقديم تقرير نهائي يرفع إلي وزير الكهرباء حسن يونس الذي يرفعه بدوره إلي رئيس الوزراء الذي يتولي رفعه إلي الرئيس مبارك. وكان الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة قد أعلن أمام لجنتي الطاقة بمجلسي الشعب والشوري عن عدم إمكانية إعلان مصير موقع الضبعة النهائي إلا بعد تسلم تقرير الاستشاري العالمي واستبيان رأيه حول صلاحية الموقع لبناء محطات نووية قبل نهاية ديسمبر الماضي. وكتبت في «الدستور» الأسبوع الماضي عن تأخر وزارة الكهرباء والطاقة في الإعلان عن الموقف النهائي من أرض الضبعة التي تمتلكها وزارة الكهرباء بالكامل بموجب قرار تخصيص من رئيس الجمهورية يحمل رقم 309 لسنة 1981، وعلقت مسئولية إتمام المشروع في رقبة رئيس الوزراء ووزير الكهرباء والطاقة وطالبتهما بعدم الرضوخ لأي ضغوط. المصدر المسئول في الوزارة طمأنني إلي أن المشروع سيتم الإعلان عنه نهائيا خلال شهر يناير الجاري.. نتمني ذلك. كلمة أخيرة: بمناسبة انتهاء الفصل الأول من قضية الفنان نور الشريف بصدور حكم بالحبس والغرامة ضد المسئولين عن نشر أخبار كاذبة تسيء لرموز الوطن، أقدم تهنئتي للفنانين المحترمين، الذين دافعوا عن كرامة المصريين جميعا ضد قلة تسعي وراء الشهرة بأي ثمن. تحياتي لكل من ساند قضية الفنانين العادلة وعلي رأسهم المخرج المبدع حسني صالح الذي تألق في أولي تجاربه الإخراجية في مسلسل «الرحايا- حجر القلوب» واستطاع أن يقدم عملا يرشحه للوقوف بجدارة في الصفوف الأولي للمخرجين المتميزين في مصر.