«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضبعة بين المشروع النووي والوهم السياحي‏!!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 01 - 2010

ينبغي أن يكون التقرير العلمي حول استمرار صلاحية منطقة الضبعة في الساحل الشمالي لإقامة أول محطة نووية مصرية هو المعيار الوحيد في حسم الجدل الذي آثاره سعي بعض المستثمرين إلي إقامة مشروعات سياحية في هذه المنطقة‏.‏ ويفترض أن يكون الاستشاري العالمي ورالي بارسونز‏(‏ استرالي الجنيسة‏)‏ قد سلم تقريره إلي وزارة الكهرباء والطاقة قبل أيام‏,‏ وأن تكون عملية مراجعته بمعرفة خبراء مصريين قد بدأت‏.‏ فالدراسة التي أجريت في بداية ثمانينيات القرن الماضي من جانب شركة فرنسية وخبراء مصريين‏,‏ وانتهت إلي أن منطقة الضبعة هي الأكثر صلاحية لإقامة محطات نووية‏,‏ مضي عليها أكثر من ربع قرن جرت خلالها مياه كثيرة في نهر الطاقة النووية‏,‏ ولذلك فمن المنطقي التأكد مجددا من أن هذه المنطقة مازالت ملائمة فعلا لإقامة أول محطة نووية مصرية‏.‏ ولكن المنطق يقضي أيضا بأن تكون الدراسة الجديدة هي وحدها المعيار الذي يتم علي أساسه اتخاذ القرار بشأن إقامة أول محطة نووية‏,‏ بمنأي عن أي تدخل من أية جهة وبعيدا عن مصالح بعض المستثمرين أو غيرهم‏.‏
ويقول المنطق أيضا إنه لا مجال هنا لخلط الأوراق حين تكون المصلحة الاقتصادية العامة والأمن القومي في جانب وبعض المصالح الاقتصادية الخاصة في الجانب الآخر‏,‏ فلا مجال هنا لوضع إقامة محطة‏(‏ أو محطات‏)‏ نووية في الضبعة في مقابل الاستثمار السياحي‏,‏ ولا لايجاد تعارض بين خياري الأمن القومي والتقدم الاقتصادي‏,‏ ليس فقط لأن هذا التقدم لا تصنعه السياحة بالرغم من أهميتها ولكن أيضا لأن المشروع النووي المصري يجمع الخيارين معا‏.‏ كما أنه لم يعد ممكنا في عصرنا الراهن فصل التقدم الاقتصادي عن الأمن القومي‏,‏ ناهيك عن اختلاق تعارض بينهما‏,‏ لأن الاقتصاد أصبح أهم عناصر القوة الشاملة للدولة‏.‏
ولذلك يبدو غريبا إلي أبعد حد الزعم بأن وجود مناطق عدة يمكن أن تصلح لإقامة محطات نووية يتيح تخصيص الضبعة للاستثمار السياحي للاستفادة من طبيعتها الرائعة بتضاريسها وتلالها التي تطل علي ثلاثة خلجان ذات مياه زرقاء هادئة ويصل طولها إلي ما بين‏41‏ و‏51‏كم بعمق يتراوح بين ثلاثة وأربعة كيلومترات‏,‏ فإذا كانت هناك مناطق أخري يمكن أن تصلح كمواقع لمحطات نووية‏,‏ فهي قليلة مقارنة بتلك التي تلائم المشروعات السياحية‏.‏
وهكذا كله بافتراض أن الحديث عن السياحة هنا يتسم بأي مقدار من الجدية‏,‏ حتي لا نقول الصدق‏.‏ فليست هناك سياحة أصلا في الساحل الشمالي بامتداده الطويل إلا علي سبيل الاستثناء في أماكن تاريخية محدودة للغاية يذهب إليها قليل من الأجانب‏,‏ ولم يبذل أي من المستثمرين في هذا الساحل أدني جهد سعيا إلي جعله منطقة جذب للسياحة الأجنبية‏,‏ ولذلك لم يكن لتعمير هذا الساحل أي دور في دعم النمو الاقتصادي‏,‏ بل علي العكس كان ومازال أحد أسباب عدم بلوغ هذا النمو معدلات أعلي لأنه ساهم في تراجع إمكانات الادخار وبالتالي الاستثمار المحلي‏,‏ ولأن الموارد التي أنفقت فيه كان يمكن أن تسهم في تغيير وجه الحياة علي أرض مصر لو أحسن إنفاقها‏,‏ كما أن فرص العمل المحدودة التي أوجدتها هي من النوع الموسمي الذي يقتصر علي أشهر الصيف‏.‏
ولهذا‏,‏ فلا أساس من البداية لوضع الاستثمار السياحي في مواجهة المشروع النووي‏,‏ ومع ذلك فلنفترض جدلا أن هناك أي نوع من الجدوي الاقتصادية وراء البحث عن موقع آخر غير الضبعة لإقامة محطتنا النووية الأولي‏,‏ وأن الأمر يتعلق بالتالي بحساب المكاسب والخسائر‏,‏ فأي حساب مجرد بعيد عن المصالح الخاصة والمزاعم التي لا تنطلي علي ذي عقل يقودنا إلي النتائج التالية‏:‏
أولا‏:‏ أن عدم إقامة المحطة النووية الأولي في الضبعة إذا تأكد علميا استمرار صلاحيتها يؤدي إلي تبديد هائل للموارد لا يمكن أن يقره ذو عقل‏.‏
ومن هذه الموارد ما تم إنفاقه فعلا في هذه المنطقة‏.‏ وهو يزيد علي مليار جنيه في بعض التقديرات‏.‏ ولكن القسم الأكبر من الموارد التي تعتبر مبددة في هذه الحالة يأتي من فرق الزمن‏,‏ لأن إنشاء المحطة الأولي في منطقة أخري غير الضبعة لن يبدأ قبل نحو خمس سنوات ستزداد خلالها تكلفة بناء هذه المحطة‏,‏ وقد تصل هذه الزيادة إلي أكثر من الضعف‏.‏ فالتأكد من توافر عوامل السلامة والأمن‏,‏ وغيرها من شروط صلاحية أي منطقة جديدة يحتاج إلي دراسات تستغرق ما قد لا يقل عن هذه السنوات الخمس‏.‏ وهذا فضلا عن أن منطقة الضبعة يمكن أن تقام فيها أربع محطات نووية سعة كل منها ألف ميجاوات‏.‏
وثانيا‏:‏ فلا منطق ولا عقل ولا حساب يقول إن استثمار هذه المنطقة سياحيا أفضل من تخصيصها لإقامة محطات نووية تشتد الحاجة إليها لتوليد الطاقة اللازمة للبناء الاقتصادي الذي يليق بمصر‏,‏ ووضع البنية الأساسية الأولية التي قد تكون هناك حاجة إليها لضرورات الأمن القومي في مرحلة قادمة‏.‏ وفي كل الأحوال‏,‏ فالازدهار الاقتصادي هو نفسه أمن قومي ومصدر مكانة ودور‏,‏ فضلا عن أثره في تدعيم تماسك المجتمع وثقته قي قدراته وفتح آفاق المستقبل أمام أبنائه وزيادة الفرص المتاحة لهم وتقوية شعورهم بالانتماء‏,‏ وهذه كلها عناصر توضع في مراتب متقدمة بين مصادر القوة الشاملة للدولة‏..‏ أية دولة‏.‏
فالدولة التي توضع علي طريق البناء والازدهار الاقتصادي وتنطلق فيه بدون معوقات جوهرية لا يقلقها ما قد يحدث حولها أو بالقرب منها‏,‏ ومن هنا أهمية التعجيل بالبرنامج النووي المصري وربطه بمشروع متكامل للبناء الاقتصادي والتطور السياسي الديمقراطي حتي لا يشغلنا ما تفعله إيران عما ينبغي أن نعمله نحن‏,‏ فالمشروع الذي يتوجه إلي المستقبل بهذا الأفق وعلي هذا النحو لا يحتاج إلي عسكرة البرنامج النووي لبناء القوة والمكانة اللتين فقدهما الاتحاد السوفيتي السابق بالرغم من أنه امتلك قوة عسكرية نووية كانت كافية لتدمير العالم عدة مرات‏.‏ ولا شك أن ازدهار السياحة جزء من هذا المشروع‏,‏ ولكن حين يكون في سياقه الصحيح‏.‏ ولكن مزاعم الاستثمار السياحي في الضبعة تخرج عن هذا السياق‏,‏ مثلها مثل الاستهانة بتاريخنا الوطني تحت شعار السياحة عندما نؤجر جزيرة مثل شدوان تحمل قبسا من هذا التاريخ في مزاد علني عام لحساب محافظة البحر الأحمر‏,‏ فتأجير موقع لمعركة باسلة ستظل خالدة ليس من نوع الاستثمار السياحي الذي يسهم في بناء المستقبل‏,‏ حتي إذا لم يكن هذا الموقع حيويا لأمننا القومي‏.‏ وتحويل منطقة الضبعة إلي قرية سياحية ليس من هذا النوع أيضا‏,‏ حتي إذا لم تكن هي المنطقة الأكثر صلاحية لانطلاق البرنامج النووي المصري‏.‏


المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.