"لماذا جعلتوني أغني .. حاولوا أن تفهموا من فضلكم أحاول أن أوفر صوتي للحفل" .. قالها مازحاَ أثناء بروفات جولته الغنائية "This is it" التي حضرها الجميع عدا هو بعد وفاته المفاجأة أثناء فترة البروفات .. لم يكن يعرف أن هذه الجولة الغنائية لن تكتمل أبداَ .. لكن وفاته لم تكن لتأتي بشكل أكثر درامية مما كانت، وكأن هناك أسطورة موت غامض تنتظر كل من يتوهج نجمه ليعرفه العالم كله، أسطورة حاكها أساطير الفن في العالم من قبل مايكل .. مارلين مونرو .. إلفيس بريسلي .. فمثلما لم يعرف أحد لماذا ماتت مارلين، ومثلما صاحب وفاة ملك الروك أند رول إلفيس بريسلي الكثير من التفاصيل المثيرة للجدل بل قيل وقتها أنه لم يمت وأقسم الكثيرون أنهم شاهدوه بأعينهم وتحدثوا معه وحلل الأخرون صورته في النعش قبل دفنه بأن أنفه ليست مثلما بدت أنف إلفيس وأن موته خدعة .. مثلهم تماماَ مات مايكل جاكسون منذ عامين "في 25 يونيو 2009"، ولم يعرف أحد حتي الأن كيف .. هل إنتحر .. هل قتله طبيبه أو من حوله .. هل أخذ جرعة زائدة من أحد الأدوية بشكل خاطئ .. هل كانت وفاة طبيعية؟ لم نعرف .. وغالباَ لن نعرف .. لكن القدر حفظ لملك البوب قدراَ كبيراَ من التكريم جاء بتوقيع المخرج جايمس أورتيجا الذي قام بتصوير كواليس الإعداد للجولة الغنائية "this is it" نفس عنوان الفيلم الذي عرض بعد وفاته متضمناَ من مشاهد كواليس الإعداد للجولة الغنائية الأخيرة التي قرر مايكل أن يقوم بها ويعتزل بعدها لكن الموت كان أسرع، ومن حظه أيضاَ أنه كان قد قام بتصوير فيديوكليبات جديدة لأشهر أعماله لعرضها أثناء كل حفل خلال هذه الجولة وكأنه يبدأ حياته الفنية من جديد، لكنها الصدفة وحدها التي حفظت لمايكل فرصة أن يموت ملكاَ للبوب بعد أعواماَ من المهانة غير المبررة في صحافة الفضائح التي حاكت حوله الكثير من التفاصيل الكاذبة، فقد تم تصوير كليبات جديدة لأعمال هي أيقونات في تاريخ البوب مثل “Thriller”، “beat it"، "smooth criminal"، “billie jeans” وغيرهم .. وبشكل مبهر جعل كل من شاهد الفيلم يشعر وكأن هذا الحفل لو كان قد إكتمل لكان أضخم حفل غنائي وموسيقي في التاريخ، وقد ظهر من خلال الفيلم الذي صدر بعد وفاة مايكل بشهور قليلة الجانب الإنساني من مايكل الذي رغم أنه يعذب أفراد فرقته لإهتمامه بأدق التفاصيل حتي يخرج العمل بشكل جيد إلا أنه في نفس الوقت يجعلهم يستمتعون بعملهم ويعاملهم بإحترام شديد إذ لم يحادث أحد دون أن يقول له "من فضلك"، أو عندما يشعر أنه أجهد الأشخاص يمزح معه قائلاَ "تعرف أنني أفعل هذا بدافع الحب"، وقد أظهر الفيلم أيضاَ الجانب الطفولي في الإنسان الذي ولد ليجد نفسه نجماَ منذ تعرفه علي الملامح الأولي للحياة فقد كان المغني الرئيسي الأشهر لفرقة "جاكسون 5" التي ضمته هو وأخوته، فظل يتابع الأطفال تلعب من شباك الاستوديو الذي يتدرب ويسجل به أغنياته فيه دون أن يشاركهم طائعاَ لتعليمات صارمة من والده ليجد نفسه فجأة رجلاَ وتمر طفولته ويمر شبابه دون أن يعيشهما رغم أن ملايين الناس في العالم قد شاركوه فيهم ولم يتخيل أحد أن الرجل صاحب الإسم الأكثر شهرة في العالم هو أحد أكثر من يعانون من الوحدة، فقد كانت شهرته كبيرة ومرعبة فلم يكن هناك من لا يعرف مايكل جاكسون لدرجة جعلت شيئاَ بسيطاَ كالتسوق في السوبرماركت شيئاَ مستحيلاَ لدرجة أنه في أحد المرات قام بإستئجار سوبر ماركت وقام بإغلاقه للتسوق فيه مع أصدقائه حتي يشعر بتجربة التسوق في السوبرماركت فهو لم يعرفها منذ كان طفلاَ، وهو ما جعله يخاف خوفاَ هيستيرياَ علي أطفاله الثلاثة لدرجة عدم ظهورهم معه بدون "قناع" حتي لا يعرفهم الناس ويعرفوا أنهم أبناء مايكل جاكسون ويلقون نفس مصيره، وبعد سنوات كان فيها أحد العناوين الرئيسية لصحف الفضائح التي قررت أن تجعل منه مادة للسخرية علي مدار ما يقرب من 10 سنوات قبل وفاته بسبب تصرفاته التي قد تبدو غريبة للكثيرين وبسبب لونه الذي تغير بسبب مرض جلدي يجعل الجلد يفقد خلايا لونه لكن صحافة الفضائح رأت أنه لم يحب أن يكون شخص أسود فتحول للون الأبيض، لكنه في الواقع لم يحول نفسه لشخص أبيض فمايكل جاكسون لم يكون أسود أو أبيض بل كان بلا لون لأن جلده فقد خلايا اللون، ومن يشاهدوه عن قرب يرون أن عروقه تظهر من تحت جلده لأنه تحول لشخص بلا لون نتيجة لهذا المرض وقد قالت ذلك الإعلامية أوبرا وينفري في أحد اللقاءات ببرنامجها، وأيضاَ نتيجة لإبتزازه بالدعوات القضائية المتعلقة بالتحرش بالأطفال والتي إعترف من أقاموها ضده بعد وفاته بأنها كانت مجرد إبتزاز للحصول علي مال من أحد أثري المشاهير في العالم، كل ذلك حتي قرر أن يعود بجولة غنائية تكون هي الأخيرة ليشارك الجمهور اللحظات الأخيرة من النجاح ويختفي بعدها، ومن يتابع أي كواليس إعداد لأي جولة غنائية سابقة لمايكل جاكسون في التسعينات مثلاَ يجد أنه لم يكن يبذل كل هذا المجهود في الإعداد ويرقص في الكواليس وكأنها الحفل بالفعل بل علي العكس كان يدخر كل جهده ليفجره في الحفل، لكن يبدو أن حماسه كان كبيراَ لهذه الجولة الغنائية الأخيرة والتي حرم منها ولكن لم يحرم الجمهور، عامين مروا علي وفاة ملك البوب .. لن نعرف كيف مات هذا الرجل المفعم بالحيوية الذي رأيناه يرقص لمدة 3 ساعات متواصلة في بروفات حفله رغم أنه في الخمسين من عمره .. لكنه بالتأكيد كان أحد علامات الموسيقي في العالم .. وحلقة جديدة في سلسلة النجوم الذين يأتون ليشعلوا العالم بفنهم .. ثم يرحلون في غموض.