"أنت من يحتاج للعفو".. كان رد المتظاهرين في درعا على قرار الرئيس السوري بإصدار عفوا عاما عن المعتقلين السياسيين الثلاثاء الماضي، وإشارة صريحة على فشل مزيج من القمع الدموي، ومبادرات تصالحية مع المعارضة -تصفها وسائل الإعلام الرسمية السورية ب"الإصلاحية"- في إخماد الانتفاضة المستمرة منذ 3 شهور ضد حكمه. مناورات نظام الأسد لاتتوقف على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد بدا الأسد وكأنه يؤدب المحتجين على رفض مبادراته الواحدة تلو الأخرى، فعشية جمعة "أطفال الحرية" قتلت القوات السورية 13 مدنياً -على الأقل- يوم الخميس في بلدة الرستن، في محافظة حمص بوسط سوريا بعد يومين من قرار العفو العام عن المعتقلين السياسيين وتشكيل هيئة للحوار الوطني؛ ليرتفع إجمالي عدد القتلى في البلدة التي يسكنها نحو 60 ألف نسمة إلى 60 شخصاً منذ يوم الثلاثاء الماضي. استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين ربما يأتي كرسالة تحدٍ من جانب النظام السوري للموقف الأمريكي الذي اتخذ منحى أكثر حدة ولهجة أكثر صرامة ضد الأسد يوم الخميس؛ حيث قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون: "شرعية الأسد انتهت تقريباً، وإنه ينبغي للعالم أن يبدي مزيدا من التوافق بشأن طريقة التصدي لقمعه للاحتجاجات المناهضة للحكومة". شهداء الرستن سقطوا برصاص القناصة وقوات الأمن التي اقتحمت أحياء الرستن وفرضت حظراً للتجول، وتقول المحامية زران زيتونة إن القصف قتل يوم الثلاثاء وحده 41 شخصاً بينهم طفلة في الرابعة من العمر، فيما ألقي القبض على 200 آخرين على الأقل. واستمراراً لسياسة القمع حظّرت السلطات السورية معظم وسائل الإعلام العالمية، مما يجعل التحقق من روايات الشهود والناشطين أمرا صعبا. في حين ذكر سكان مدينتي دمشق واللاذقية أن خدمة الإنترنت قد قطعت منذ الصباح في وقت نظمت فيه تظاهرات جديدة مناهضة لنظام بشار الأسد في عدة مدن سورية، ذكر ناشط حقوقي أن إحداها جمعت أكثر من خمسين ألف شخص خرجوا في مدينة حماة في يوم جمعة "أطفال الحرية"؛ في حين أطلقت قوات الأمن الرصاص في الهواء لتفريقهم، على ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس. وذلك في أعقاب دعوة نشطاء المعارضة إلى تظاهرة ؛ لإحياء ذكرى قرابة ثلاثين طفلاً قتلوا في المظاهرات، قالوا إنه "لا تراجع عن الثورة وإنهم مستمرون في التظاهر؛ حتى نيل الحرية والحقوق وإسقاط نظام الفساد؛ وفاء للشهداء". بعض من شاهدوا آبائهم وزوجاتهم وأطفالهم يقتلون، حملوا سلاحهم بغرض المقاومة؛ لكن القوة المفرطة غير المبررة التي تستخدمها قوات الأمن تغلبت عليهم بسرعة؛ بحسب عمار القربي رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان الذي أكد أن منظمته لديها أسماء 1113 مدنياً قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد في 18 من مارس الماضي. وكانت عدة مدن سورية شهدت يوم السبت الماضي مظاهرات في ما سمي "سبت نصرة الشهيد حمزة الخطيب"، وهو الطفل الذي قتل تحت التعذيب أواخر الشهر الماضي، وبات رمزاً للحركة الاحتجاجية.