أثار إضراب الأطباء جدلا شديدا،فعلى الرغم من مشروعية المطالب التي يرفعها الأطباء وأثرها الإيجابي في حالة تحقيقها على الخدمات الصحية المقدمة. فقد ووجه إعلان الأطباء نيتهم في تنظيم إضراب بموجة من النقد والإدانة الأخلاقية نظرا لطبيعة مهنتهم الإنسانية وخطورة تنظيمهم الإضراب على أوضاع المرضى والحالات الحرجة. ورغم تأكيد منظمي الإضراب على مراعاة الحالات الحرجة وعدم الإضرار بأي مريض خلال الإضراب ظل الجدل يتصاعد حتى بين الأطباء أنفسهم حول الجانب الأخلاقي والمهني لحركتهم. والسؤال هو ما هي الإجراءات التي يمكن ان يتبعها العاملون بهذه القطاعات للحصول على حقوقهم إذا ما شعروا بالإجحاف دون أن يضر ذلك بالجمهور أو يعتبر إخلالا بمبادئ أي مهنة أو وظيفة. وهل من الممكن تنظيم إضراب في قطاع حساس وحيوي مثل القطاع الطبي دون إلحاق الضرر بأي مريض. محمد طرابلسي رئيس قسم الأنشطة العمالية بمنظمة العمل الدولية يعلق على هذا الجدل قائلا "من حيث المبدأ لا يمكن حرمان أي قطاع من العاملين من حق الإضراب تحت أي دعاوي إذ أن حق الإضراب من أهم الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ولا يجوز التحايل عليها. والأطباء بشكل عام يمارسون حق الإضراب في كل دول العالم دون هذا الجدال والإدانة وكل ما يحدث هو الاتفاق خلال الإضراب على تقديم الحد الأدنى من الخدمة الطبية التي تضمن عدم وقوع مكروه لأي مريض ومراعاة الحالات الطارئة مثل الحوادث والعمليات الجراحية. وهذا ما يحدث ليس في الدول المتقدمة والديموقراطية فقط ولكن أيضا في دول مثل تونس والجزائر نظم الأطباء إضرابات وفقا لتلك القواعد". يؤكد هذا الرأي مصطفى سعيد ممثل الاتحاد الدولي للعمال في مصر ويضيف "تقييد حق الإضراب في مصر وحرمان قطاعات واسعة من العمال من هذا الحق الأساسي كان محل انتقاد دائما من قبل المنظمات الدولية المعنية والحركة النقابية العالمية، وما يحدث في كل دول العالم أن الأطباء عندما يعلنون الإضراب يشكلون فرق طوارئ تكون مشاركة في الإضراب ولكنها مستعدة في نفس الوقت للعمل مع الحالات الحرجة، والأصل هو تعميم حق الإضراب وليس تقييده". ما يقوله الخبراء الدوليون هو بالضبط ما اتبعه الأطباء في مصر عندما أعلنوا عن نيتهم في الإضراب وأكدوا مرات أنهم لن يسمحوا بإلحاق ضرر بأي مريض بسبب إضرابهم بل على العكس أكد الأطباء أن الهدف من إضرابهم هو تحسين الخدمات الطبية المقدمة للمرضى إلى جانب تحسين أوضاعهم. ولكن هل من الممكن تفادي هذا النوع من الإضرابات بما يتفادى أيضا هذا الجدل. الإجابة يقدمها خالد على المحامي العمالي ومدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قائلا "من يريد أن يمنع إضراب الأطباء عليه أن يقدم أولا آلية أخرى تضمن حصول الأطباء على حقوقهم. فالأزمة لم يخلقها الأطباء ولا المرضى بل خلقها المسؤولون الذين تجاهلوا مطالب الأطباء وحقوقهم لفترات طويلة. ولو كانت هناك آلية تحكيم ملزمة تضمن للأطباء الحصول على حقوقهم لما اضطروا للجوء لحق الإضراب وفي كل الأحوال لا يجوز إهدار حق الأطباء في تنظيم إضراب سلمي للدفاع عن حقوقهم المشروعة طالما يضع الإضراب في اعتباره الجوانب الإنسانية ولا يلحق ضرر بالمرضى وهو أمر سهل". ولكنى أكثر ما يحسم هذا الجدل هو السلوك الذي اتبعته الإضاربات العمالية المنظمة طوال الوقت وقدمت خلاله الوجه الحقيقي للحركة العمالية بعيدا عن التشويه، فموظفو الضرائب العقارية كانوا يغلقون مكبرات الصوت في اعتصامهم أمام مجلس الوزراء بعد الساعة الخامسة لعدم إزعاج السكان، وعمال المحلة كانوا يستمرون بالعمل في محطتي الكهرباء والماء والجراج بالشركة أثناء الإضراب حتى يحافظوا على امداد المستشفى والمساكن وحركة سيارات الإسعاف ونقل الطلبة.