«دولة المتناقضات» هكذا تصرخ بعض الأصوات الإسرائيلية حينما يشاهدون حكومتهم ترسل بعثات إغاثة وإنقاذ لهاييتي التي ضربها زلزال راح ضحيته الآلاف في الوقت الذي ترتكب الحكومة نفسها مذابح جماعية في قطاع غزة يروح ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين، كان أبرز مثال لها الحرب الإسرائيلية الأخيرة في يناير الماضي أبرز تلك الأصوات عكيفا إلدار كبير المحللين السياسيين عكيفا يسخر هذه الأيام من حالة «العطف المدهش» الذي تبديه تل أبيب تجاه ضحايا الكارثة الشديدة التي أصابت هاييتي البعيدة في الوقت الذي لا تكترث بمعاناة سكان قطاع غزة المستمرة بل إنه يؤكد من خلال مقالاته بصحيفة هاآرتس أن إسرائيل التي أرسلت مساعدات وعمليات إغاثة لدولة تبعد عنها آلاف الكيلومترات كان أولي بها أن ترسل المساعدات نفسها لقطاع غزة الملاصق لحدودها ويعيش فيه تحت الحصار الإسرائيلي مليون ونصف المليون مواطن وكأنهم في جزيرة فقراء معزولة. إلدار يستمر في سخريته قائلا لحكومته إنها لا تهتم بأن 80% من النساء والأولاد والرجال في القطاع يعيشون تحت خط الفقر ويحيون علي التبرعات، وإن مياه المجاري تتدفق طوفانا من الشوارع إلي البحر، بل إن يقارنه بين مساعدات تل أبيب لأطفال هاييتي بذبح نظرائهم في غزة ومن الحكومة الإسرائيلية نفسها لافتًا إلي أنه في الوقت الذي تنقذ قوات الطوارئ الإسرائيلية المحمولة جوًا أطفال هاييتي لا يسمع أحد شيئًا مماثلاً عن أطفال غزة الذين يفترشون الأنقاض ويتخذونها مساكن لهم. ويضيف عكيفا أن الكارثة في هاييتي هي ضربة طبيعة من ضربات القدر، بينما الكارثة الغزاوية هي من صنع الجيش الإسرائيلي نفسه مضيفا أن الأخير لا يحمل طائرات نقل محملة بالأدوية والمعدات الطبية بل يرسل صواريخ لتدمير آلاف المنازل وقتل الشيوخ والنساء والأطفال هناك، في الوقت الذي تمنع إدخال مواد غذائية ودوائية وحياتية للفلسطينيين. جدير بالذكر أن إلدار من أكثر الصحفيين الإسرائيليين المهتمين بموضوع البناء الاستيطاني واستفحاله في الضفة الغربية وشرق القدس وتمتلئ تقاريره ومقالاته بصحيفة هاآرتس بأدلة جديدة علي قيام حكومة تل أبيب بإنشاء مبان جديدة أو توسيع أخري في المستوطنات اليهودية هناك، وذلك من خلال جولات تفقدية يقوم بها إلي تلك الأماكن نظرًا لعمله كمراسل من ضمن مناصبه بالصحيفة، ويعد كتابه «سادة الأرض: المستوطنون والدولة العبرية 1967 -2004» والذي كتبه مشاركة مع البروفيسور الإسرائيلي عيديت زورطال، هو الكتاب الوحيد الذي يتحدث عن تاريخ المستوطنات الإسرائيلية منتقدًا فيه تحكم المستوطنين بالسياسة الإسرائيلية الداخلية وخوف مسئولي تل أبيب منهم. إلدار ابن لعائلة صهيونية هاجرت لإسرائيل من بولندا في سنوات الثلاثينيات وقضي جزءًا من خدمته العسكرية في الإدارة العسكرية بمنطقة الجليل بالضفة الغربية، وبعد إنهائه الخدمة بدأ الدراسة في الجامعة العبرية وهو حاصل علي شهادة في علم النفس والعلوم السياسية، كذلك درس العلوم الاقتصادية.