كتب سائق النقل الحكيم خلف مقطورته السائرة على يسار الطريق الدائرى (من حق الكبير يتدلع). وهو قول لا يخلو من وجاهة كما ترون (لأنه تطوع وقاله لوجه الله تعالى بدون أن يُطلب منه)، وذلك يذكرنا بمن يتطوع بفتوى أو تحليل (سياسي طبعاً) من إياهم دون أن نطلب منه ذلك، ولكنه رغم/بسبب ذلك يفرضه بالقوة وكأنه يحتكر حكمة الكون وخلاصة السياحة المستمده من عالم السياسة ولنا فى زيارة عبد النور لألمانيا فور توليه الوزارة أسوة سيئة، فوالله تلك زيارة يظنها الجاهل مجرد فسحة وطلباً للفخفخة فى وقت تضطرب فيه أحوال البلاد والعباد وربما يسرف المتشككين والدهماء أمثالى فى تفسيرها وكأنها زريعة للبعد عن وجوهنا العكرة طلباً للتجديد والفرفشة فى بلاد ذات شوارع مصقولة يتمتع مواطنيها بأجساد منحوتة وشعور كالذهب وعيون زرقاء أو خضراء وفنادق سبع وعشر نجوم إلى ما يتبع ذلك من حفلات ومفاجأت وبدلات مما أبدع الموظف المصرى عبر العصور لتحويل أى مهمة إلى مصلحة. ولكن دع الحقد وإبدأ الحياة ولنفترض الجدية والإيجابية فى هذه الزيارة السنية ونقفز إلى المستقبل المجهول معاً بدون براشوت ونسأل أنفسنا: 1- لماذا لا نبدأ بفرض الأمن ومن ثم تشجيع السياحة الداخلية للمصريين إلى الأماكن التى حرمت عليهم من قبل مثل الغردقة وشرم الشيخ ونويبع وطابا؟ 2- لماذا السفر؟ هل الغرض إحراج الألمان ليقوموا برد الزيارة وفى إيديهم حاجة؟ 3- ماذا سيحدث لو أتت الزيارة ثمارها فعلاً وتدفق الألمان على مصر فى هذه الظروف؟ ألا ترون حال شوارعنا ومرافقها الحيوية من أوتوبيسات وتاكسى ومترو وخلافة من الكوارث التى تمشى على الأرض؟ ضف إليهم هذه الأيام ما أستجد من توكتوك ونقل وكارو وعربيات يد وموتوسيكلات وتريسيكلات وبغال وحمير وباعة جائلين وصيع وأطفال شوارع وشحاذون وبلطجية فى كل الميادين والشوارع الرئيسية، نتيجة عناد الشرطة وطناشها التام للأوامر (إن وجدت) بفرض الأمن، وتشجيعهم لحالة الفوضى بمنطق (تستاهلوا)! وهذا تعقيب على السؤال الثالث ولكنه يردنا إلى اللغز وليس السؤال الأول، وهو لماذا التاخر فى فرض الأمن؟ مع الوضع فى الإعتبار كاملاً بأن هذا لن يحدث أبداً فى ظل هذه الحالة الضبابية من المحاسبة التى هى أقرب للتسويف الذى أشك (ويشاركنى الكثير) فى أنه لن ينتهى إلى شئ ونظرة إلى الاف التحقيقات المفتوحة بدون أحكام مع عدم المساس بعصابة الخمسة التليدة التى سمعت أحد أعضاء المجلس العسكرى يسأل بلال فضل على الهواء بكل جرأة زاعقاً (نحاكمهم بتهمة إيه؟). يا نهار أسود على دماغنا كلنا! زكريا عزمى، وفتحى سرور، ومفيد شهاب، وعلى الدين هلال، والمصيبة السودة صفوت الشريف (نحاكمهم بتهمة إيه)!!! فعلاً (من حق الكبير يتدلع). واضح ان هؤلاء اكبر من اى أحد ومن أى حكومة وأى سلطة (بضم السين وفتحها إن أردت). أقسم بالله إننى أستطيع أن أقضى أياما بدون نوم فى كتابة جرائم هؤلاء بدءاً من الإنتخابات المزورة فى كل العهود وليس إنتهاءً بالتأمر على قتل المتظاهرين العذل وبين التهمتين إحضر أى طفل فى الاعداية ورجه جيداً ثم إسأله أن يذكر لك مائة تهمة نستطيع بها محاكمة هؤلاء وأنا أكيد أنه لن يتلعثم، ولن يتوقف عند المائة. هل جرؤ مبارك وعصابتة فى الثلاثين عاماً العجاف أن يصدر قانوناً لتجريم الإعتصام؟ حتى شياطين وأبالسة الحزب الوثنى لم يجرؤ أحدهم على ان يفعل مثل هذه الفعلة النكراء بوجه مكشوف! كان هناك قمع، وكذب، واستخدام سئ لقوانين الطوارئ، واعتقالات لزعماء الاضرابات يشهد عليها كمال أبو عيطة الذى قضى من عمره بالسجون أكثر مما قضى بمنزله، ولكن كل هذا جاء مخالفاً للقوانين ليأتى "شرف" من ميدان التحرير ليعتقلنا ويجرم إعتصامنا وكله بالقانون، ونظرة من كل ذى عقل لحادث دخول الشرطة العسكرية لكلية الاعلام الذى لم يبرد بعد ربما توضح بعض ما يحاك لنا بليل. نرجع للعنوان "دع النجاح وإبدأ الفشل" وأسباب إختياره لا تخفى على أحد، إذ يتضح مع الوقت إنها الرسالة الوحيدة لكل الحكومات المتعاقبة على أيامنا السوداء، وإلا فليفسر لى احد المتفائلين سبب إحتفاظ شرف بمن أحتفظ بهم شفيق والذى ورثهم عن مبارك وبعضهم ورثه مبارك عن السادات! أمثلة؟ تريدون أمثلة وليس كلاماً مرسلاً؟ ماذا عن ماجد جورج (بتاع قش الرز)؟ وحسن يونس (بتاع فاتورة الزبالة التى فرضت على فاتورة الكهرباء)؟ وسيد مشعل (نظرة على مواقع جرائد معارضة وموالية تذكر حرفى س. م. فقط من إسمه مرتبطاً بالموضوع إياه تكفينا جميعاً)، وفايزة أبو النجا (صديقة الست)، ومحافظى المدن ورؤساء الاحياء وعمداء الكليات ورؤساء التحرير والشركات والبنوك.. كل هؤلاء فشلة بامتياز بل أستمتعوا بالفشل، وجعلوا الأخرين يحسدونهم عليه مما يجعلنا نعيد حساباتنا لما كنا نعتبره نجاحاً ونحاول أن نثبت فشلنا ربما وجدنا مكاناً فى العهد الجديد الذى يتمتع بكل موبقات ورزائل العهد القديم وكله بالقانون. وقديماً قال "مانتوس": "لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك إلا إذا كنتَ منحنياً". لذلك أحب أن اؤكد أن هذه الظروف سوف تتغير لو حافظنا على حماسنا لثورتنا كما هو، لكنها لن تتغير لو تغيرنا أو فتر حماسنا وسمحنا للأوباش والمتنطعين من قمامة العهد البائد أن يحكمونا عبر مندوبيهم الجدد الذين يرصفون الطريق الآن بدماء الشهاداء تمهيداً لعودة النجل الضال. حسبى الله