تنسيق الجامعات 2025، روابط إرشادية تساعدك قبل اختبارات قدرات كلية الفنون الجميلة (فنون)    الحبس سنتين لثلاثة متهمين في قضية معامل التحاليل الوهمية والاستيلاء على أموال نقابة الصحفيين    بعد امتلاء البحيرة، باحث بالشأن الإفريقي يكشف: إثيوبيا تملأ خرانا جديدا مع سد النهضة    البورصة تربح 15 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة بداية الأسبوع    بحث 55 شكوى في لقاءات خدمة المواطنين بمراكز وقرى الفيوم    استشهاد 57 في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم    مبابي في الهجوم، التشكيل المثالي لربع نهائي كأس العالم للأندية    بايرن يوضح تفاصيل إصابة جمال موسيالا    الداخلية تكشف ملابسات التعدي على مراقبة بلجنة ثانوية عامة بالقاهرة    رامي صبري يتألق في مهرجان مراسي بباقة من أقوي أغانيه    الصحة: مرض الجذام لا ينتقل بسهولة والعلاج متوفر مجانا    هاني حليم القيادي بحماة الوطن: مشاركة مصر في قمة بريكس تعزز فرص فتح أسواق جديدة للصادرات    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: منتخب مصر الثاني يقترب من مواجهة سوريا وديا    كرة طائرة - الاتحاد المصري يعلن مواعيد الموسم المقبل للرجال والسيدات    فلسطين تحذر من تصعيد اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للأقصى    وزيرا خارجية إيران وفرنسا يبحثان هاتفيًّا تطورات المنطقة بعد التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة    محافظ الدقهلية يوجه بسرعة الانتهاء من تطوير كورنيش شربين على النيل    كلية الألسن بجامعة الفيوم تعلن عن وظائف شاغرة لأعضاء هيئة التدريس.. تعرف على الشروط والأوراق المطلوبة    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والبيض وارتفاع الذهب    سلاح الجو الأمريكي يعترض طائرة فوق نادي ترامب بولاية نيوجيرسي    جلسة عاجلة أمام القضاء للمطالبة بصرف منحة استثنائية لأصحاب المعاشات    بعد تطبيق قانون الإيجار القديم؟.. اعرف هتدفع كام؟    رفع قيمة وثيقة التأمين من الحوادث للمصريين بالخارج إلى 250 ألف جنيه    تطوير السكة الحديد.. ما الذي حققته النقل في 11 عامًا؟ - صور    "أراك قريبا والرحلة لن تنتهي".. فينجادا يوجه رسالة قوية ل شيكابالا    كهرباء الإسماعيلية يكشف لمصراوي كواليس صفقة أوناجم    أرسنال يعلن تعاقده رسميا مع زوبيميندي قادما من ريال سوسيداد    ميتسوبيشي تطلق سيارتها Grandis الجديدة في الأسواق.. صور وتفاصيل    الأرصاد تحذر من 3 ظواهر جوية مؤثرة في طقس اليوم    لو هتطلع مصيف لمطروح بالقطر: اعرف مواعيد القطارات من القاهرة والعكس    إعدام 13 طن أغذية فاسدة خلال حملات رقابية مكثفة بالمنيا    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    الخميس.. لطيفة تطرح أغنية سوري من ألبوم قلبي ارتاح    قصور الثقافة تنظم يوما ثقافيا ضمن مشروع جودة الحياة بالمناطق الجديدة الآمنة    «يساعدونك على حل مشاكلك بهدوء».. أكثر 5 أبراج تفهمًا للغير    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    تظهر في العين.. أعراض تكشف ارتفاع نسبة الكوليسترول بشكل خطير    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالدقهلية    ورش للأطفال عن السمسمية والأمثال الشعبية ضمن مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها"    حزب أمريكا.. إيلون ماسك يستهدف عددا قليلا من المقاعد فى الكونجرس    البحوث الإسلامية يطلق سلسلة الأطفال المرئية (أخلاقنا الجميلة) لتعزيز الوعي القيمي والتربوي    أرسنال يعلن ضم الإسباني مارتن زوبيمندي من ريال سوسييداد    تعيين رؤساء أقسام جدد بكليتي الزراعة والعلوم في جامعة بنها    مسؤولون: ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات تكساس إلى 50 شخصًا    «المصري للتأمين» يكشف دوره في دعم السلامة المرورية    أحدث ظهور ل«هالة الشلقاني» زوجة الزعيم عادل إمام    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    «الداخلية»: ضبط سائق نقل ذكي تحرش بسيدة خلال توصيلها بمصر الجديدة    بيراميدز يكشف موقفه من ضم ثنائي الزمالك    محافظ الدقهلية:إحالة مديرة مستشفى مديرة للصحة النفسية للتحقيق لعدم تواجدها خلال مواعيد العمل    حياة كريمة توزع 2000 وجبة سبيل بمناسبة يوم عاشوراء    «كان بيتحكيلي بلاوي».. .. مصطفي يونس: الأهلي أطاح بنجلي بسبب رسالة ل إكرامي    دعاء الفجر | اللهم ارزقني سعادة لا شقاء بعدها    وداع مهيب.. المئات يشيعون جثمان سائق «الإقليمي» عبده عبد الجليل    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    آل البيت أهل الشرف والمكانة    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد حسين يكتب: عن الاستنطاع أتحدث..!
نشر في الدستور الأصلي يوم 13 - 11 - 2011

قدم «محمد هنيدى» عبر شخصية «همام» فى فيلمه الثالث، نموذج لمهاجر مصرى غير شرعى حاول أن يصدر للهولنديين «الاستعباط» المخلوط بما يظنه «صياعة» أو«فهلوة» معجونة بقدر لا بأس به من «النطاعة»، عن طريق الوقوف فى أحد الأماكن المخصصة لإنتظار الدراجات التى يستعملها هؤلاء الناس المتحضرون، وصراخه وكأنه فى موقف «وراق العرب» (باركينج .. باركينج أند كلينينج) ممسكاً بفوطة متسخة، ومهرولاً (بكل ما حبته به طبيعته الفقيرة من قدرة على الاستلواح) تجاه أى شخص يحاول أن يُخرج دراجته ليعاونه - قسراً - فى مهمته السهلة، متبعاً ذلك بضربات متتابعة من فوطته المتسخة فى الهواء (كناية عن عملية التنظيف) فى بلد من الممكن أن تأكل فيه الطعام من على أرضية الرصيف بدون خوف أن يكون مختلطاً بذرة تراب.
بالطبع أدرك الهولندى انه أمام أحد الشحاذين الذين أبتلاهم بهم جنوب العالم المطحون والمُبتلى بالدكتاتورية والفقر فتطوع بإعطائه بعض «الجيلدرات» مما كان له عميق الأثر على خيال «همام» المريض أن تمثل تلك «الحسنة» دافعاً قوياً لنفسه الملوثة بالجوع لأن يستمر فى «الشحاذة» مقنعاً إياها - نفسه - بأنه يقوم بعمل شريف له فائدة ما!
ولكن لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً (لم يحدد القرءان جنسية أو دين صاحب العمل) وأراد بهؤلاء الناس المتحضرين إنسانياً خيراً، وأيضاً لإنقاذ عبده الغبى من إمتهان التسول، أرسل له أحد رجال الشرطة ليجرّه من قفاه العريض إلى أقرب «كراكون» هولندى والذى يشبه إستقبال أحد الفنادق المحترمة فى بلدنا المنكوب.
بالطبع ما حدث كان متوقعاً لأن قوانين العالم المتحضر تقاوم الاستنطاع والسرقة والاحتيال على خلق الله تحت إدعاء القيام بعمل وهمى لا يستفيد منه أحد، إلا نحن! لأن حكومتنا ترعى النطاعة وتربيها وتشد من أزرها وتساعدها على النمو والتطور وعلى إبتكار أساليب جديدة لسرقة مواطنيها المغلوبون على أمرهم، وهيأت بيئة خصبة من الجهل والفقر والمرض والقوانين المعيبة لينتشر «الاستنطاع» ويتطور ليصبح فناً وأسلوب حياة للبعض، ونظرة من حولك لكل مناحى الحياة لتجد الأنطاع وقد تصدروا المشهد السريالى فى كل مجال.
على سبيل المثال (لعدم القدرة على الحصر) عند دخولك أى من المولات الكبرى - التى انتشرت فى بلدنا السعيد التى ينعم أكثر من نصف سكانها بالحياة تحت خط الفقر - ستجد أسراب من هؤلاء الغلابة الذين يمارسون النطاعة كعمل (أو العكس) وقد أرتدى بذلة رخيصة، وكرافتة عدمانة، داعياً إياك بإلحاح لتسجيل إسمك لتفوز بهدية مجانية! وبالطبع من يستجيبون ويفعلون ذلك (حياءًا أو طمعاً) يسقطون فريسة لهذه الشركات عن طريق دفع أموال فى منتجات أو منتجعات ليس لها وجود أصلاً.
وعند خروجك بسيارتك (أو التى يحلو لك أن تسميها كذلك) إلى الشارع الذى يشبه سيرك أو مولد بدون صاحب، ستجد بعض أفراد «الشرطة» يمارسون نوع أخر من النطاعة وهو التلويح بدفتر المخالفات لكن مع السماح لك «بالركنة» صفاً ثانياً أو ثالثاً مع دفع «المعلوم» من الجميع و«المجهول» من القانون بالطبع - خاصة لو كنت تركن أمام أحد البنوك أو الكافيهات - وبالنسبة للأماكن التى لا يوجد بها فرد شرطة (وهى كثيرة بسبب الخواء الأمنى والعقلى) ستجد بها أحد هؤلاء الأنطاع وقد أحتل الرصيف والمساحات المخصصة للركنة بجانبة واضعاً «أحجاراً» أو «كراسى محطمة» أو «كاوتش سيارة قديم» أو «فرع شجرة يابس» ليحجز المكان لراغبى متعة الركنة!
ومع مرور زمننا الغابر الذى نعيبه والعيب فينا، وبتتابع الأيام السوداء على هذا الوضع الذى أصبح أمراً واقعاً، تغير التعامل من قبل هؤلاء «الألواح» البشرية ليصبح الشارع «حقاً» مكتسباً بوضع اليد لهؤلاء «الأنطاع» الصيّع! وبعد أن كان إبتزازك مقروناً بجُملاً من نوعية «كل سنة وانت طيب يا بيه»، أو مزيناً بأفعالاً مثل مسح الزجاج أو فتح باب السيارة لك أو للمدام، تغير الوضع لجمل من نوعية "هتتأخر سيادتك؟" أو أفعالاً مثل فرض تسعيرة جبرية وبالساعة كمان! وإذا كان عاجبك!!
بشكل شخصى حاولت مرات عدة مقسماً بأغلظ الأيمان ألا أعطى أى «لوح» من هؤلاء المتنطعون أى أموال، ولكنى كنت أفشل كل مرة لجرأتهم على إبتكار وسائل جديدة لتحصيل أموال لقاء الرصيف المحتل، مثل الحواجز سالفة الذكر أو بالتلويح أن السيارة من الممكن أن تصاب بضرر ما (والحدق يفهم)، ولكن فى أغلب الأحوال كنت أقنع نفسى (كنوع من الاستسهال) أن هؤلاء الصّيع هم فى الأصل «ضحايا» وأن هذا النوع من «الاستلواح» لن يكون مقبولاً فى دولتنا الجديدة التى ستأخذ بأسباب التقدم والعلم! ولكنى بمرور الأيام الثقيلة أزداد يقيناً إننى كنت واهماً وشاطحاً فى الخيال إلى حد بعيد لأنه لا يبدوا فى الأفق «دولة» ولا «عِلم» ولا نيلة.
ولو كان فى استطاعتى فيما مضى أن أجد حجة لأسراب الصيّع الذين يسدون الأفق فى الطرقات، فما فشلت فيه (بإمتياز) هو أن أجد أى حجة لإستنطاع أغنياء بلدنا المنهوب الذين يتسولون ويحتالون على مواردنا - القليلة أصلا بسبب حكام الشؤم - بشتى الطرق! بدءاً من ركوب سيارات تحمل نمر «جمرك» (وتلك للعجب كناية عن أنها لم تدفع جمرك أصلاً!!!) فضلاً عن عدم دفعهم أى مخالفات أساساً، غير جيوش من المحاسبين القانونيين الذين لا شغلة لهم إلا إبتكار طرق جديدة للتهرب من الضرائب (التى يدفعها المحاسب القانونى نفسه كاملةً!!!) أو الحصول على منافع (تشمل الأراضى والمناصب وعضوية المجالس والإنتداب بكل أنواعة..إلخ) بدون أى وجه حق، أو بدلاً من صاحب الحق الأصلى، والذى يكون فى الأغلب (أو فى كل الأحوال) من النسبة غير المحظوظة التى ترفل فى حياة أخرها دخول الجنه قبل غيرهم كما وعدهم الله الذى لا يُظلم أحد عنده.
ولكن كل عينات النهب والإحتيال والسرقة المذكورة أعلاه، والتى تعد كلها من فنون الاستهبال والنطاعة التى برع فيها قطاع عريض من الشعب المنكوب بحكامه الظلمة، لا ترقى إلى مستوى جرائم الاستنطاع السياسى التى تمارسها الكثير من الفصائل (من فصيلة) التى تتمحك فى السياسة وتدعى زوراً ممارستها كوسيلة للإحتيال على الغلابة الذين يحلمون بغد أقل سؤاً، وأوضاع أقل هواناً.
فارق كبير بين من يحتل «شارعا»ً ليسترزق منك ومن يحتل «وعيك» ليستنزفك، أو من يتسول «ملاليم» تحت ستار «باكو مناديل» ومن يتسول مقعد فى البرلمان تحت ستار أنه سيصحبك للجنة! بين من يستلوّح ليسلبك بضعة جنيهات ومن يستلوح ليسلبك حاضرك ومستقبلك، هناك فارق بين من يسوق الهبل على الشيطنة ليبيعك الهواء أو ما لا تحتاجة، ومن يفعل ذلك ليبيعك للأعداء ليسطو على مقدرات وطن بأكمله، بين من يدعو لك ولأولادك لتنفحه جنيهاً ومن يعدك بمستقبل أفضل لك ولأولادك (فى الجنة لأن الدنيا فانية).
من الخطأ أن يمارس أحدهم النطاعة على إمرأته ليستولى على راتبها، ولكن الخطيئة التى لا تغتفر أن يقول أن كل المرأة عورة ثم يستخدمها للدعاية وكمطية للوصول إلى ما يريد!
من يمارس الاستهبال للبقاء فى السلطة بضعة شهور حتى يقوم بتهريب أو تسهيل خروج بعض الأموال يرتكب ذنباً، ولكن من يمارس الاستلواح ويخبرك أنه لن يبقى إلا فترة إنتقالية لن تتعدى الشهور حتى نرى الضوء فى نهاية النفق، أو رغيف العيش فى نهاية الطابور، ثم يخطط للبقاء للأبد قد أرتكب كبيرة الكبائر!
والجميع نسوا أو تناسوا قول «مانتوس» الحكيم: "ماتحاولش .. غيرك ماقدِرش"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.