.. لا أظن أن أحمد عز، يعرف الكثير عن الزعيم سعد زغلول، مفجر ثورة 1919؟!! .. وأحسب أن الرجل معذور في جهله بالزعيم مفجر الثورة، فلا يمكن أن يحتمل قلب عز مفجرًا آخر للثورة - خلافاً لما أعلنه - من كون جمال مبارك مفجر ثورة التغيير!! .. وربما يسأل القارئ عن ماهية علاقة سعد زغلول بأحمد عز؟! ولماذا أشكك في معرفة عز بتاريخ الزعيم سعد زغلول مفجر ثورة 1919؟! .. وأجيب عن السؤال المشروع ببساطة ووضوح، فلو كان عز يعرف شيئاً عن تاريخ سعد زغلول لكان تعلم منه ما كان يحول دون عز، والمشروع بالقانون الذي تقدم به منذ أيام والذي يبيح فيه التجارة في الآثار!! .. والقصة والدرس الذي أود أن يُلم به عز، ورفيقه، متصل بسلوك سعد زغلول مع الآثار، ويجعلهما يعفران وجوههما بالتراب خجلاً مما قدمت أيديهما من مشروع تتنازل فيه الدولة طواعية عن آثار مصر!! .. ففي عام 1923 تولي سعد زغلول أول وزارة برلمانية في تاريخ مصر، بعد انتخابات نزيهة أتت بسعد ورفاقه، وقد تواكب هذا الحدث الكبير مع حدث آخر هز مصر كلها وجعلها حديث العالم لسنوات، وهو اكتشاف عالم الآثار هوارد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون. .. تلاحظ لسعد زغلول أن مستر هوارد كارتر يتعامل مع المقبرة التي اكتشفها وكأنها ملك خاص له حيث يفتحها وقتما يشاء ويغلقها إذا أراد ذلك!! فوجه سعد زغلول خطاباً يحذر فيه كارتر من هذا السلوك، مؤكداً أن المقبرة ملك مصر ولا يجب أن تفتح إلا في حضور مندوب الحكومة المصرية. .. مستر هوارد كارتر رفض تنفيذ تعليمات رئيس الحكومة، ولم يلتفت لتحذيره مما دفع سعد زغلول لإصدار قرار بتعيين حراسة علي المقبرة تمنع كارتر من دخولها إلا بصحبة مندوب من الحكومة المصرية!! .. قامت الدنيا ولم تقعد!! واحتج المندوب السامي البريطاني، والحكومة البريطانية، علي قرار سعد واعتبروه إهانة لعالم كبير لا يجوز أن يكون محل شك في أمانته!! وشنت الصحف البريطانية حملة هجوم ضخمة - لأول مرة - ضد سعد زغلول وحكومته وبلغ الهجوم وصف زغلول بالوقاحة لأنه عامل عالمًا كبيرًا كلص من لصوص الآثار وتجارها.. .. لم يلن سعد.. ولم يخضع لضغوط بريطانيا العظمي التي كانت تحتل مصر وتملك أن تطيح بسعد وحكومته، بل ورفض سعد نصائح بعض رفاقه متمسكاً بحق مصر وكرامتها وسد الثغرات التي يمكن أن تتسرب بفعلها ثرواتها الحضارية والتاريخية.. .. وأغلق هذا الملف 50 عاماً كاملة حتي نشر «توماس هوفنج» مدير متحف المتروبوليتان مذكراته التي كشف فيها لأول مرة صدق وصواب موقف سعد زغلول حيث كشف توماس في مذكراته أن مستر كارتر سرق 29 قطعة نادرة من مقبرة توت عنخ امون باع 20 منها لمتحف متروبوليتان، وخمس هربها وباعها كارتر لمتحف بروكلين ولمتحف تكساس سيتي والباقي باعها لمتحف كليفلاند!! .. هكذا وبعد نصف قرن من وفاة سعد عرف العالم صواب موقف سعد ووطنيته عندما أراد أن يغلق الأبواب في وجه تسريب ثروة مصر وممتلكات الأجيال. .. هذا هو درس سعد زغلول الذي لا يفهمه من يفتحون الأبواب اليوم للإتجار في الآثار بقانون يقدمونه لمجلس الشعب المصري.. حقاً إنهم لا يخجلون!!