.. روي لي قصته مع الاتِّجار في الآثار، والتي انتهت به حيث التقينا - صدفة - في أحد السجون. مشكلته الحقيقية - وفقاً لروايته - هي تصفية الحسابات السياسية، حيث إن بعضاً من السلطة، حسبه -خطأً أو صوابًا - علي بعض آخر من السلطة، ودفع هو الثمن!! .. قال لي: جريمتي هي الخطأ في الحسابات، كنت أحصل علي 25% من أرباحي ويذهب 75% لآخرين، كي أحافظ علي ال 25%، لكن المشكلة كانت في اختياري للآخرين!! ..أضاف قائلاً: الخطيئة الكبري أنني لم أقبل عرضاً مكلفاً بسداد مبلغ ضخم لتمرير قانون يبيح الاتجار في الآثار ويجري تعديلاً بهذا المعني علي القانون 117 القائم!! .. سألته بتشكك في روايته، عن كيفية مرور تعديل تشريع، يبيح الاتجار في ثروة مصر الحضارية التي تملكها الأمة مجتمعة؟! مَنْ يملك من الشجاعة أن يفعل هذا أو حتي يقترحه؟! .. قال: لقد قدمت دراسة قيمة لأحد المسئولين تشير لقوانين وأسماء دول تبيح الاتجار في الآثار، مثل تركيا، وفرنسا، وإيطاليا، إلا أنني - للأسف - استكثرت المبلغ المطلوب!! .. طلبت منه صورة من هذه الدراسة التي وصلتني بالفعل وتبين لي أن دفاعه استخدمها في المحكمة، وقدم صورة منها لتأكيد انتفاء فكرة جريمة الاتجار في الآثار في العديد من التشريعات في بعض الدول!! .. استرعي انتباهي في الدراسة تتبعها الدقيق للقوانين المصرية الخاصة بالمحافظة علي الآثار منذ 1935، وحتي القانون 117، ومقارنة هذا القانون - مقارنة ظالمة - بغيره من القوانين في دول أخري، حيث تطلب الدراسة التفرقة بين ما هو ثروة قومية (مثل الهرم وأبو الهول) وبعض المنتجات الحضارية التي تري الدراسة إمكانية تداولها والاتجار فيها. .. ربما تكون مصادفة - مجرد مصادفة - أن أقرأ ذات الدراسة - تقريباً- في صلب المذكرة التفسيرية لمشروع القانون الذي تقدم به أحمد عز مؤخراً للبرلمان، طالباً ذات ما تطلبه الدراسة (!!) .. ربما تكون مصادفة محضة أو توارد للأفكار، والخواطر بين تاجر الآثار وتاجر الحديد!! حيث اهتما - معاً - وبالصدفة!! بتحرير تجارة الآثار، والحق في تقييمها مالياً، والتفرقة بين الثمين، وغير الثمين، وتجاهلا - سوياً - تفرد مصر، بوضع أثري، وحضاري، تصعب معه التفرقة بين المهم، وغير المهم، وإطلاق يد التجار والمهربين في ثروة مصر الحضارية بدعوي الشراكة بين المجتمع ومالكي وحائزي الآثار من جانب والدولة من جانب آخر. .. تري ماذا حدث كي يتحول موقف النظام الذي يمثله عز - للأسف - من المتشدد الذي يطلب تغليظ العقوبات علي الاتجار في الآثار إلي المتساهل لحد تقنين وإباحة عملية الاتجار في حضارة مصر التي تملك أكثر من ثلث آثار العالم؟! .. تري هل تعدلت النسب؟! فأصبح تجار الآثار، أكثر قناعة بأن 25% رقم ضخم يمكن التضحية ببعضه، مقابل زيادة حجم النشاط وفتح جميع النوافذ والأبواب، أم أن النظام قرر أن يتحرر من أعباء الحفاظ علي الآثار، وصيانتها، فقرر أن يخصخصها!! متنازلاً، ومتخلصاً من التزاماته في الحفاظ علي هذه الثروة الدولية والعالمية وفقاً لاتفاقية اليونسكو لعام 1970؟! .. أم أن مفجر ثورة الإصلاح ورفيقه مفجر ثورة الحديد لهما وجهة نظر أخري؟!! .. وغداً نواصل الحديث عن مشروع عز للآثار والزعيم سعد زغلول!!