"منال عوض" تستعرض مع وزيرة البيئة السابقة آليات العمل داخل الوزارة    وزير السياحة:الوزارة حريصة على دعم المبادرات التدريبية المختلفة    أبو الغيط يشارك في المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين بنيويورك    قبل صدام الجولة الأولى.. ماذا تقول الأرقام عن مواجهات الأهلي ومودرن سبورت؟    جدول مباريات مودرن سبورت في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    وصول سفاح المعمورة إلى محكمة جنايات الإسكندرية لسماع الحكم بإعدامه    خلال السنوات الخمس الأخيرة.. 5 محافظات تتغيب عن قائمة أوائل الثانوية العامة    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    بمشاركة 4 جامعات.. انطلاق مؤتمر "اختر كليتك" بالبحيرة - صور    حرائق الغابات تتمدد في تركيا.. والسلطات تعلن حالة التأهب حتى أكتوبر    حركة الصحة| تجديد الثقة في 10 وكلاء للوزارة (قائمة بالأسماء)    بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    اشتهر بدهان جسده.. بورسعيد تشيع جنازة "السمعة" أشهر مشجعي المصري - صور    بالصور- استرداد 105 أفدنة من أراضي أملاك الدولة في الأقصر    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    الحرارة المحسوسة تقترب من 50.. الأرصاد تعلن استمرار الموجة شديدة الحرارة غدًا    خبطها وشتمها وهرب.. ضبط ميكانيكي تعدى على سيدة في الإسماعيلية | فيديو    "دفنهم تحت البلاط".. وصول "سفاح المعمورة" محكمة جنايات الإسكندرية - صور    "منتهى الشياكة".. نورهان منصور تتألق بإطلالة صيفية جريئة (صور)    بعد غضب تامر حسني.. تعرف على الأغاني الأكثر رواجا بموقع "يوتيوب"    إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان "ليالينا في العلمين"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    نجاح جراحة دقيقة لاستئصال جزء من القصبة الهوائية وإعادة توصيلها بمستشفى جامعة قناة السويس    بعد وفاة هالك هوجان- 8 نصائح للوقاية من مرضه    15.6 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" حتى الآن؟    بعد اتهامها بتجارة الأعضاء.. نجوم الفن يدعمون وفاء عامر: «ست جدعة ب 100 راجل»    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    حملات أمنية مكثفة تضبط 38 متهماً بحوزتهم مخدرات وأسلحة بالجيزة    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    ورش في المونتاج والإخراج وفنون الموسيقي، برنامج التدريب الصيفي للشباب وطرق الاشتراك    «القومي للمرأة» يهنئ آمنة الطرابلسي لفوزها بمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي للإسكواش    جمال شعبان يوجه نصائح لتجنب الأزمات القلبية    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    عمرو السولية: "القاضية" البطولة الأهم في مسيرتي مع الاهلي.. بيراميدز استحق التتويج الأفريقي    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    الاحتلال يخرق الهدنة.. 43 شهيدًا في غزة بينهم 29 من منتظري المساعدات    محافظ أسوان يتفقد محطة جبل شيشة لمياه الشرب بالشلال    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان عبد الفتاح بدر تكتب: الميدان العام وهابرماس فى مصر

إن قُدر لهابرماس أن يعيش فى مصر الآن لرمى كل نظرياته السياسية من الشباك ومات كمداً لأن الشعب المصرى أثبت خطأ كل فرضياته، أفنى هابرماس حياته فى التنظير السياسى وشَغِلته فكرة رئيسية تتمثل فى كيفية تحقيق العدالة السياسية فى النظم الديموقراطية وكيف يضمن أن ممثلى الشعب من نوابه يتصدون فعلاً لقضايا تهم الشعب وأنهم يدافعون عن قضايا من لا صوت لهم والمهمشين، وتوصل إلى أن الحل يكمن فى ساحة حوارية متاحة للكافة يتم فيها تبادل كافة وجهات النظر والتحاور بشأن أهم القضايا أسماها الميدان العام public sphere ولا يخفى عن القارئ ان وسائل الإعلام هى من أمثل من تقوم بهذا الدور فى حال نزاهتها واستقلالها السياسى وانحيازها للصالح العام كما هو من المفترض أن تكون.
المهم أن هذا المفكر الألمانى العظيم كان سيصاب بصدمة عصبية إن كان يجيد اللغة العربية وأطلع على النقاش الدائر فى الميدان العام المصرى عبر وسائل الإعلام المختلفة، فقد تحطمت فرضيته الرئيسية وهى أن الصالح العام هو الهدف من النقاش العام وأن البقاء للرأى الأصلح والأصوب، حيث اعتمد الرجل فى نزعته نحو المثالية معاييراً صارمة مثل عقلانية الرأى وتغليب الصالح العام على الخاص إضافة إلى الاستناد إلى معلومات دقيقة واحترام شروط الحوار، ولا أقصد بآداب الحوار البديهيات كالإنصات والاحترام بل وضع هابرماس شروطاً للعقلانية فى الحوار الدائر منها عدم شخصنة القضايا أو النيل من الشخص صاحب الفكرة أى عدم ضربه تحت الحزام او التشكيك فى مصداقيته بأساليب غير موضوعية من عينة بتاع أجندة أو أنه يتهته.
تأتى أهمية هذا الكلام ومواكبته لمصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011 لأن هابرماس تأثر فى صياغة نظرياته بظروف شبيهة بما نشهده الآن فى مصر، فقد نشأ بين عهدين فاصلين فى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد هزيمة الدكتاتور هتلر وسقوط نظامه وكان يتم إعادة بنائها على أسس ديموقراطية بعد أهوال ما انكشف من مهازل قمعية أثناء العهد النازى، وفى هذه الفترة الحاسمة كان يسيطر على المجتمع الألمانى والقائمين على إعادة بنائه هاجسان: الهاجس الاول كيف حدث كل ذلك القمع تحت سمع وبصر الشعب الذى كان يؤيد الفوهرر العظيم والهاجس الثانى كيف يتم منع ارتداد المجتمع الألمانى للفكر النازى او تقديس عبادة الفرد مرة أخرى، وهما كما نرى هاجسان واردان فى مجتمعنا المصرى الحبيب الذى يريد من الآخر: يعنى فلان الفلانى حلو ولا وحش؟ ولا يريد المواطن عضو حزب الكنبة العظيم أن يرهق نفسه بالتفكير والبحث عن معلومات موثقة قبل اتخاذ قراره، من الطبيعى أنه لا يوجد من هو ناصع البياض ومن هو بالغ السواد..الناس والدنيا درجات من الرمادى وفى ذلك السياق يعد التعامل العقلانى والنقد الدائم ومراجعة موقف الذات باستمرار مراعاة للوقائع الموضوعية ومتابعة المستجدات باستمرار مرهق لنفس قد تميل إلى إراحة الدماغ والانسياق وراء مشاعر عاطفية من عينة استلطف فلان أو هذا يؤثر فى نفسى، وخطورة ذلك أن العملية السياسية فى المرحلة الانتقالية لا يمكن أن تنساق وراء المشاعر الغاضبة أو الحالمة او الانتقامية، بل الفيصل فى عملية بناء حياة الديموقراطية السليمة هى العقلانية حتى لو يعنى ذلك ارتضاء من لا تميل إليه قلوبنا.
أقول كل ذلك لأن –إلى جانب خطر الميل للعاطفية على حساب العقلانية- توجد أسئلة كثيرة تتردد فى ذهنى تكفيك نظرة على تيارات النقاش السائدة لطرحها: لم لا تتسع صدور ناس من المفترض أنهم نخبة المجتمع المصرى للنقد الموضوعى والمحترم ؟ هل النقد أصبح سلبية وعدم وطنية؟ ولم عدم احترام الاختلاف فى الآراء وشخصنة كل شئ والزج بربنا فى الموضوع كأن الناقدين للأوضاع كفرة أو يرفضون مشيئة الله؟ لماذا لا نتحاور بديموقراطية ويسود المنطق التخوينى بدلاً من ذلك؟ لم لا يسود المبدأ الليبرالى عملاً بمبدأ "لكم دينكم ولى دينى"؟ لماذا إقصاء للآخر من ساحة الحوار لأنه إما ليبرالى زيادة عن اللزوم أو متطرف زيادة عن اللزوم؟ ومن له الحق فى تصنيف الناس أساساً؟
لست مقتنعة بنظرية النظام السابق أن الشعب غير ناضج سياسياً وأرى ان الإنضاج لا يتم إلا بالتعلم وإن كنا حرمنا تماماً من اختيار رئيسنا فى انتخابات حرة ونزيهة على مدى آلاف السنين فمن الطبيعى أننا نحتاج إلى كورس مكثف ضاغط وتدريب شاق على ممارسة العملية السياسية الديموقراطية مع تحمل تبعات اختياراتنا حتى إن ساءت فى البدايات، الشرط الرئيسى الضامن لاستمرار عملية تعلم الشعوب هى الهياكل الديموقراطية المستقرة التى تحترم سيادة القانون والتى لا تتلاعب بها النخب لصالحها او لصالح الشلة الحاكمة حتى لا ينحرف المسار العام.
من حق الجميع أن يشتبكوا فى حوار ديموقراطى ومنطقى من أجل إقناع الآخرين والرأى العقلانى والمقنع هو الذى من المفترض أن يسود بعد نقاش وجدل صحى. هذا لب العملية الديموقراطية التى نريدها فى مصر.
* حاصلة على منحة الدكتوراه فى الإعلام الدولى والنظم الإعلامية المقارنة بجامعة إيرفورت بألمانيا والمدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.