المعهد القومي للبحوث الفلكية: زلازل جنوب كريت تؤثر على شمال مصر لهذا السبب    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    "إكس" تعود للعمل بعد انقطاعات في الخدمة امتدت لساعات    سعر الأسمنت والحديد بسوق مواد البناء اليوم الأحد 25 مايو 2025    "دفاع الشيوخ": قانون الانتخابات يرسخ مبادئ الجمهورية الجديدة بتمثيل كافة فئات المجتمع    زيلينسكي: المرحلة الثالثة من تبادل أسرى الحرب ستُنفذ الأحد    النيابة تقرر حبس «طفل المرور» وصديقه وتأمر بإخلاء سبيل اثنين آخرين    العثور على جثة شاب مقتولاً فى ظروف غامضة بأسوان.. اعرف التفاصيل    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    استعدي لعيد الأضحي.. أفضل طريقة لتنظيف الكنب و فرش الأثاث بدون كيماويات    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    السنغال في مرمى التمدد الإرهابي.. تحذيرات من اختراق حدودها من قبل جماعة نصرة الإسلام    مستوطنون ينظمون مسيرات استفزازية في القدس المحتلة    بين الإشادة والشكوى.. كيف كان خطاب ترامب بالأكاديمية العسكرية؟    باريس سان جيرمان يحصد الثنائية بالتتويج بلقب كأس فرنسا.. فيديو    عضو «الباتريوت الأوكراني»: الدعم العسكري الغربي يتسبب في إطالة أمد النزاع مع روسيا    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    بيسيرو: رحيلي عن الزمالك لم يكن لأسباب فنية    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    «الرمادي»: كنا بحاجة إلى تحقيق الفوز لاكتساب الثقة بعد فترة من التعثر    الليلة.. محمد صلاح يتحدث حصريا ل"أون سبورت" بعد إنجازه التاريخى فى الدورى الإنجليزى    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    رسميًا بعد خفض الفائدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 25 مايو 2025    موجة حر شديدة تضرب القاهرة الكبرى.. انفراجة مرتقبة منتصف الأسبوع    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    قوات الحماية تسيطر على حريق مصنع للمراتب بالمدينة الصناعية ببلطيم    د.حماد عبدالله يكتب: إعلاء القانون فوق الجميع !!!!    سعر الذهب اليوم الأحد 25 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    شريف فتحي: 30% زيادة في الأسعار السياحية والطلب على الساحل الشمالي يتجاوز الطاقة الفندقية    السفير الروسي ببنغازي يبحث فرص التعاون التجاري وإعادة تفعيل المشاريع المشتركة    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    اجتماع عاجل بين رؤساء أندية الأدب ورئيس قصور الثقافة لمناقشة أزمة إغلاق بيوت الثقافة    اليوم| نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    عضو "الباتريوت الأوكراني": الشروط الأمريكية تخدم استنزاف روسيا    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    «أباظة» يكرم رئيس حزب الجبهة الوطنية في ختام مؤتمر الشرقية| فيديو    توتر غير مسبوق في الداخل الإسرائيلي بسبب الرهائن وطلب عاجل من عائلات الأسرى    بسبب مضاعفات ما بعد الولادة.. وفاة أول رجل عربي "حامل"- صور    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    محافظ الغربية يتفقد مستشفى طنطا العام الجديد في أول أيام استقبال الطوارئ    وزير الشؤون النيابية بمؤتمر حزب الجبهة الوطنية: نفتح أبوابنا لكل الرؤى    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان عبد الفتاح بدر تكتب: الميدان العام وهابرماس فى مصر

إن قُدر لهابرماس أن يعيش فى مصر الآن لرمى كل نظرياته السياسية من الشباك ومات كمداً لأن الشعب المصرى أثبت خطأ كل فرضياته، أفنى هابرماس حياته فى التنظير السياسى وشَغِلته فكرة رئيسية تتمثل فى كيفية تحقيق العدالة السياسية فى النظم الديموقراطية وكيف يضمن أن ممثلى الشعب من نوابه يتصدون فعلاً لقضايا تهم الشعب وأنهم يدافعون عن قضايا من لا صوت لهم والمهمشين، وتوصل إلى أن الحل يكمن فى ساحة حوارية متاحة للكافة يتم فيها تبادل كافة وجهات النظر والتحاور بشأن أهم القضايا أسماها الميدان العام public sphere ولا يخفى عن القارئ ان وسائل الإعلام هى من أمثل من تقوم بهذا الدور فى حال نزاهتها واستقلالها السياسى وانحيازها للصالح العام كما هو من المفترض أن تكون.
المهم أن هذا المفكر الألمانى العظيم كان سيصاب بصدمة عصبية إن كان يجيد اللغة العربية وأطلع على النقاش الدائر فى الميدان العام المصرى عبر وسائل الإعلام المختلفة، فقد تحطمت فرضيته الرئيسية وهى أن الصالح العام هو الهدف من النقاش العام وأن البقاء للرأى الأصلح والأصوب، حيث اعتمد الرجل فى نزعته نحو المثالية معاييراً صارمة مثل عقلانية الرأى وتغليب الصالح العام على الخاص إضافة إلى الاستناد إلى معلومات دقيقة واحترام شروط الحوار، ولا أقصد بآداب الحوار البديهيات كالإنصات والاحترام بل وضع هابرماس شروطاً للعقلانية فى الحوار الدائر منها عدم شخصنة القضايا أو النيل من الشخص صاحب الفكرة أى عدم ضربه تحت الحزام او التشكيك فى مصداقيته بأساليب غير موضوعية من عينة بتاع أجندة أو أنه يتهته.
تأتى أهمية هذا الكلام ومواكبته لمصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011 لأن هابرماس تأثر فى صياغة نظرياته بظروف شبيهة بما نشهده الآن فى مصر، فقد نشأ بين عهدين فاصلين فى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد هزيمة الدكتاتور هتلر وسقوط نظامه وكان يتم إعادة بنائها على أسس ديموقراطية بعد أهوال ما انكشف من مهازل قمعية أثناء العهد النازى، وفى هذه الفترة الحاسمة كان يسيطر على المجتمع الألمانى والقائمين على إعادة بنائه هاجسان: الهاجس الاول كيف حدث كل ذلك القمع تحت سمع وبصر الشعب الذى كان يؤيد الفوهرر العظيم والهاجس الثانى كيف يتم منع ارتداد المجتمع الألمانى للفكر النازى او تقديس عبادة الفرد مرة أخرى، وهما كما نرى هاجسان واردان فى مجتمعنا المصرى الحبيب الذى يريد من الآخر: يعنى فلان الفلانى حلو ولا وحش؟ ولا يريد المواطن عضو حزب الكنبة العظيم أن يرهق نفسه بالتفكير والبحث عن معلومات موثقة قبل اتخاذ قراره، من الطبيعى أنه لا يوجد من هو ناصع البياض ومن هو بالغ السواد..الناس والدنيا درجات من الرمادى وفى ذلك السياق يعد التعامل العقلانى والنقد الدائم ومراجعة موقف الذات باستمرار مراعاة للوقائع الموضوعية ومتابعة المستجدات باستمرار مرهق لنفس قد تميل إلى إراحة الدماغ والانسياق وراء مشاعر عاطفية من عينة استلطف فلان أو هذا يؤثر فى نفسى، وخطورة ذلك أن العملية السياسية فى المرحلة الانتقالية لا يمكن أن تنساق وراء المشاعر الغاضبة أو الحالمة او الانتقامية، بل الفيصل فى عملية بناء حياة الديموقراطية السليمة هى العقلانية حتى لو يعنى ذلك ارتضاء من لا تميل إليه قلوبنا.
أقول كل ذلك لأن –إلى جانب خطر الميل للعاطفية على حساب العقلانية- توجد أسئلة كثيرة تتردد فى ذهنى تكفيك نظرة على تيارات النقاش السائدة لطرحها: لم لا تتسع صدور ناس من المفترض أنهم نخبة المجتمع المصرى للنقد الموضوعى والمحترم ؟ هل النقد أصبح سلبية وعدم وطنية؟ ولم عدم احترام الاختلاف فى الآراء وشخصنة كل شئ والزج بربنا فى الموضوع كأن الناقدين للأوضاع كفرة أو يرفضون مشيئة الله؟ لماذا لا نتحاور بديموقراطية ويسود المنطق التخوينى بدلاً من ذلك؟ لم لا يسود المبدأ الليبرالى عملاً بمبدأ "لكم دينكم ولى دينى"؟ لماذا إقصاء للآخر من ساحة الحوار لأنه إما ليبرالى زيادة عن اللزوم أو متطرف زيادة عن اللزوم؟ ومن له الحق فى تصنيف الناس أساساً؟
لست مقتنعة بنظرية النظام السابق أن الشعب غير ناضج سياسياً وأرى ان الإنضاج لا يتم إلا بالتعلم وإن كنا حرمنا تماماً من اختيار رئيسنا فى انتخابات حرة ونزيهة على مدى آلاف السنين فمن الطبيعى أننا نحتاج إلى كورس مكثف ضاغط وتدريب شاق على ممارسة العملية السياسية الديموقراطية مع تحمل تبعات اختياراتنا حتى إن ساءت فى البدايات، الشرط الرئيسى الضامن لاستمرار عملية تعلم الشعوب هى الهياكل الديموقراطية المستقرة التى تحترم سيادة القانون والتى لا تتلاعب بها النخب لصالحها او لصالح الشلة الحاكمة حتى لا ينحرف المسار العام.
من حق الجميع أن يشتبكوا فى حوار ديموقراطى ومنطقى من أجل إقناع الآخرين والرأى العقلانى والمقنع هو الذى من المفترض أن يسود بعد نقاش وجدل صحى. هذا لب العملية الديموقراطية التى نريدها فى مصر.
* حاصلة على منحة الدكتوراه فى الإعلام الدولى والنظم الإعلامية المقارنة بجامعة إيرفورت بألمانيا والمدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.