إذا أردت أن تتطهر.. اذهب إلى ميدان التحرير. إذا أردت أن تتوب عن ذنوبك كبيرة كانت أم صغيرة.. اذهب إلى ميدان التحرير. إذا أردت أن تولد من جديد.. اذهب إلى ميدان التحرير. إذا رغبت أن ترى مصر «الجديدة».. اذهب إلى ميدان التحرير. أدعوكم جميعا قبل أن تسبوا الشباب وتحملوهم قطع أرزاقكم أن تذهبوا إلى ميدان التحرير.. جربوا ولن تندموا.. سوف تخرجون من الميدان بقلوب نظيفة وضمائر نقية وعقول منفتحة وسوف تهتفون: (مصر.. مصر.. تحيا مصر) سائق التاكسى الذى اضطرته ظروف الحياة إلى سرقة زبائنه.. حين يذهب إلى الميدان سيعود عاملا شريفا يعرف واجباته مع معرفته بحقوقه. صاحب السيارة الذى يسابق رفيقه فى الطريق على عدة خطوات.. سيعود مؤمنا بحق كل واحد فى الطريق وسيترفق بالعجائز الذين يريدون عبور الطريق. الموظف الصغير الذى مد يده مرة أو مرات ليحصل على رشوة من أخيه المواطن رغما عنه لكى يعيش، سيعرف فى الميدان أن من يتظاهر يريد له دخلا حلالا يكفيه دون أن يغضب ربه. المدرس الذي يعطى دروسا خصوصية وأستاذ الجامعة الذى ينسخ الأبحاث ليترقى والطبيب الذى يستغل المريض الفقير.. كلهم سيتطهرون فى الميدان ويعودون شرفاء كرماء آدميين، لأن المتظاهرين يطالبون لهم بالكفاية والعدل والكرامة. لاعبو كرة القدم سيجدون جمهورهم الحقيقى فى الميدان وستتفتح أعينهم على الحقيقة، ولن يظهروا فى التليفزيون مرة أخرى مطالبين ببقاء النظام الذى قتل جمهورهم الذى هتف بأسمائهم ووضعهم فى القمة. أما صحفيو النظام وأراجوزات إعلامه فلا فائدة من ذهابهم إلى الميدان فليبقوا فى مكاتبهم المظلمة لأن خطاياهم لن يمحوها نهر النيل وضمائرهم لن تستيقظ أبدا.. فمن سقط اختار سقوطه بنفسه وحصل على الثمن أضعافا مضاعفة (أموالا وسيارات وفيللا وأراضى.. و..) . قبل أن تلعنوهم.. شاهدوهم.. اسمعوهم.. افهموهم.. ولن تندموا أبدا. فى التحرير ينام المصريون تحت المطر وفوق الرصيف.. يأكلون العيش الحاف.. يموتون برصاص القناصة وتحت أقدام الخيول وبمطاوى البلطجية.. كل هدفهم وغايتهم ورغبتهم ومطالبهم أن يعبروا بنا إلى مصر «جديدة» نمشى فيها مرفوعى الرأس ونعيش فيها مرفوعي الكرامة، لدينا ما يكفينا من متطلبات الحياة الأساسية «طعاما - علاجا - تعليما - مسكنا»، لا يريدون لنا إلا أن نعيش أحرارا فى وطن حر يسترد مكانته التى يستحقها. فى الميدان فقراء وأغنياء ومتوسطي الحال.. أميون وحاملو أعلى الشهادات ومتعلمون «أجنبى وتجريبى وقومى».. توافقوا لأول مرة وتعارفوا لأول مرة واتفقوا لأول مرة وعاشوا لأول مرة معادون فوارق أو حقد أو قرف.. إنها مصر أخرى غير التى كنا نعرفها ونشكو منها ليل نهار. فى الميدان مسلمون ومسيحيون.. منقبات ومحجبات وسافرات.. أحبوا بعض وتقبلوا بعض بجد وليس فى التليفزيون. لقد صهرت نار الثورة معادن المصريين ونقتها وأخرجت أجمل ما فيها. إذا أردت أن تتطهر.. اذهب إلى ميدان التحرير.