جاءني صوته عبر الهاتف طليقا و حماسيا و متقدا بالغضب و الامل في آن قائلا " بعد ما حدث في تونس لن نتراجع و علي النظام المصري ان يستعد ، فيوم 25 يناير سيكون هو البداية " اسعدني حماس هذا الشاب المخلص الحالم بمصر اجمل و اكثر عدالة و حرية فتساءلت " البداية لايه بالضبط " فأجاب بنفس الحماس " لاستقالة الرئيس و التغيير الشامل في مصر " . و بصرف النظر عن حماس هذا الشاب الذي اشعل حماسه نبضات الامل لدي مرة اخري و بصرف النظر عن يوم 25 يناير و هو اليوم الذي دعا اليه الاف الشباب ليكون يوما للتظاهر و اعلان الاحتجاج ضد نظام الحكم الحالي فإن ما اثبتته الثورة التونسية الرائعة و المدهشة ان عدوي الثورة تنتقل من مكان لاخر بسرعة البرق و بشكل لا يتصوره احد و هو الامر الذي ظهر في دعوة الاف الشباب المخلصين الي ان يكون يوم 25 يناير الجاري يوما للتظاهر ضد نظام مبارك و ضد الغلاء و الفساد و البطالة و الديكتاتورية و الاستحواذ علي السلطة و الثروة . " قد يكون يوم 25 يناير هو البداية للتغيير في مصر " كما قال الشاب المخلص و هذا باختصار هو الامل الذي فجرته ثورة تونس و لكن الاهم ان هناك ملمحا رئيسيا ظهر في اعقاب هذه الثورة العظيمة وهو ان الثورات القادمة يبدو انها ستكون ثورات " عصرية تستخدم ادوات العصر و تطالب بقيم العصر " . لقد كانت التجربة التونسية كافية لالهام الشباب المصريين لاستخدام الانترنت في الدعوة لمظاهرة 25 يناير - التي توقع الكثيرون ان تكون حاشدة و مختلفة عن كل الاحتجاجات السابقة - بنفس الطريقة التي استخدمها الشعب التونسي في الاطاحة بالديكتاتور بن علي ، و هو الامر الذي يثبت ان الثورات او حتي محاولات التحرر من الانظمة الديكتاتورية في المرحلة القادمة سيعتمد علي " لغة العصر " اي التكنولوجيا الحديثة التي اضحت هي الاعلام البديل الذي تعتمد عليه الجماهير المقهورة في التعبير عن غضبها و ذلك في مواجهة الاعلام الذليل المتواطيء علي مصالحها لصالح السلطات الفاسدة و المستبدة . اما الامر الاخر الذي اكدته الثورة التونسية هو ان الثورات القادمة سترفع شعارات اجتماعية ترفض الاستحواذ علي الثروة في الوطن العربي لصالح قلة من رجال الاعمال و الاثرياء المتحالفين مع السلطة و لكنها في ذات الوقت لن تستطيع ان تفصل بين كل المطالب الاجتماعية في الاجور العادلة و التنمية و مواجهة الفقر و الاهتمام بالصحة و التعليم و بين شعارات الديمقراطية و الحرية و تداول السلطة و نزاهة الانتخابات بعدما اضحت هذه هي قيم العصر الذي نعيشه و هذا هو الذي الهم شباب مصر الي الدعوة لاحتجاجات في 25 يناير – ذكري عيد الشرطة – ضد النظام الحالي ترفض الغلاء و البطالة و تطالب بالديمقراطية و تداول السلطة و رحيل النظام الفاسد الذي يحكم مصر . يبدو ان كل المضهدين و المهمشين و الفقراء اصبحت ثورة تونس بالنسبة اليهم هي القبلة و الهدف و هي التي تبشرهم بالامل في الغد الذي يحمل العدل و الحرية و التقدم و الكرامة لذلك فإن 25 يناير بالنسبة لهؤلاء جميعا سيكون هو البداية للغد الذي ينتظرونه منذ سنوات طويلة تحت حكم الطواريء و النهب و الفقر و الفساد و الاستبداد و تحالف الثروة و السلطة . بعدما فكرت و تأكدت ان الثورة تحمل " عدوي طيبة " تنتشر و ثؤثر و تغير ادركت ان حماس الشاب الذي اعتبر ان 25 يناير سيكون بداية النهاية لنظام الحكم المصري امرا طبيعيا جدا اذ ان دروس الثورة التونسية و نتائجها قد انتقلت الي الشباب المصري الذي حلم و رتب و بدأ في الحركة لكي يكون يوم الخامس و العشرين من يناير هو يوم " استقالة الرئيس " !