جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    مدبولي يتابع ميدانيًا مراحل التشغيل التجريبي لمحطة الربط الكهربائي المصري السعودي بمدينة بدر.. صور    الإسكان: منح تيسيرات في سداد المستحقات المالية المتأخرة على الوحدات والمحال وقطع الأراضي والفيلات    سويلم يلتقى وزير الزراعة الموريتانى ضمن فعاليات "إسبوع القاهرة الثامن للمياه    جوتيريش يشيد بدور مصر فى إنجاح اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى غزة    يورونيوز: ترامب يُركز على حرب روسيا بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    فرانكو دوناتو وأحمد شبراوي ضمن أفضل 10 رماة في العالم    مصرع عنصرين جنائيين شديدى الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    محافظ أسيوط يعلن عن ضبط محطة وقود جمعت أكثر من 85 طن سولار وبنزين دون وجه حق    بالأسماء.. مصرع وإصابة 19 عاملًا في حادث انقلاب سيارة بصحراوي البحيرة    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال33    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    دار الإفتاء توضح حكم ولادة السيدات على يد طبيب رجل    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    اليوم.. ثنائي الجهاز الفني لتوروب يظهر في تدريبات الأهلي    سعر الدينار الكويتى اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 بمنتصف التعاملات    تسليم شهادات التحقق من البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    رئيس إندونيسيا يؤكد دعمه لاتفاق شرم الشيخ للسلام فى غزة    الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وفرص أمطار ببعض المناطق    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل منفلوط ل3 أطفال    وزير الزراعة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز الاستثمار الزراعي    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكشف عن لجنة تحكيم دورته الثانية    محافظ الفيوم يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لبحث احتياجات المواطنين وتحسين الخدمات    فأر يربك مباراة ويلز وبلجيكا بتصفيات كأس العالم 2026    مدير منتخب مصر يكشف سبب استبعاد أحمد الشناوي عن المعسكرات    إشادة دولية بالتجربة المصرية في الاعتماد الصحي خلال مؤتمر ISQua الدولي بالبرازيل    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    العد التنازلي بدأ.. المتحف المصري الكبير يستعد لإبهار زواره بكنوز الفرعون الذهبي    محمود عبد المغنى يشارك فى بطولة فيلم شمس الزناتى وينتظر عرض صقر وكناريا    "الوطنية للانتخابات" تعلن الخميس القائمة المبدئية لمرشحي مجلس النواب 2025 وتبدأ مرحلة الطعون    وزارة الصحة تغلق مركزا غير مرخص للتجميل بمدينة نصر.. التفاصيل صادمة    جامعة حلوان تشارك في المعرض السنوي للثقافات العسكرية    نائب رئيس جامعة القاهرة يلتقي وفداً من جامعة ولاية بنسلفانيا هاريسبرج الأمريكية    القانون يحدد اختصاصات المجلس القومي للصحة النفسية.. اعرفها    وزير الصحة يبحث مع وزيرة الصحة الألمانية تعزيز التعاون المشترك    الكنيسة الأسقفية تؤيد اتفاق شرم الشيخ وتثمن جهود القيادة المصرية من أجل السلام    رئيس جامعة جنوب الوادي يتابع المشروعات التطويرية بالمدن الجامعية    اليوم.. أول اجتماع للجنة تطوير الإعلام برئاسة خالد عبد العزيز    أسعار اللحوم اليوم اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    المكسب هو الحل.. ماذا يحتاج المنتخب السعودي والعراقي من أجل حسم التأهل إلى كأس العالم؟    "قمة شرم الشيخ للسلام" تتصدر اهتمامات الصحف الكويتية    وزارة التجارة الصينية تدعو أمريكا إلى إظهار الصدق في المحادثات التجارية    سعر سبيكة الذهب اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025.. بكام سبيكة ال5 جرام بعد القفزة الأخيرة؟    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    صحيفة ألمانية: سياسة برلين تجاه حرب غزة أفقدت ألمانيا نفوذها الدولي    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    حبس 3 أشخاص بعد قيامهم بعمل حركات استعراضية بسيارات في الطريق العام ببسيون    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرف البنات علي مذبح الهلال مع الصليب
نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 01 - 2010

لم أستطع مغالبة الغضب والحنق ولم أستطع الاستسلام لقناعة أن السكوت أفضل من الكلام لأنه بلا مجهود والنتيجة واحدة. مضي أكثر من شهرين وعيناها تلاحقاني، ترمي بنظرة لا تطلب ولا تعفو، عيني طفلة تسأل «بأي ذنب وئدت؟» ربما لأنني أعلم أنها في عمر ابنتي. كنت أشعر بنظراتها وأنا أقف في الشارع مع الآلاف نحتفل بالفوز علي الجزائر في القاهرة، أستيقظ كثيرا قبل الفجر وأري نفس النظرات، لا أعرف اسم صاحبتها ولا شكلها لكن أعرف قصتها.
طفلة في الصف الإعدادي في صعيد مصر تستدرجها صديقة المدرسة لزيارة زميلة مريضة، فتخدعها وتستدرجها لمنزل ابن عمها فيقيدها ويغتصبها عارية.
لماذا تلاحقني بنظراتها وصفحات الحوادث لا تخلو شبه يوميًا من حادث مشابه؟ أكاد أشك أن روح الطفلة هي التي تلاحقني، فالحقيقة أن الطفلة المغتصبة أصبحت في حكم القتيلة والفضل لمجتمعنا الشريف الذي جعل البنت وشرفها ملكاً لرجل وحقاً أصيلاً له إما يصونه وإما ينتهكه، وحرم صاحبة الشرف من هذا الحق.
وفي الصعيد ماذا يكون حال هذه الطفلة التي ذبحت علي أولي خطوات التفتح للحياة، ويعتبرها مجتمعها وأسرتها مريضة يتمنون لو ماتت وأراحت واستراحت. فهل تركها القاتل المغتصب؟ تخيلوا لا لم يفعل. بل سحب الذبيحة وراح يمثل بجثتها بدل المرة عشرات المرات، فابن عم الصديقة صور اغتصابه للطفلة ووزعها في كليب علي أجهزة المحمول تناقله شباب القرية والمدينة حتي وصل لأشقاء الطفلة وأولاد عمومتها فماذا حدث؟ أتساءل: ماذا حدث للطفلة وليس للمغتصب؟ هل يعرف أحدكم؟ هل تعرف السيدة سوزان مبارك- رئيس المجلس القومي للمرأة- وهل تعرف السيدة مشيرة خطاب- وزير الأسرة- وهل تعرف رئيس المجلس الأعلي للطفولة ؟ وهل حاولت واحدة منهن أو طلبت من أحد أن يعرف مصير الطفلة وأن يمد يد المساعدة النفسية والإنسانية لعلاج أزمتها إذا كانت علي قيد الحياة.
كلنا نعرف أن أشقاء الطفلة هاجموا المغتصب وأهله في سوق القرية بأسلحة نارية وقتلوا ثلاثة من أهله وهرب المغتصب ولحق به أفراد أسرته، في حين سجن أشقاء الطفلة لقتلهم أبرياء ولم يحاكم المغتصب علي جريمته.
لماذا التزم الجميع الصمت ولم يسأل أحد كيف هرب - وقبله وبعده يهرب المغتصبون بالعشرات من جريمة ثابتة في كليب موزع علي مئات الأجهزة؟ ولماذا لاتلاحقه أجهزة الأمن، علي العكس أطلقوا علي الكليب اسم «كليب الفتنة الطائفية» إرهاب كل من يقترب من الموضوع.
هل نسيت أن أذكر أن الطفلة المغتصبة «مسلمة» وأن المغتصب الذي مثل بجثتها «مسيحي»؟ لا لم أنس لأن الديانة لا تمنح حماية لجريمة مركبة بشعة «مغتصب يمثل بجثة الطفلة التي اغتصبها ولم يقتلها». هل خرج أي شيخ أو قسيس في الصعيد أو القاهرة وتعامل مع الحادث علي أنه حادث فتنة طائفية؟ علي العكس تجاهل الجميع هذا الجانب لحساسيته، ولكني تجاهلته لأنه لا يمثل فارقاً في تقديري لبشاعة الجريمة، لأن أي دين سماوي ولا أعرف عن الأديان الأخري لا يقر تمثيل القاتل بجثة القتيل حتي ولو كان عدوًا، وما أعرفه أن السيد المسيح طلب من أتباعه إذا لطمهم أحد أن يديروا له الجانب الآخر، دعوة للتسامح المفرط والإسلام منع المحاربين من القتل دون قتال وحرم قتل الأسري والعزل والأطفال والشيوخ والنساء، فهل نتجه نحو تغيير أصيل في الشرائع السماوية والتشريعات المدنية، وهل نجعل من قانون العقوبات نسختين، نسخة تطبق علي أصحاب الديانة الواحدة ونسخة تعرف «بقانون عقوبات الفتنة الطائفية» يطبق حال ارتكاب جرائم بين طرفين مختلفي الديانة ويكون روح القانون إذا قتل مسلم مسيحياً فيجب أن يعفو القتيل وإلا اتهم بإثارة الفتنة الطائفية وإذا قتل المسيحي مسلماً ومثل بجثته فعلي الجثة أن تهتف للوحدة الوطنية.
هناك أكثر من ملاحظة استوقفتني وحدي علي مايبدو، أولاها أن الصديقة المسيحية تدعي ماريان إسرائيل والاسم ليس من السهل في تقديري استساغته عند المصريين ومع ذلك نشأت صداقة قوية بين الطفلتين كانت أساساً للثقة التي قادت صاحبتها للخدعة ولم تمنع الأسر بناتها من الاختلاط والتقارب حسب الديانة رغم المصادمات التي تنفجر من وقت لآخر وفقا للأجندة.
الثانية أن أشقاء الطفلة وأهلها قاموا بما يقوم به كل الصعايدة في الانتقام للشرف الذي داسه حيوان لا يصح أن نبحث له عن دين وكل الأديان تبرأ من جريمته، وكلنا نعرف أن الثأر في الصعيد لا تنفع معه قوانين ولا أديان ونسمع ونعجب لعائلات تفني في مسلسل ثأر يمتد عقوداً للخلاف علي ري أرض أو إصابة بقرة، ومع ذلك سارعنا باستنكار انتقام أهل الطفلة ليس لأنه تعدٍ علي سلطة القانون ولكن لأنها تهدد السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، فالجريمة الأصلية حادث فردي لم يتوقف أمامه أحد والانتقام فتنة طائفية توقف الجميع أمامه.
أنتم تطلبون اليوم من الرجل أن يتنازل عن أحد مظاهر رجولته في تطهير شرفه ضد من يعتدي علي زوجته أو ابنته أو شقيقته لأن المعتدي من أصحاب الدين الآخر ولا تدرون أنكم بذلك تكرسون الفرقة والحقد بين أبناء الوطن الواحد. المهم ألا تهتزوا من أجل المرأة أو الطفلة التي تغتصب كل يوم ولا تعترفوا بأنكم بقوانينكم وشرائعكم المشوهة تغتصبون حقوق المرأة كما منحها الله لها في أن تحيا كإنسان وليس رقيقاً يباع ويشتري ويصبح غنيمة لأمهر اللصوص، وتمنحونها ألقابًا ومقاعد في الوزارات لتسترون عورتكم.
ملحوظة ثالثة أن الرجل إذا قتل زوجته الخائنة وعشيقها يقتل اثنين يحصل علي حكم مخفف وشهادة بطولة، فالمجتمع أعطي كل الرجال تفويضًا في تطبيق حد الزنا دون أربعة شهود، أما الزوجة إذا قتلت الزوج الخائن وعشيقته أو أيهما فتحصل علي أغلظ العقوبات لأنها لا شرف لها تدافع عنه رغم أن حد الزنا واحد علي الرجل والمرأة، ومع ذلك تحلمون أن يترك الرجل طواعية حقه في ممارسة الشرف ويتنازل عن صك الملكية حبا وكرامة من أجل السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية ولن يفعل.
الملحوظة الأخيرة أن خطاب الأزمة يتوجه للرجل، المغتصب والمنتقم، للوصول إلي تسوية واتفاق ويستمر في تجاهل المرأة والفتاة والطفلة في ظل غياب مهين لمجالس السيدات الفضليات القومية والعليا، فأصبح الرجل هو الذي يغتصب وينتقم ويتفاوض ويتراضي علي ثمن شرف المرأة، هل تكون سنوات سجن أم اتفاقيات صلح يرعاها الشيوخ والقساوسة.
ولا أستبعد صياغة مادة في قانون عقوبات الفتنة الطائفية ترتكز علي مبدأ المساواة في اغتصاب البنات، فإذا اغتصب مسيحي فتاة مسلمة يقدم المسيحيون فتاة منهم ليغتصبها مسلم والعكس ويخرج جميع الرجال مسيحيون ومسلمون يهتفون للوحدة الوطنية، والشيوخ والقساوسة سيتبادلون القبلات أمام الكاميرات، والنساء اللاتي خرجن في ثورة 1919 يهتفن عاش الهلال مع الصليب سيدفعن ثمن السلام الاجتماعي من آدميتهن التي ستذبح اليوم قربانا للهلال والصليب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.