أن ترتدي فنانة الحجاب وتعتزل الفن.. فإن هذا شيء طبيعي في زماننا الحالي.. لكن عندما يحدث ذلك في أوائل ثمانينيات القرن الماضي وخاصة إذا كانت الفنانة في جمال وشهرة ومجد شمس البارودي فكان هذا يستحق أن يعتبر حدثا في وقتها.الجميلة دائما شمس في حوار معنا.. ترد عما تردد أخيرا حول عودتها للفن.. وعن رأيها في تمثيل الفنانات المحجبات.. وعن دخول ابنها عمر المجال الفني. وأشياء أخري كثيرة.* في البداية.. ما صحة ما تردد أخيرا عن تفكيرك في العودة إلي الفن؟! أجابت باستغراب شديد: ** والله سمعت هذا الكلام.. واستغربته جدا لانني منذ اعتزلت الفن في بداية الثمانينيات لم أفكر لحظة واحدة في الرجوع إليه... ولن أفكر أبدا في ذلك فهي بالنسبة لي مسألة مرفوضة نهائيا واعتبرها بابا مغلقا لذلك كانت دهشتي ولا أدري حتي الآن مصدر هذا الكلام. * ولكن زوجك الفنان حسن يوسف صرح في أحد حواراته الفنية بأنك تتلقين عروضا كثيرة وانك تقومين بدراستها.. ما رأيك؟ ** حسن كان يقصد عروضا لتقديم البرامج... وهذا صحيح فأنا ومنذ اعتزالي اتلقي مثل هذه العروض, وقد زادت جدا في الفترة الأخيرة وهذا أيضا شيء يدهشني فرغم كل هذا الغياب فإن الناس لاتزال تتذكرني! * وهل تقومين بالفعل بدراسة هذه العروض!! وهل بالفعل لديك النية لتقديم برنامج تليفزيوني؟ ليست لدي هذه النية علي الاطلاق, لكنني لا أنكر انني في العام الماضي تحديدا تلقيت عرضا مغريا جدا من احدي القنوات بمقابل مادي عال وفكرت قليلا ثم استخرت الله لمدة أربع ليال وفي النهاية قررت عدم قبول العرض * قررت رفض العرض.. أم رفض المبدأ؟ ** اعتقد انني حاليا أرفض المبدأ وذلك لانني أخشي فتنة الأضواء!! فالشهرة تفتن الانسان وتغير نفسه وشخصيته رغما عن ارادته, بالاضافة إلي أن حياة النجومية و الهيصة والزحمة لا تناسب شخصيتي من الأساس.. وطول عمري لم أكن أحبها! * تقولين هذا وكنت أجمل وأهم نجمات الوسط الفني اللاتي يعشن تحت الأضواء؟ ** حتي في ذلك الوقت لم أكن سعيدة أو مستمتعة! أعرف أن الكثيرين يحبون الشهرة ويسعون وراءها لكن أنا شخصيا عمري ما استمتعت بها ولا اهتممت بوجودها.. بل علي العكس كانت تضايقني وكنت أشعر بأنني مراقبة حتي بين جدران منزلي, هل يستطيع انسان أن يعيش في بيته وهو يشعر أن الكاميرات تراقبه؟! كان هذا هو احساسي منذ البداية, لذلك كنت امثل قليلا وابتعد كثيرا لدرجة أن نجلاء فتحي قالت ذات مرة: شمس عاملة الفن زي شنطة ايدها.. شوية تمسكها وشوية تسيبها وكان هذا صحيحا * لكن الذين لا يحبون الأضواء.. لا يتجهون إلي مجال الفن أصلا أليس كذلك؟ ** فعلا.. لكنني دخلت مجال الفن وأنا صغيرة قبل أن أدرك ما أحب وما أكره... وفي البداية كنت مبهورة بالعمل فيه لذلك التحقت بمعهد الفنون المسرحية بعد حصولي علي الثانوية العامة.. لكن بعد أن انخرطت فيه وعشت في معتركه أدركت كم هو قاس ولم استطع أن أحبه لذلك تركته غير نادمة. * ألا ترين أن تقديم البرامج يختلف تماما عن التمثيل والوسط الفني؟ قد يكون هذا صحيحا.. لكن هناك سببا آخر لرفضي تقديم برامج وهو انني بالفعل مشغولة جدا ووقتي بالكاد يكفي مسئولية بيتي وزوجي وأولادي الذين تكبر مسئوليتهم كلما كبروا, بالاضافة لذلك فأنا مشغولة بقراءاتي الدينية وغير الدينية وصلاتي وطاعاتي والتزاماتي نحو ديني وربي. ** أليس من ضمن تلك الواجبات والالتزامات نحو مجتمعك أن تقومي بتقديم برنامج هادف تفيدين من خلاله الناس؟ لا اعتقد انني سأمثل اضافة وسط هذه الكوكبة من علماء الدين والدعاة فالقنوات مليئةبهم.. وأنا شخصيا عندما أشاهد مثل هذه البرامج يهمني الضيوف وثقلهم أكثر مما تهمني من تقوم بتقديم البرنامج لذلك فأنا غير مستعدة لتضييع وقتي فيما يستطيع الآخرون تقديمه. * إلي أي مدي ترين أن الفنانة المعتزلة من الممكن أن يكون لها دور مهم في الحياة؟ ** إلي مدي كبير جدا..فأنا عندما اعتزلت الفن لم اعتزل الحياة..وبالاضافة الي دوري في خدمة زوجي وتربية ابنائي كنت في الماضي أقوم باستضافة العالمات وإقامة الندوات في بيتي..هذا غير المشاركة في اعمال الخير التي تفيد المجتمع في أكثر من مجال خاصة مجال عيادة المرضي..أما الآن فأنا أقوم بدوري من خلال عائلتي الكبيرة فأنا لدي سبع اخوات وحسن لديه سبعة أخوة أيضا ونحن عائلة مترابطة جدا ونقوم بتبادل الخير علي كل المستويات هذا بالاضافة إلي محيط واسع جدا من الأصدقاء والصديقات. * في ظل رفضك الشخصي للعودة الي التمثيل..كيف ترين عودة الممثلات المحجبات للتمثيل خاصة بعد اعتزالهن؟ ** هذا شئ شخصي تماما وفردي أيضا..بمعني أن ماينطبق علي واحدة لاينطبق علي أخري فبعض هؤلاء الممثلات المحجبات احترمهن جدا وأشعر أن التمثيل لم يؤثر علي تدينهن وتمسكهن بتقواهن وعلي رأس هؤلاء الفنانة الرائعة عفاف شعيب..والبعض الآخر ما ان يعدن الي التمثيل حتي يبدأن بالتنازل واحدة واحدة حتي نري بعضهن قد خلعن الحجاب وعدن إلي أسوأ مما قبله!! لذلك لايوجد مبدأ عام يحكم الجميع وكل واحدة أدري بنفسها وبعلاقتها بربها. * بعض هؤلاء الفنانات المعتزلات أعلن أنهن سيقمن بشراء اعمالهن قبل الحجاب حتي لايتم عرضها..لماذا لم تفعلي مثلهن؟ هذا غير صحيح علي الاطلاق..فلاتوجد فنانة أو فنان علي وجه الأرض يستطيع شراء الاعمال التي شارك بها..فهذه الاعمال تكون من حق المنتج الذي يبيعها بدوره لموزعين داخل وخارج البلد فتصبح حقا لهم ولا أحد يملك صلاحية منعها من العرض لكن الذي حدث معي هو أنه بعد أعتزالي قام أكثر من منتج بإعلان أنهم سيقومون متطوعين بعدم عرض اعمالي احتراما لاعتزالي..جزاهم الله خيرا عما فعلوا لكنني لا استطيع ارغام الباقين علي عمل هذا * معني هذا أنك لاتسعدين عندما تشاهدين اعمالك الفنية وأنت في أوج مجدك؟!! ** بل أشعر بالضيق والأسي.. وأحيانا الندم واقوم بالاستغفار, وذلك ليس لأنني قمت بالتمثيل أو لانني احتقره ولكن لإنني اشعر أنه قد تم استغلالي ليس كممثلة جيدة ولكن كامرأة جميلة!! فكل الاعمال التي قدمتها حتي مع زوجي حسن يوسف كانت تقوم علي ابراز مفاتني وشكلي الحلو!ربما لوكنت قدمت أدوارا ذات قيمة كان سيقل شعوري بالندم لكن علي كل حال أرجو أن يبدل الله سيئاتي الي حسنات ويقبل توبتي * غريب أن يكون هذا هو احساسك..وتقبلين أن يدخل ابنك عمر الي عالم الفن؟!! ** كنت رافضة تماما أن يعمل عمر بالفن..ليس لانه عيب أو حرام فأنا واثقة أنه سيحسن الاختيار لإنني ربيته جيدا.. ولكنني بكيت بالدموع اشفاقا عليه من الشهرة وخوفا عليه من هذا المجال القاسي الذي اعرف قوته جيدا..لكنني فوجئت بعد مشاهدة أول اعماله فيلم شارع18 بأنه موهوب جدا حتي قبل أن يتلقي كورسات في التمثيل علي يد مدرب امريكي شهير..بالاضافة لذلك فقد أحب هو المجال جدا لذلك ادعو الله أن يوفقه فيه بعد أن رضخت للأمر الواقع * هل كان هذا هو نفس موقفك عندما فكر زوجك حسن يوسف في العودة بعد اعتزاله؟ ** لا..مع حسن كان الموقف مختلفا..لإنني كنت اعلم منذ البداية أن حسن والفن مثل السمكة والماء...لوخرج منه سيموت!! وهو لديه الخبرة الكافية التي تجعله قادرا علي التعامل مع هذا المجال فحسن وعمر مختلفان عني في أنهما أحبا الفن الذي لم أستطع أنا أن أحبه لذلك فلن يقع عليهما ضرر منه مادامت اختياراتهما صحيحة..وأنا شخصيا لا أتدخل في هذه الاختيارات لانني كما قلت قد ربيت تربية صالحة منذ البداية وعلمت ابنائي جميعا حب الله قبل الخوف منه. * حدثينا عن ابنائك الباقين والذين شغلوك عن كل هذا العالم؟ ** لدي ابنة واحدة هي ناريمان والحمد لله أنها لاتحب التمثيل من قريب أو من بعيد لانني لم أكن سأتحمل أن تخوض هذا المجال وبدلا من ذلك فهي تحب العالم جدا وحاليا تقوم بإعداد رسالة دكتوراة عن تاريخ المرأة العربية.., وأيضا ابني محمود وعبد الله بعيدان تماما عن هذا المجال وهما ناجحان في عملهما والحمد لله * ماحقيقة شائعة اختفاء ابنك عبد الله؟ ** هي لم تكن شائعة..فالذي حدث انه ابلغنا أنه سيسافر الي اسكندرية بصحبة اصدقائه وبعد عدة ساعات فرغت بطارية هاتفه المحمول ففقدنا التواصل معه وفي اليوم التالي شعرنا بالقلق عليه خاصة أن اصدقاءه لم يردوا علي هواتفهم فأبلغنا الشرطة وفي اليوم الثالث قرأ البواب الخبر فقام بالاتصال بنا وطمأننا وكانت تجربة مرعبة. * وماذا أيضا عن شائعة نيتك في الهجرة إلي انجلترا؟ ** هذه كانت شائعة بسبب أن ابنتي ناريمان كانت تدرس الماجستير في انجلترا مما استدعي تواجدي أنا ووالدها معها هناك فترات طويلة مماجعل البعض يعتقد أننا هاجرنا أوسنهاجر..لكن الحقيقة وبرغم أنني وجدت هناك إسلاما بلا مسلمين إلا أنني لا افكر اطلاقا في العيش في أي مكان في الدنيا سوي في مصر لانها بلد الأزهر والاسلام والأمان * أخيرا..ما الذي ينقص شمس البارودي مع كل هذا الرضا؟ ** ينقصني وأتمني من الله أن أكون جدة..فأصغر أخواتي أصبحت جدة لثمانية احفاد وأنا لم يمن الله علي بعد بهذه المنة التي انتظرها واحلم بها!