حالة من القلق الشديد سيطرت على احتفالات أعياد الميلاد في أغلب دول العالم، بعد إعلان تنظيم القاعدة استهدافه للمسيحيين أثناء الاحتفالات، خاصة بعد الهجوم المسلح الذي وقع في نهاية أكتوبر الماضي بالعراق واستهدف كنيسة "سيدة النجاة"، الذي نفذه متشددون ينتمون لتنظيم القاعدة وأسفر عن مقتل أكثر من خمسين شخصا أغلبهم مسيحيين كانوا يحضرون صلاة الأحد، قبل أن يعلن "التنظيم المسلح لدولة العراق الإسلامية"، وهو تنظيم يرتبط بالقاعدة، عن مسؤوليته عن تلك الأحداث مهددا بشن هجمات مماثلة أخرى، ومطالبا في بيان له القيادات المسيحية بالضغط على الكنيسة المصرية لإطلاق سراح مسيحيين قال التنظيم أنهم اعتنقوا الاسلام. مما اضطر العديد من الكنائس في العراق إلى إلغاء قداساتها وفعالياتها الدينية للموسم الحالي لأعياد الميلاد، وسط مخاوف من تعرض المسيحيين لهجمات وتهديدات أمنية جديدة، كما دعا قادة الطوائف المسيحية في العراق رعاياهم إلى إبقاء احتفالاتهم "في حدها الأدنى" خوفا من تعرضهم لمزيد من الهجمات. وفي أمريكا، استعدت أجهزة الأمن التي باتت في حالة تأهب قسوى تحسبا لهجمات قد يحاول - من تسميهم واشنطن – "بالمتشددين" شنها في الولاياتالمتحدة في عطلات عيد الميلاد، لكنهم أكدوا أنهم ليسوا على علم بمخطط محدد. وقد تزايد القلق الأمني في واشنطن، بشأن التهديدات في العطلات، بعد اتهام شاب نيجيري بمحاولة إسقاط طائرة ركاب كانت في رحلة إلي ديترويت في عطلة عيد الميلاد العام الماضي باستخدام قنبلة مخبأة في ملابسه الداخلية. كما عقد البيت الأبيض اجتماعا لمسؤولين كبار من مختلف الأجهزة والإدارات يوم الثلاثاء لمراجعة أحدث التقارير الخاصة بالتهديدات وتنسيق الخطط الأمنية لفترة العطلات. وفي أوروبا، لم يكن تساقط الثلوج وحده هو السبب في تأخر وإلغاء رحلات عطلة أعياد الميلاد في كثير من الدول الأوروبية، حيث كانت الاستعدادات الأمنية هي العامل الأكبر في تأخر الاحتفالات، خاصة بعد تحذيرات المنظمة الدولية للشرطة "الإنتربول" من احتمالات شن تنظيم القاعدة عمليات إرهابية في أوروبا بالتزامن مع احتفالات أعياد الكريسماس، بعد تلقيها معلومات من مكتبها في بغداد تؤكد ذلك. وقالت متحدثة باسم الانتربول لوسائل الإعلام، أن هذه المعلومات تشير إلي احتمالات شن عمليات إرهابية في أوروبا بصورة خاصة بعد صدور أوامر لخلايا تابعة لتنظيم القاعدة في هذا الشأن. كما تم إحياء احتفال عيد الميلاد في الفاتيكان بكاتدرائية القديس بطرس، والذي ترأسه البابا بنديكتوس السادس عشر، وسط إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، حيث رافق البابا في تحركاته رجال أمن بملابس مدنية، وأعلن البابا خلال الاحتفال أنه يصلي إلى الله لزرع السلام في قلوب البشر وإنهاء الظلم. في حين، انطلقت في مدينة بيت لحم بفلسطين احتفالات أعياد الميلاد, وسط أجواء من الفرح, ترافقت مع إجراءات أمن مشددة، كما أكدت بعض التقارير الإخبارية، بعدما عززت السلطة الفلسطينة إجراءاتها الأمنية داخل وخارج المدينة التي يزورها عشرات آلاف السيّاح المسيحيين في هذا الوقت من العام. كما تمكن حوالي خمسمائة من مسيحيي قطاع غزة من المشاركة بالاحتفالات بعد أن حصلوا على التصاريح اللازمة للوصول إلى المدينة من الجانب الإسرائيلي. وفي قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من ثلاثة آلاف مسيحي غالبيتهم من الأرثوذكس، تم رفع بعض القيود عن المعابر، مما مكن سكان القطاع من إقامة احتفالات متواضعة تتناسب وحالة الحصار المفروضة على القطاع، بينما لن يتم إضاءة شجرة عيد الميلاد في ساحة الجندي المجهول بوسط القطاع، والتي لم يتم إضاءتها من يوم وصول حماس للسلطة عام 2006. وفي مصر، تأخرت مظاهر الاحتفالات في الشوارع وداخل الكنائس، خاصة بعد تهديدات القاعدة المشار إليها، والتي أمهلت البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ثمانى وأربعين ساعة للإفراج عمن سمتهم التهديدات بالمسلمات "المأسورات فى الأديرة"، مما دفع وزارة الداخلية للتشديد من إجراءاتها الأمنية حول الكنائس والكاتدرائيات فى مختلف محافظات الجمهورية. كما يرجع تأخر مظاهر الاحتفال بمصر أيضا إلى حالة الغضب القبطي التي أعقبت أحداث العمرانية الأخيرة، والتي دفعت بعض الأصوات لمطالبة البابا بإلغاء الاحتفال بأعياد الميلاد هذا العام اعتراضا منه على أحداث العمرانية، كما تأخر إرسال دعوات الاحتفال بعيد الميلاد. وكان البابا شنودة قد ألغى عظته الأسبوعية الأربعاء قبل الماضي لأول مرة، قبل أن يتوجه إلى دير وادي النطرون، ما اعتبره البعض اعتكافا غير معلن من قبل البابا، قبل أن يعود ويلتقي رئيس الجمهورية في لقاء مغلق برئاسة الجمهورية، ولتنتشر التكهنات بعدها بقرب انفراج الأزمة.