ننشر تفاصيل تسهيلات الضرائب العقارية قبل عرضها على البرلمان نهاية يونيو (خاص)    الزراعة تكشف حقيقة نفوق ثلث الثروة الداجنة    أول تعليق من الدبيبة على اغتيال الككلي وتصاعد الأحداث في ليبيا (فيديو)    الكرملين: استعدادات جارية لعقد محادثة هاتفية بين بوتين وترامب    استشهاد 80 شخصًا جراء غارات الاحتلال منذ الفجر على غزة    عاجل - غياب الكلمة وحضور الرسالة.. ماذا قال الأمير تميم بن حمد بعد قمة بغداد على إكس؟    مظاهرات حاشدة في تل أبيب بالتزامن مع المفاوضات في الدوحة    فلسطين.. إصابة شاب برصاص الاحتلال في بلدة الرام    الهدوء النسبي يعود إلى طرابلس ..واحتمالات إسقاط حكومة الدبيبة في ظلّ الاحتجاجات العنيفة    نتيجة مباراة باريس سان جيرمان وأوكسير في الدوري الفرنسي    طه عزت: لائحة المسابقات تتغير عالميا والأهلي طبق عليه بند الانسحاب    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وباتشوكا الودية استعدادا لمونديال الأندية    فوز الأهلي والاتحاد في ثالث مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    بسداسية أمام بريست.. نيس يختتم الدوري رابعا ويضمن المشاركة في أبطال أوروبا    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم    ضبط مخالفات تموينية في حملة مشتركة بمدينة الشيخ زويد.. صور    العثور على جثة رجل مكتوف الأيدى واليدين بالواسطى ببنى سويف.. تفاصيل    جهود أمنية مكثفة لضبط المتهمين بسرقة جواهرجي في قنا    قطاع الفنون التشكيلية يُكرّم القائمين على الأنشطة المتحفية في اليوم العالمي للمتاحف    مراقب بالكاميرات.. وزير النقل يكشف عن المنظومة الجديدة على الطريق الدائري    دي بروين يكشف قراره بشأن انضمامه لأحد الأندية الإنجليزية    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الأهلي على البنك الأهلي؟ (كوميك)    الاقتصادية تنظر أولى جلسات محاكمة راندا البحيري بتهمة سب وقذف طليقها    ترتيب الدوري الفرنسي.. موناكو يتأهل لدوري الأبطال وهبوط سانت إيتيان    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    كالعروس.. مي عمر تتألق بفستان أبيض في خامس أيام مهرجان كان    "أسعدت الملايين ونورت حياتنا".. رسائل نجوم الفن في عيد ميلاد الزعيم عادل إمام    الوادي الجديد: رفع درجة الاستعداد القصوى بالمراكز لمواجهة الأحوال الجوية    أخبار مصر اليوم: 100 مليار جنيه حجم الاستثمار في صناعة الدواجن، أسعار اللحوم الطازجة والمجمدة بالمجمعات الاستهلاكية، الأرصاد تحذر من رياح محملة بالأتربة على هذه المناطق غدا    سعر الذهب اليوم الأحد 18 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    هل الأتوبيس الترددي بديل لمترو الأنفاق على الدائري؟.. كامل الوزير يجيب    بيراميدز: لم نتلق ردا من رابطة الأندية على طلب تأجيل مباراة سيراميكا    انقطاع الكهرباء بطور سيناء اليوم الأحد 5 ساعات للصيانة    بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    أنجح فنان في التاريخ.. محمد إمام يوجه رسالة لوالده في عيد ميلاده.. تعرف عليها    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    ضبط 12 طن قمح بمحال أعلاف لاستخدامها في غير الأغراض المخصصة لها بالبحيرة    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    "سفاح المعمورة".. لغز محيّر في مسقط رأسه بكفر الشيخ بعد إحالته للمحاكمة -صور    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    الشيخ رمضان عبد المعز: "اللي يتقي ربنا.. كل حاجة هتتيسر له وهيفتح له أبواب ما كانش يتخيلها"    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة طنطا خلال زيارة طالبات علوم الرياضة: تحركنا لصالح بناتنا    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    المسار الأخضر نقطة انطلاق الصناعة المصرية والصادرات    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    اليوم وغدا.. قصور الثقافة تحتفي بسيد حجاب في مسقط رأسه بالدقهلية    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عصام العريان يكتب : فى أعقاب الانتخابات المصرية
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 12 - 2010

كانت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى مصر أشبه بزلزال أصاب الوطن، وقد أعادت الانتخابات وما صاحبها الجميع إلى الوراء أكثر من ستين عاماً.
وسوف تتداعى آثار تلك الانتخابات تباعاً على كل الفرقاء السياسيين وعلى المواطنين إذا لم يتم تدارك الأمر، والظاهر بعد مرور أسبوعين أن النظام مصمم على المضى إلى نهاية الشوط دون أى اهتمام بأحكام القضاء الصادرة من أعلى هيئة قضائية فى مجلس الدولة (المحكمة الإدارية العليا) والتى قضت ببطلان الانتخابات فى أكثر من نصف الدوائر، ولعله مطمئن الآن إلى أن المحكمة الدستورية العليا ستأخذ وقتاً طويلاً قبل الفصل فى الموضوع وأنها تختلف كثيراً من تلك الهيئة العظيمة التى قضت من قبل مرتين بعدم دستورية قانون الانتخابات فأبطلت مجلسين للشعب أحدهما انتخب عام 1984 ، الثانى انتخب عام 1987، فالأيام غير الأيام، والقضاة غير القضاة، والأحوال غير الأحوال.واذا انحازت المحمكمة الدستزرية للعدل ولم تخضع للضغوط أو تلجأ للموائمات فاننا سنكون امام مفارقة بالغة الدلالة وهى بطلان اول وآخر مجلس تشريعى فى عهد الرئيس مبارك.
أخطر تداعيات الانتخابات ما أصاب المواطن العادى من فزع و رعب للمشاهد التى صاحبت يوم التصويت من بلطجة وعنف وشراء للأصوات والذمم وحصار للجان الانتخاب وتسويد للطباقات الانتخابية واعتاء على بعض القضاة الشرفاء، أى باختصار ذلك الإفساد المتعمد للعملية الانتخابية تماماً فى حراسة الشرطة والأمن الذى قام بدوره أيضاً فى إفساد الانتخابات.
سيؤدى ذلك إلى "موت السياسة " وفقدان الأمل لدى المواطنين من أى تغيير وإصلاح عبر القنوات السياسية السلمية.مما يعنى فتح ابواب العنف أو اليأس والانسحاب من المجال العام الى عالم الاوهام والمخدرات.
وعندما تصبح أحلام التغيير ضرورة لصنع المستقبل، وعندما تتوالى أجيال الشباب دون فسحة أمل فى العمل السياسى من خلال الأحزاب السياسية او حتى التغيير البطئ من خلال الانتخابات الدورية فإن النظام بذلك يفتح أبواب العنف الخطيرة التى لا يعلم أحد إلى أين تصل بنا وبالوطن كله؟
البدائل المتاحة أمام الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من المواطنين ضئيلة ومحدودة ، ففى الداخل لا توجد فرص تعليم حقيقية تنمى المهارات، ولا توجد فرص عمل كافية لاستيعاب ملايين الشباب بعد أن تخلت الدولة عن دورها وتركت الاقتصاد كما السياسة لرجال المال والأعمال، ولا توجد فرص هجرة للخارج سواء للدول العربية أو الأجنبية كما كان فى الماضى القريب، وبالتالى سنكون أمام مأزق خطير للوطن كله وستتوالى الحرائق من جانب.
لن يجد الشباب أمامه إلا طريق الانسحاب من الحياة وسيقع فى براثن تجار المخدرات الذين باتوا يملأون أحياء القاهرة الكبرى والمدن بالمحافظات، ولقد روعنى أنه خلال أسبوع واحد، وفى حى واحد (الطالبية) بالهرم سقط شابين ضحيتين للتنازع على بيع المخدرات فى ذلك الحى، وسيتحول الشباب من مدمن إلى بائع إلى تاجر ومروج للمخدرات كما كنا نراها فى الأفلام، فإذا بها تتحول إلى واقع مرير نلمسه بأيدينا ونراه بأعيننا.
يزداد فزع المواطن العادى مما حدث من تزوير فاضح وتغيير واضح لنتائج الانتخابات لأنه كان يأمل أن تستمر وتيرة الانتخابات على ما كانت عليه عام 2005م أو نتقدم قليلاً إلى الأمام مما يبعث لديه الأمل فى المستقبل.
لكننا أصبحنا أمام تراجع خطير جداً ، فبعد برلمان شكلت المعارضة فيه 24 % من المقاعد إذا بنا أمام برلمان بلا معارضة تقريباً حيث لا تزيد على أحسن الفروض على 3 % .
وبعد أن كنا أمام معارضةعالية الصوت ، صاخبة ، تؤدى دورها فى ظل الظروف الصعبة ، إذا بنا أمام معارضة مستأنسة تماماً، لا يعرفها أحد، ولا تمثل أحداً.
لقد انتهت مؤسسة "البرلمان" أو "الهيئة التشريعية" او " مجلس الشعب" من حياة الناس، وتم تأميمها بالكامل لصالح حزب رجال الأعمال، فمن يدافع عن المواطن العادى ؟ ومن يرفع صوته بالمطالب العادية؟
وإذا كانت مؤسسة البرلمان نشأت تاريخياً لموازنة السلطة التنفيذية التى تفرض الضرائب والرسوم ، ولمراقبة أعمالها، فإذا بنا اليوم كمواطنيين فريسة وضحية لنخبة تمتلك كل شىء وتسيطر على كل المؤسسات تنفيذية وتشريعية وامنية وتحتقر السلطة القضائية دون أى اعتراض ، مما سيؤدى لا محالة إلى حالة من العنف المجتمعى ضد الحكومة أو بين المواطنين، وبداية ذلك وقعت فى إضراب أصحاب المقطورات وسيارات النقل والسائقين مما أدى إلى اختفاء بعض السلع والخدمات وارتفاع أسعارها تدريجياً.
أصاب زلزال الانتخابات الأحزاب المصرية جميعاً بدرجات متفاوتة، وها نحن نرى بداية تصدع "الحزب الناصرى" ومحاولات لوضع "حزب التجمع الوطنى التقدمى" اليسارى على مسار جديد، وهزة كبيرة أصابت "حزب الوفد" الذى أنقذ تاريخه بقرار الانسحاب من جولة الإعادة، وقرار تجميد عضوية النواب الذين فازوا بالتزوير و لم يلتزموا بقرار الحزب الذى أعلن عدم وجود هيئة برلمانية تمثله فى البرلمان الجديد.
أما الأحزاب الهامشية التى لم يسمع بها أحد فلن يجد نفعاً محاولة تجميل صورة البرلمان بعضو واحد لكل منها، ولن ينفخ فيها الحياة أو الروح ذلك التزوير الذى منحها مقاعد لا تستحقها.
وإذا تصور البعض أن الحزب الوطنى الحاكم نفسه لم يتأثر فهو واهم، فإن قرار تزوير الانتخابات بهذه الصورة الفجة قد دمر كل محاولات إصلاح الحزب التى بدأت منذ سنوات، ولم يعد هناك مجال لصاحب فكر أو رأى بعد ما حدث ليتكلم عن حزب وطنى جديد له فكر جديد، ولن يتبقى داخل الحزب إلا المنتفعين به لمصالحهم الشخصية الخاصة جداً، ولقد كان لقرار ترشيح أكثر من مرشح على المقعد الواحد أثر خطير فى تفكيك ما تبقى من التزام حزبى، وأدّى إلى نزاعات عائلية وقبلية وعشائرية لن تندمل جراحها إلا بعد مرور سنوات وسنوات، وستتجدد مع كل انتخابات.
وإذا ازداد اقتناع النخبة الإدارية العليا والعسكرية بعدم جدوى الإصلاح عن طريق الحزب الوطنى الحاكم، فإن ذلك سيفتح أبواب خطيرة حول وسيلة التغيير عن طرق أخرى غير السياسة والانتخابات، وهو ما يصاحب عادة نهاية العهود الحاكمة.
أما الإخوان المسلمون ، فإنهم وإن خسروا مقاعد البرلمان إلا أنهم أكدوا حضورهم الشعبى وأفسدوا بمشاركتهم فى الجولة الأولى خطط الحزب الوطنى لصناعة معارضة شكلية ، فجاء البرلمان بلا معارضة تماماً.
وإذا كانت السياسة قد انتهت فى جولة الانتخابات فإن مشروع الإخوان الشامل، دعوياً وتربوياً واجتماعياً، تتسع آفاقه بعيداً عن السياسة وسيجد الإخوان أمامهم عملاً ضخماً بين الناس لبعث الأمل فيهم من جديد لمواجهة تلك الأوضاع، ولمقاومة روح الاحباط واليأس التى زرعها النظام، ولتوعية المجتمع بخطورة التداعيات على الوطن كله، ولجذب الشباب بعيداً عن تيارات العنف والمخدرات وهذا دور خطير جداً لإنقاذ ما تبقى من سفينة الوطن قبل أن يغرقها النظام فى بحور الفوضى والاضطراب.
وفى المجال السياسى سيكون التحدى الأكبر أمام الإخوان والقوى الوطنية هو النزول إلى الناس فى القرى والنجوع، والمحافظات والبلاد، لتوعيتهم وحثهم على مقاومة الظلم والفساد والاستبداد، وعدم الاستسلام لمحاولات النظام التى تريد الضغط على الجميع لإخراجهم من الحياة العامة بعد إخراجهم من البرلمان ، وهو أمرٌ لو يعلمون عسير.
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴿227﴾ }[الشعراء]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.