لا أعرف هل يصدق أحمد عز هذه الصفحات التى تترى فى الجرائد تعزيه وتشاطره الأحزان فى وفاة والده؟ الموت حدث مؤلم قاسى موجع ومدغدغ لكنه أيضا موقظ ومنبه ويعظ وملقن للدرس الأهم فى الحياة وهو أن الحياة لا تساوى شيئا! لكن بعضنا يتلقى الحدث بغفلة والبعض يتلقاه بتغافل وأنا شخصيا رأيت أناسا ماتوا تقريبا ثم عادوا أحياء من نعوشهم المجهزة فوق ملاءات المستشفيات ورغم ذلك كانوا أكثر نهما وطمعا وإفسادا مما كانوا قبل احتضار كاد يسلم لموت وشيك! لست مهتما هنا بمدى تلقى أحمد عز لوفاة والده فهو أكيد محزون ومتألم وفعلا أشاطره حزنه وأساه وأدعو للفقيد بالرحمة وبالجنة (جمعا إن شاء الله )لكن ما يستحق الاهتمام هو غث النفاق المنشور يوميا لتعزية أحمد عز فى صفحات الوفيات وأشك أن نصف هؤلاء يعرفون أحمد عز شخصيا بل أشك عظيم الشك أنهم رأوا صورة لوالده رحمه الله فى يوم من الأيام (لا أقول لم يعرفوه شخصيا بل لا يتعرفون على ملامح وجهه أساسا ) لكنهم يذرفون على الفقيد الدمع مكلفين أنفسهم وشركاتهم ومصالحهم مئات الألوف من الجنيهات التى تكفى إن تبرعوا بها لإطعام جميع سكان دائرة منوف السادات ببطة لكل مواطن فى هذه الأيام الضنك حيث قسمة الرزق الضيزى التى تبخل على المواطن بقطعة لحم !! هل يفكر أحمد عز لماذا يتنافس هؤلاء على نشر تعازيهم لوالده الفقيد ؟ هل هى العواطف الجياشة؟ هل هو الحب الخالص المالص الجالص ؟ هل هى الرقة الشفافة التى تجعل قلوبهم تكاد تفطر من التعاطف مع رجل فى مثل هذا السن فقد والده فى مثل هذا العمر ؟ أبدا لاشيئ من هذا بل هو النفاق والرغبة فى التزلف والتقرب من رجل مهم موضوع إلى جانب ابن الرئيس ومتربع على منصب يتحكم به فى مصالح خلق الله وتشريعات خلق الله إن لحظات العزاء أكرم من أن يحولها هؤلاء الى مراتع للنفاق وجلال الموت أقدس من أن يلوثه السعى للمصالح والفوائد ، ولا أظن أن أحمد عز سوف يقتدى برئيسه حين قرر الرئيس مبارك منع نشر التعازى له فى وفاة حفيده فأحمد عز قد يتصور بهذا المطر الأسود من أحرف التعازى والمشاطرات بالخط العريض أن المشهد تعبير عن شعبيته ومحبة الناس له والحقيقة ليست كذلك إطلاقا لكن من فى هذا البلد يريد أن يعرف الحقيقة؟!