بدأت الحدوتة قبل الرابع من أكتوبر بكثير، لم تكُن أزمة جريدة الدستور هى الأولي لكنها الأكثر دوياً فى الأحداث، بدأت الحدوتة بالوعود الكثيرة بآمال التغيير وبدأ أعضاء الحزب فى الإنصياع و التصويت لرجل الأعمال السيد البدوى والذى لا ينتمى لأى جذور وفدية ليرأس حزب الوفد الليبرالى، والذى يُعد بمثابة ضمير الأمة وصوتها ليكون بذلك السيد البدوى خليفة سعد باشا زغلول والنحاس إلى آخره من شرفاء مصريين كثيرين جلسوا علي مقعد الوفد مدافعيين عن الشعب وحريته وحرية الكلمة .. ولكن ... لا أعلم إن كان قد أصبح أداة فى ماكينة طحن المصريين بإرادته أم تحت ضغط، ولكن تعددت الأسباب و النتيجة واحدة، وكل الطُرق تؤدى إلي القهر .. بيتى الثانى حتي من قبل أن أصبح أحد أجزاء جسده كان جريدة الدستور "الأصلى"، وقد جاء السيد البدوى بأمواله وحتي بدون جرة قلم أطاح بأساسات هذا الصرح ليهدم الفكرة .. لينسف بيتى الثانى . بيتى الثانى لإنه صوتى الذى دافع عن حقوقى، وقف بجانبى وبجانب كل بيت وإنسان مصرى فى شدته ومحنه، بيتى الثانى الذى لم يخذلنى يوماً فلم أجده يوماً خائفاً مستتراً، لم يتردد عن قول الحق علي عكس آخرين لم يقولوا الحق يوماً ولم يصمتوا بل وايضاً رددوا الأكاذيب صدقاً وزعموا أنهم ضمائر هذا الشعب وأصواته الحقيقية. أحببت فى الدستور الفكرة، الكلمة الحُرة، تجربة هى الأولي وأرادوها أن تصبح الآخيرة ولكن لن تكون، ولن تموت فكما قال العظيم يوسف شاهيين "الأفكار لها أجنحة محدش يقدر يمنعها توصل للناس"، وكما قال إبراهيم عيسي والذى أعتبره أحد أعمدة الكلمة الحُرة فى هذا البلد "أنا يوم القيامة الصبح هطلع جرنالى"، وأردد خلفه " وأنا يوم القيامة الصبح هكتب فى جرناله الحُر كلمة حُرة" .. وليعبث السيد البدوى رئيس حزب الوفد الليبرالى والذى يُعد أحد أعمدة المعارضة –المرتخية كآخرين كثيرين مثله- كما يشاء وليساعد بجد وإجتهاد كى يكمم الأفواه ويؤد الحُرية والكلمة الحُرة وليمارس ليبراليته –الجديدة- كما يشاء هو أو آخرين يشاءون له، ولكنى أُعلمه وأعلمهم أن الحُرية لا تموت والكلمة ستكتُب، ونحن نرحب بدفع الأثمان. عمر الناغي محرر بالدستور الأصلية