لا يختلف أحد أياً كانت جنسيته أو عقيدته علي إدانة الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة نجع حمادي الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل 6 من الأقباط عقب أدائهم قداس عيد الميلاد، لكن الملاحظ أن الجميع خرج ليعبر عن رفضه للواقعة في حين اختفي الدكتور أحمد كمال أبوالمجد - نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان - عن المشهد ورفض الرد علي وسائل الإعلام، بل واتهمها بمحاولة الإثارة، بالرغم من أنه لم يترك قضية من القضايا الشائكة المطروحة علي الساحة إلا وتعرض بالشرح والتفسير وإبداء رأيه حيالها، بينما يكتفي هنا بالبيان الذي أصدره المجلس يدين فيه الواقعة، وأخذ يوجه اللوم كما اعتاد في الفترة الأخيرة للصحف ووسائل الإعلام وكأنها المسئول الأول عن الأحداث، هجوم يخرج من الشخص الذي يفترض به أن يكون الداعم الأول لحرية الصحافة التي تأتي ترجمة لحرية المجتمع. بعثة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس نفسه عقب الحادث أعدت تقريراً يحسب لأعضائها، حيث كشف النقاب عن الأسباب الحقيقية للواقعة وتمت مناقشة هذا التقرير الذي لم يعلن لوسائل الإعلام في اجتماع المجلس، لكن بعد المناقشة تمخض المجلس فولد بياناً ضعيفاً يكتفي بإدانة الواقعة ويحث الحكومة علي إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، في الوقت الذي كان الجميع ينتظر منه أن يخرج بما يتناسب مع اسمه ووظيفته كهيئة معنية في المقام الأول بالدفاع عن حقوق الإنسان بعيداً أن أي مواءمات. بالرغم مما سبق فإن «أبوالمجد» الذي درس القانون الدولي والشريعة الإسلامية وتولي عدداً من الحقائب الوزارية في فترات سابقة يصنف كواحد من أبرز مثقفي مصر فهو مثقف من طراز خاص وإذا تحدث لبرهة يجذبك للاستماع بجميع حواسك ويظل يطوف بعقلك في جميع الاتجاهات وسط كم لا نهائي من المعرفة المتنوعة بأسلوب به الكثير من السلاسة، كل هذا وغيره جعله يجزم أن أي مسئول أو صانع قرار بالبلاد يجب عليه أن يطلع علي كل ما هو جديد ومتغير ويتابع بدقة ما يحدث من حوله من تغيرات بشكل يجعله يواكب جميع التطورات وإلا فعليه أن يلزم بيت أمه وأبيه حتي يتوفاه الموت - حسب تعبيره التراثي -، كما يري أن الأزمات المتتالية التي تمر بها الأمة العربية سيكون لها بالغ الأثر في الأجيال المقبلة ولا يمكن أن يمحوها إلا مجموعة من الانتصارات المتتالية.