أكتوبر... «2»

علي شاشة التليفزيون، وفي مشهد تناقلته وكالات الأنباء العالمية، وكان أعظم من أعظم تصوراتنا، شاهدنا طوابير الأسري الإسرائيليين، وشاهدنا الكباري والجسور علي قناة السويس، وقواتنا تعبرها إلي سيناء، عبر فتحات كبيرة في خط بارليف الذي وصفوه بأنه أقوي خط دفاعي عرفه التاريخ، وأن القنبلة النووية نفسها غير قادرة علي تحطيمه، ثم جاء جنود بواسل، هم خير أجناد الأرض، وحطموه، واقتحموه، وهزموه، وعبروا من خلاله؛ ليبدأوا معركة استعادة الأرض السليبة، وتحرير أرض مصر....
شاهدنا هذا، وشاهده العالم كله معنا، وتفجر الحماس، ليس في قلوبنا فحسب، ولكن في نفوسنا وكياننا الواحد، وانعدام حدوث الجرائم والسرقات في تلك الفترة، هو أكبر دليل علي قوة وعظمة هذا الشعب، إذا ما أدرك أنه شعب...
ومن العسير، والخطأ أيضاً، أن ينسب النصر إلي ضربة واحدة، أياً كانت؛ لأن كل أسلحة الجيش ساهمت فيه علي نحو مشرف، فقوات الصاعقة سبقت الجميع؛ لتقطع خطوط إمدادات العدو عند الممرات، والضفادع البشرية، مشتركة مع قوات الكوماندوز سدت أنابيب النابالم علي طول القناة، وقطعت خراطيمها تحت رمال سيناء، والقوات الجوية انطلقت في ضربة مدهشة، تسحق دفاعات العدو، والمهندسون العسكريون أذابوا حاجز الرمال بمضخات المياه، وأقاموا الجسور علي القناة، ورجال الحرب الكيماوية قدموا قاذفات اللهب، التي اقتحمت خط بارليف، والمشاة عبروا وقاتلوا ورفعوا العلم، والمدرعات أثبتت سيادتنا علي رمال سيناء، والدفاع الجوي فاجأ العدو بصواريخ سام، وصنع درعاً لسماء مصر...
كل وحدات وأسلحة الجيش حاربت، وقاتلت، واقتحمت، وحاربت....
ولأول مرة في التاريخ، واجه الجندي الدبابة، وأطلق قذائفه عليها، ودمرها تدميراً، ولأول مرة يفقد سلاح الجو الإسرائيلي قوته، وتسقطه صواريخ الدفاع الجوي، وكأنها مبيد حشري يصطاد الذباب والناموس....
حتي الفنانون، قاتلوا بفنهم، وانطلقت أغنياتهم تفجر حماسة الجنود علي الجبهة، والمواطنين في الشارع.... ومازال للفخر بقية..