هل هي خطة للبراءة فعلا..؟! قرأت آراء أمس تقول إن الحكم بالحبس 15 سنة علي هشام طلعت مصطفي أفضل من البراءة. البراءة كانت ستفرض علي النيابة العامة الطعن، وربما إعادة الحكم.. والحصول علي عقوبة أكبر. لكن الآن من حق هشام والسكري.. النقض (لأسباب متعددة بينها.. أن المحكمة لم تستمع لمرافعات الدفاع ).. وفي النقض لن يتجاوز الحكم ال 15 سنة لهشام أو المؤبد للسكري، إن لم تكن البراءة في انتظار هشام علي الأقل. هل هذه خطة ؟ هل هنا قوي في النظام وراء الحكم؟ أسئلة ستظل معلقة بلا إجابات دقيقة، ولكنها تفسيرات تتحول عند البعض إلي حقائق، أو مؤشرات علي فساد يضرب في كل شيء، لكنها عموما تصنع مزاجًا غريبًا، يقود إلي يأس أو يكتفي بالتبكيت والتنكيت علي ما يحدث بعد 30 سنة من وصول الرئيس مبارك لكرسي الرئاسة. شاهدت أمس تسجيلاً نادرًا لمؤتمر صحفي يفسر الرئيس السادات اختياره لمبارك نائبا له..قال: «.. اخترته لأنه لابد في المرحلة القادمة أن يكون النائب من أبطال حرب أكتوبر.. الذي يعرف كيف يتخذ القرار.. وينفذه..ليتحمل مسئولية مصر..». كانت هذه مرحلة انتقالية من جنرالات يوليو (والثورة) إلي جنرالات أكتوبر (والنصر علي إسرائيل). في هذا المؤتمر كانت لهجة السادات لا تخلو من قوة المنتصر، الذي ينقل بقوة هذا النصر الدولة من «شرعية» إلي «شرعية » أو من فرقة إلي أخري بنفس الطابع العسكري. الآن يبدو من كل الأحداث التي تمر بها مصر أننا في مرحلة انتقالية، يكشفها بين حين وآخر، صراعات غير تقليدية، وغير مفهومة. لم يعد المال تابعا تماما للسلطة.. ينتقل من التبعية إلي نوع من الشراكة، ليس كاملا، ولكنه فعال في تحديد شكل الحكم، واختياراته. المال بشكل أو بآخر احتل مساحات مستقلة عن القوي القديمة في الدولة، وهذه مرحلة انتقالية لم يكن يتمناها المجتمع المدني في مصر، لكنها تتم وفق إيقاع سري تماما، تزاحم فيه قوي المال مايسمي بالقوي الصلبة في الدولة. من يدفع ثمن هذه المزاحمة؟ وهل هذه المزاحمة هي سبب رئيسي في قوة أسهم الرئيس مبارك في الاستمرار؟ الرئيس يرتدي بدلة الجنرالات.. لكنه عبر سياسة منظمة أوجد جيشا آخر من أصحاب ثروات، تديرهم الدولة كما تدير جميع مؤسساتها الصلبة. الجيش المالي حقق ملكيات واسعة للأراضي والعقارات، دون أن يحولها إلي تراكم اقتصادي ينقل مصر إلي مصاف الدولة المتقدمة في التنمية. الانتقال هنا في موقع المال بالنسبة للسلطة، من التبعية إلي الشراكة. وإذا كان جنرالات أكتوبر شاركوا بنصرهم جنرالات يوليو وأبعدوهم عن السلطة.. ما هو الإنجاز الذي حققه الجيش المالي.. ليزاحموا علي السلطة..؟ ماذا فعلوا غير تغذية وحش الفساد الذي يلتهم كل نمو اقتصادي يتحقق...؟ ماذا فعل هشام طلعت مصطفي ليصبح رقما تهتز مصر من مشاركته في جريمة قتل عشيقته؟ .. هل هناك خطة للبراءة فعلا؟ السؤال مازال معلقا.