دعوني ألهج بالثناء، والهتاف، والشكر للأستاذ فهمي هويدي. ذلك لأنه المفكر الإسلامي الوحيد الذي تصرف تصرفات غاية في الغرابة إبان الأزمة الطائفية التي طالت وباخت وأصبحت مثل مسلسل الجريء والجميلات. وإليكم بعض تصرفات الأستاذ فهمي هويدي المثيرة للدهشة: 1 عمد في مقالاته بجريدة الشروق إلي لفت انتباه قرائه لقضايا وطنية جوهرية، اعتبرها أجدر بالاهتمام، والتحليل، مترفعا عن جدل طائفي يصب الزيت علي النار، كاشفا حقيقة تفاهة وسفاهة الأزمة التي قامت لأسباب غير مفهومة. 2 حين طلب للتعليق علي الأزمة في الجزيرة، علق في بداية الأزمة تعليقا محترما، عاقلا، محايدا، ضاربا في جذور الأزمة وعمقها، ألا وهو غياب الدولة، وغياب المشروع القومي الذي يجمع أبناء الوطن الواحد، وتعمد خلق وتصعيد الأزمات من قبل كل الأطراف. ثم عاد وأكد هذا التحليل بعد الحوار مع الأنبا شنودة، مقررا أن اعتذار الأنبا شنودة يجب أن ينهي الأزمة فورا، وأننا يجب أن نلتفت إلي القضايا الوطنية الحقيقية. 3 حرص علي كشف دور بعض وسائل الإعلام في تضخيم الأزمات، متحدثا عن أزمة حرق القرآن، وملمحا إلي الأزمة الطائفية في مصر في إحدي مقالاته، دون أن ينزل بمستواه لحوار طرشان يزيد الناس خبالا. 4 تعمد أن يتبع الأسلوب العلمي في التحليل، وعدم القفز إلي نتائج واستنتاجات ليس عليها دليل مادي واضح، بداية من الزعم بإسلام كاميليا وانتهاء بالاتهامات المتبادلة بين الطرفين التي رفض الخوض فيها. إيه ده بقي؟ إيه الراجل العاقل ده؟ ليه؟ لماذا أنت عاقل يا أستاذ فهمي هويدي؟ هذا أمر غريب عجيب مستغرب. ما دوافعك لسلك هذا المسلك الشاذ؟ ها؟ آآآآه، صالح الوطن... صالح الوطن، ووحدته، والاهتمام بقضاياه الحقيقية، والعدالة، والحياد، والإنصاف وكلام الستينيات ده. صح؟ طيب المودا اليوم أن الإنسان لا يحب صالح الوطن، الإنسان يكره صالح الوطن، ويحب أن يولع في الوطن بجاز، ويفتته، ويلقي بتهم جزافية، خيالية، أقرب لحكاوي أمنا الغولة منها للحقيقة. آخر صيحة الآن هو انتهاج منهج الندابة، التي تحزن الناس علي حالهم، وتشعل الحزن والضغينة والحقد في نفوسهم، وتستعديهم علي إخوتهم، وجيرانهم، وأنفسهم. كان يجب عليك سيدي أن تطعن في عقائد الناس، وتلهب مشاعر العامة، وتتحدث عن سلاح، وتؤكد أن فريقك أحرص علي الوحدة من الفريق الآخر، وترسل للفريق الآخر برسالة: «قول لي باحبك قولي، عايز أسمعها تملي، مش باطلبها منك صدقة أو إحسان، زي ما باقولها قولها إنت كمان»، وألا تكتفي باعتذار أكبر رأس في الكنيسة، وتقول: «مش كفاية يا حبيبي مش كفاية، ابتسامك أو سلامك مش كفاية». كان يجب عليك فعل كل ذلك حتي تساير المودا، ولا تكون دقة قديمة. لماذا لم تدقق في ذقن كاميليا بدلا من التدقيق في تحليل الانتخابات، والمفاوضات التي حيكت لتبيع آخر ما تبقي لنا من ورقة توت نستر بها عورتنا، بينما هم يشغلونا في فتن تافهة؟ لماذا لست مجنونا؟ ولا مشعلا للفتن؟ ولا منخرطا في السفاهة؟ جيت الدنيا إزاي؟ ومنين إنت جاي؟ إنت أكيد من عالم تاني.