إقبال كبير من الجالية المصرية في روما على المشاركة في انتخابات النواب| فيديو    الرقابة النووية تختتم ورشة عمل دولية بمشاركة أفريقية و أوروبية    أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 نوفمبر في منتصف التعاملات    أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي لجامعة القاهرة    الأمم المتحدة: القلق الأكبر على من بقي في الفاشر مع استمرار صعوبة الوصول الإنساني    فرنسا تقلّص عدد موظفيها الدبلوماسيين في مالي    عبد الرؤوف يركز على الجوانب الخططية في مران الزمالك لمواجهة زيسكو    هدف توروب.. الأهلي يناشد جماهيره.. موقف الثلاثي.. واعتزال قائد السيتي| نشرة الرياضة ½ اليوم    أرباح وهمية وثروة بالملايين.. تفاصيل مثيرة في قضية «مستريحة الغربية»    «عمّي نهب أرضي».. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو متداول بدمياط    فعاليات ثقافية وفنية متنوعه احتفالا بأعياد الطفولة بشمال سيناء    إعلان أسماء الباحثين المشاركين في ندوة النقد بمهرجان المسرح العربي ال 16    رجال الشرطة بمديريتي أمن البحيرة وأسيوط يشاركون في حملة للتبرع بالدم    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    الليلة.. حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال 46    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    الشوط الأول .. مازيمبي يتقدم على مسار 3-1 بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    انقطاع المياه عن قرية أشمنت وتوابعها ببنى سويف غدا    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    الجالية المصرية بإيطاليا تشارك فى المرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب    مشهد مُخيف بالعثور على سحر ضد عروسين في الأقصر    أكرم القصاص: المشاركة فى المرحلة الثانية من انتخابات النواب ستكون أفضل    تعرف على أذكار المساء ليوم الجمعة.. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير    ردد الآن| ساعة الاستجابة يوم الجمعة وأفضل أوقات الدعاء    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    ملايين الأسر فى بريطانيا تواجه ارتفاع فواتير الطاقة الشهر الأكثر برودة    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    سانوفي تطلق دواء ساركليزا بمصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما أملا فى العلاج    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    في عيد ميلادها| قصة أغنية "حبيتك بالصيف" التي تحولت إلى اعتذار رومانسي من عاصي لفيروز    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    دوري أبطال إفريقيا.. محمد الشناوي: جاهزون لمواجهة شبيبة القبائل ونسعى للفوز باللقب    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    موعد وتشكيل الاتحاد المتوقع لمباراة الرياض بالدوري السعودي    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمد خالد توفيق يكتب:جولة فنية
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 09 - 2010

المغامرون الخمسة وتختخ وشوارع المعادي !.. أعتقد أن هذه السلسلة الممتعة التي أبدعتها عبقرية (محمود سالم) قد تركت علامة لا تُمحي لدي كل مراهق بدءًا من سبعينيات القرن الماضي. كنت أنا في المدرسة الإعدادية، أتابع بنهم مغامرات الصبي البدين تختخ الذي يكلفه رئيس المباحث شخصيًا بمهام شديدة الخطر. ولأن محمود سالم عبقري، فقد قدم لنا في أحد الألغاز (نسيت اسمه للأسف) عملية سطو علي متحف محمد محمود خليل.. لقد عرفت بوجود المتحف للمرة الأولي من ذلك الكتيب. اللوحة التي سرقت في القصة كانت أزهار الخشخاش لفان جوخ !.. الأجمل أن سارقها أعادها للشرطة مرة أخري مع بطاقة صغيرة كتب عليها بأناقة أنها (مزيفة)!.. لقد اكتشف السارق أن اللوحة سرقت من قبل وأن اللوحة التي سرقها لا قيمة لها..
إن لهؤلاء الكتاب العباقرة نظرة ثاقبة تشعرنا أحيانًا بأنهم يرون المستقبل. أعتقد أن المرء يجب أن يجد الكتيب ليعرف من كان الجاني بالضبط. لكن المشكلة هي أن القصص تنتهي نهايات سعيدة علي الأرجح. لقد عرف تختخ العبقري اللص وعادت اللوحة، أما هنا فالأمر يحتاج إلي نشاط استخباراتي واسع، وعملاء سريين مندسين وسط مافيا اللوحات وهواة المجموعات، وهو ما أشك أن أحدًا في أجهزة الأمن عندنا لديه دماغ رائق له.. إن طريقة (اركن قدام وطلع الرخص يا روح أمك) لا تسمح بهذا النشاط المعقد.
الطريف أن اللوحة التي رسمها محسن شعلان للفاعل من الأوصاف تشبه بالفعل أسلوب الفنان سمير ثابت في رسم تلك الألغاز، حتي أن أحد القراء الظرفاء علق بأن هذه صورة (محب) صديق (تختخ). تعلمت علي كل حال من قصص سابقة أن الصور التي يرسمها فنانو الشرطة للجناة حسب أوصاف الشهود، لا تمت للجاني بصلة علي الإطلاق. بل يمكن البحث عن الشخص الذي لا يشبه هذه الصورة في شيء.. فلو كان الشخص في الصورة كثيف الشعر نحيلاً ذا شارب كث، فمن المؤكد أن الجاني الحقيقي أصلع حليق الوجه بدين جدًا.
ضاعت اللوحة علي الأرجح، تاركة عشرات الأسئلة بلا إجابة.. وما زاد الطين بلة هو تصريحات السيد فاروق حسني، التي توحي بأنه لا يعتبر الأمر ذا أهمية علي الإطلاق، فأهم متاحف العالم تسرق بلا توقف دون أن تحدث هذه الضوضاء. واللوحة ليست جميلة أصلاً.. هناك أجمل منها !... هذا يعني أنه لا بأس من سرقة تمثال أخناتون لأن تمثال خفرع أجمل منه بمراحل. ثم يؤكد الوزير أنه (شايل بلاوي عن محسن شعلان). ولماذا تبقيه أصلاً ومن طلب منك أن تشيل البلاوي عنه ؟.. الكلمات نفسها قيلت بالحرف تقريبًا في الثلث الأخير من رواية (عمارة يعقوبيان).. فهل نحن في رواية يعقوبيان، أم نحن في فيلم من أفلام ستيفان روستي الذي يحتفظ معه دومًا بالنيجاتيف ليهدد فاتن حمامة ؟..
النقطة الثانية التي تثير الضيق هي الذهول والاشمئزاز اللذان تعامل بهما الناس مع اللوحة عندما عرفوا ثمنها.. خمسون مليونًا في قطعة قماش ؟.. لماذا لا تباع لننتفع بثمنها ؟.. من المعروف أن المصريين لا يهتمون بالفن التشكيلي ولا يجدون له نفعًا ما، وجل علاقتهم به هو لوحة البطة والترعة إياها، أو الطفل الباكي، أو روميو وجولييت علي الأرجوحة في صالوناتهم، لكن محمد محمود خليل الثري الأمثل ابن الناس اقتني هذه التحف علي أمل أن يأتي يوم يحل فيه المصريون مشاكلهم العديدة، ويدركون أهمية الفنون التشكيلية. في التسعينيات ارتفعت نغمة تطالب ببيع مقتنيات هذا المتحف لسداد ديون مصر، ولو نفذ هذا الاقتراح السخيف؛ لما بلغ الناس من ثمن هذه التحف التي لا تقدر بثمن سوي 27 جنيهًا وربع (هيا اللوحات تمنها كده يا حضرات.. السوق نايم أصلاً)، ولن يعرف الذباب الأزرق أين ذهب المال الذي بيعت به التحف. لكن الرد البليغ كان رد د.جلال أمين الذي قال ما معناه: «مثل هؤلاء كمثل الفتي مدخن المخدرات الذي يريد بيع مجوهرات أمه لسداد ديونه.. يقولون لابد من ذلك وإلا دخل الفتي السجن.. أقول دعه يدخل السجن ليفيق مما هو فيه من غيبوبة. يقولون إن المتحف يضم فنونًا غربية لا تنتمي لتراثنا ولا نفهمها. أقول لهم إن من يقول هذا الكلام لا يهمه فن فرعوني ولا إسلامي ولا غربي.. إنه لا يهتم بالفن أصلاً ولا يريد سوي مكسبه الشخصي».
سواء كان التراث تماثيل فرعونية أو سيوفًا إسلامية أو لوحات لجوجان، فهو من حق الأجيال القادمة، ويمثل ذاكرة هذه الأمة وكيانها الثقافي، ولو تهاوننا في لوحة لفان جوخ - حتي لو لم نفهمها - فلسوف نتهاون مع تمثال خفرع وسيف عمرو بن العاص والهرم. سوف تجد قناعة عامة لدي هؤلاء الذين يبيعون البلد قطعة قطعة أن البلد (خربت خلاص)، ولهذا يبيعون كل شيء ولا يشعرون بتأنيب ضمير من أي نوع.. بينما البلد خرب فعلاً بسبب نهبهم له.. يومًا ما سوف تفتح هذه الملفات وسنعرف بالضبط كم فقدنا من ثلث آثار العالم التي كانت لدينا.
ننتقل الآن من الفنون التشكيلية إلي فنون الجرافيك.
يبدو أن برنامج فوتوشوب يلقي اهتمامًا خاصًا في مصر هذه الأيام. منذ أعوام كان هناك إعلان في جريدة قومية لرجل أعمال شهير جدًا يحضر مؤتمرًا في الخارج. التقط المصور صورة له وهو يمشي وأضافها لصورة منصة، ثم قام بتغييرات عديدة بحيث صار المؤتمر كله منعقدًا لرجل الأعمال، وبدا مندوبو أمريكا وفرنسا وإنجلترا وقد حبسوا أنفاسهم من رهبة الموقف، بينما كل هذه العظمة والمجد يتقدمان لنيل التكريم. في ذلك الوقت لم يكن الفوتوشوب معروفًا وأعتقد أن المصمم لم يستعمله، لذا بدت الصورة مضحكة جدًا ونوعًا من القص واللصق شديد السذاجة. منذ أعوام أخري حضر الرئيس مبارك مؤتمرًا دوليًا، وقد أظهرته الكاميرا لربع ثانية وهو يتابع الجلسات. قام التليفزيون المصري بتكرار اللقطة مرارًا لا حصر لها ليبدو كأن الكاميرا لم تفارق الرئيس لحظة، وكأن الوفود تلقي كلماتها منتظرة رأيه. النتيجة طبعًا كانت في منتهي السوء لأن الرئيس بدا في الصور لا يكف عن تحريك عنقه والابتسام بشكل ميكانيكي. إن النفاق شيء سيئ، لكن النفاق الأحمق الذي ينفذ بسذاجة ويفتضح بسهولة يؤذي من ننافقه بشدة. ونحن لم ننس بعد أسطورة شحنة التمر التي ابتكرتها جريدة أخبار اليوم، والتي نفتها الرياسة جملة وتفصيلاً. مؤخرًا جاءت فضيحة الصورة التي تمت فبركتها ليبدو الرئيس مبارك يتقدم صفوف الرؤساء نحو قاعة الكونجرس !.. وهل هناك رئيس مهما بلغت أهميته يمكن أن يتقدم أوباما نحو قاعة الكونجرس وفي بلده ؟؟؟
بالطبع صارت الفضيحة بجلاجل في الصحف العالمية وتناقلتها وكالات الأنباء، وهناك مدونة جميلة اسمها (دولة الظلم ساعة ودورة الفوتوشوب ساعات) أشبعتها سخرية. الإيذاء هنا واضح ويعكس أن الحكومة المصرية غير واثقة من نفسها، وتشعر بتضاؤل دورها وتحاول خداع الجميع. لكن هؤلاء السادة لا يهتمون بما أحدثوه من أذي لنا جميعًا.. رأيهم إن مصر اسم تخيلي لكيان وهمي، ولا أحد يعبأ بكرامة كيان وهمي. هذه الصحف ليست موجهة لنا ولكنها رسائل غرام موجهة من طرف لطرف آخر، ومن قلة الأدب أن تقتحم هذه العلاقة الخاصة. يقول الأستاذ أسامة سرايا: «يبدو أن المناخ السياسي السائد حولنا في مصر يتجه نحو الإثارة ومشتملاتها، ومحاولة اللعب علي كل الأوتار مما أدي إلي تغييب الحقائق نفسها، قبل أن يصاحبها تغييب القيم والضرب بعرض الحائط بأخلاقيات تعارفنا علي تسميتها بالقيم المهنية وحدود اللياقة والزمالة». لحسن الحظ لم يتكلم عن (حزب أعداء النجاح).. إنه يري أن تزييف صورة للرئيس (قيم مهنية)، كما أنه يقول بالضبط ما كان يجب علينا أن نقوله عن جريدته. نحن متفاهمان إذن وقد أراحنا من الكلام الكثير.
آخر ألعاب الفوتوشوب مؤخرًا هي الصور التي سرقوها من مجموعة خاصة لابنة البرادعي، والموضوع قد نوقش كثيرًا علي كل حال، والكل أجمع علي أن الأمر عفن لا يختلف كثيرًا عن التقاط صورة لفتاة وهي تبدل ثيابها بغرض التشهير بها.. هذه صور شخصية التقطت وسط الأسرة علي شاطئ خال من البشر، ونشرها أدي لنتائج عكسية تمامًا، إذ أظهر لنا أنهم خائفون فعلاً وأنهم يلعبون بقذارة كامرأة متنمرة تغيظ (سلفتها) في حارة.. أما عن موضوع أن الصور مفبركة فلا أعتقد ذلك.. الصور غير مشينة ولا تسيء للفتاة أو لأبيها حتي تستحق أن تفبرك، وأي خبير فوتوشوب رآها وجد أن الضوء والظل متماثلان في الوجه والجسد..
كل شيء في مصر متعب منهار، حتي النفاق نفسه.. لقد صار النفاق غبيًا مكشوفًا مضحكًا.. إنني بالفعل أشتاق لمنافقي الزمن الجميل الأذكياء واسعي الحيلة. زمن ما قبل التمر وطشة الملوخية واستعمال الفوتوشوب دون أخذ دورات تدريبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.