استقرار أسعار الذهب.. والجنيه يلامس 39 ألف جنيه اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 20 يونيو    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    الضربة الإسرائيلية لإيران| جيش الاحتلال يعلن ضرب مركز أبحاث عسكرية في طهران    متعددة الرؤوس تشبه القنابل العنقودية.. الاحتلال يعلق على صواريخ إيران    بوتافوجو يكرس تفوق أندية أمريكا الجنوبية عبر بوابة باريس سان جيرمان    آخر تطورات انتقال إيزاك إلى ليفربول في الميركاتو الصيفي    «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا السبت 21 يونيو| إنفوجراف    سيولة مرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم الجمعة    حبس فتاة لقيامها بتصوير فيديوهات خادشة للحياء على مواقع التواصل    مراسلة "القاهرة الإخبارية" تكشف تفاصيل فشل الاحتلال فى التصدى لهجوم إيرانى    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    حياة كريمة.. الكشف على 833 مواطن ببئر العبد فى قافلة طبية مجانية    الصحة تنظم ورشة عمل لأطباء الصدر على مناظير الرئة    ماسكيرانو: ميسي أدهشني أمام بورتو!    الأحد.. "مجلس الشيوخ" يناقش خطة وزير التعليم لمواجهة التحرش والتنمر والعنف بالمدارس    روبي ووائل جسار نجما حفلات مهرجان موازين الليلة    سامية سامي: عودة جميع حجاج السياحة البري بسلام إلى أرض الوطن    جروسي يحذّر: تقاريرنا بريئة من ذرائع ضرب إيران    تعرف على اختصاصات لجنة التعليم العالي بقانون ذوي الإعاقة الجديد وفقًا للقانون.. تفاصيل    نشوب حريق هائل بعدد من أشجار النخيل بإسنا جنوب الأقصر    التأهل يتأجل.. السعودية تخسر أمام أمريكا في الكأس الذهبية    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين    إعلام إيراني: إطلاق 3 صواريخ باتجاه مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل    أسعار سبائك الذهب اليوم الجمعة 20 يونيو 2025.. 50 جرام تكسر حاجز ال250 ألف جنيه    المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: قانون الإيجار القديم سيُقضى بعدم دستوريته حال صدوره    برقم الجلوس نتيجة الصف الثالث الإعدادي في 10 محافظات.. رسميًا الآن    إعلام إيرانى: دفعة صواريخ جديدة تستهدف النقب بالقرب من قاعدة نواتيم الجوية    «أول مرة في حياتي».. تعليق مثير من وسام أبو علي بشأن هدفه الذاتي    شيرين رضا: جمالي سبب لي مشاكل.. بس الأهم إن أنا مبسوطة (فيديو)    انطلاق مباراة باريس سان جيرمان وبوتافوجو في مونديال الأندية    فايننشال تايمز: وزير الخارجية البريطاني ينقل رسالة من أمريكا لإيران    إعلام إيراني: معارك جوية فوق مدينة جرجان بمحافظة جولستان شمال شرقي إيران    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    إير كايرو توسّع أسطولها الجوي بتوقيع اتفاقية جديدة في معرض باريس للطيران    الجبهة الداخلية المصرية متماسكة في مواجهة كل الأخطار    محافظ المنيا يشهد مراسم تجليس نيافة الأنبا بُقطر أسقفًا لإيبارشية ديرمواس    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    قبل الغلق.. رابط التقديم لوظائف المدارس المصرية اليابانية 2026    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    خبير اقتصادي: البنوك المركزية قد تعود لرفع الفائدة هربًا من موجة تضخم جديدة    خبير في الحركات الإسلامية: الإخوان يستخدمون غزة كغطاء لأجنداتهم التخريبية    بسبب بلاغ للنائب العام.. محمد رمضان يعتذر لعائلة «هلهل»    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة والدة مخرجة وفنانة تستغيث ونجمة ترد على شائعة زواجها    "وحش البحار" و"ليو".. أعمال يشاهدها الجمهور على "نتفليكس" في الصيف    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمد خالد توفيق يكتب:جولة فنية
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 09 - 2010

المغامرون الخمسة وتختخ وشوارع المعادي !.. أعتقد أن هذه السلسلة الممتعة التي أبدعتها عبقرية (محمود سالم) قد تركت علامة لا تُمحي لدي كل مراهق بدءًا من سبعينيات القرن الماضي. كنت أنا في المدرسة الإعدادية، أتابع بنهم مغامرات الصبي البدين تختخ الذي يكلفه رئيس المباحث شخصيًا بمهام شديدة الخطر. ولأن محمود سالم عبقري، فقد قدم لنا في أحد الألغاز (نسيت اسمه للأسف) عملية سطو علي متحف محمد محمود خليل.. لقد عرفت بوجود المتحف للمرة الأولي من ذلك الكتيب. اللوحة التي سرقت في القصة كانت أزهار الخشخاش لفان جوخ !.. الأجمل أن سارقها أعادها للشرطة مرة أخري مع بطاقة صغيرة كتب عليها بأناقة أنها (مزيفة)!.. لقد اكتشف السارق أن اللوحة سرقت من قبل وأن اللوحة التي سرقها لا قيمة لها..
إن لهؤلاء الكتاب العباقرة نظرة ثاقبة تشعرنا أحيانًا بأنهم يرون المستقبل. أعتقد أن المرء يجب أن يجد الكتيب ليعرف من كان الجاني بالضبط. لكن المشكلة هي أن القصص تنتهي نهايات سعيدة علي الأرجح. لقد عرف تختخ العبقري اللص وعادت اللوحة، أما هنا فالأمر يحتاج إلي نشاط استخباراتي واسع، وعملاء سريين مندسين وسط مافيا اللوحات وهواة المجموعات، وهو ما أشك أن أحدًا في أجهزة الأمن عندنا لديه دماغ رائق له.. إن طريقة (اركن قدام وطلع الرخص يا روح أمك) لا تسمح بهذا النشاط المعقد.
الطريف أن اللوحة التي رسمها محسن شعلان للفاعل من الأوصاف تشبه بالفعل أسلوب الفنان سمير ثابت في رسم تلك الألغاز، حتي أن أحد القراء الظرفاء علق بأن هذه صورة (محب) صديق (تختخ). تعلمت علي كل حال من قصص سابقة أن الصور التي يرسمها فنانو الشرطة للجناة حسب أوصاف الشهود، لا تمت للجاني بصلة علي الإطلاق. بل يمكن البحث عن الشخص الذي لا يشبه هذه الصورة في شيء.. فلو كان الشخص في الصورة كثيف الشعر نحيلاً ذا شارب كث، فمن المؤكد أن الجاني الحقيقي أصلع حليق الوجه بدين جدًا.
ضاعت اللوحة علي الأرجح، تاركة عشرات الأسئلة بلا إجابة.. وما زاد الطين بلة هو تصريحات السيد فاروق حسني، التي توحي بأنه لا يعتبر الأمر ذا أهمية علي الإطلاق، فأهم متاحف العالم تسرق بلا توقف دون أن تحدث هذه الضوضاء. واللوحة ليست جميلة أصلاً.. هناك أجمل منها !... هذا يعني أنه لا بأس من سرقة تمثال أخناتون لأن تمثال خفرع أجمل منه بمراحل. ثم يؤكد الوزير أنه (شايل بلاوي عن محسن شعلان). ولماذا تبقيه أصلاً ومن طلب منك أن تشيل البلاوي عنه ؟.. الكلمات نفسها قيلت بالحرف تقريبًا في الثلث الأخير من رواية (عمارة يعقوبيان).. فهل نحن في رواية يعقوبيان، أم نحن في فيلم من أفلام ستيفان روستي الذي يحتفظ معه دومًا بالنيجاتيف ليهدد فاتن حمامة ؟..
النقطة الثانية التي تثير الضيق هي الذهول والاشمئزاز اللذان تعامل بهما الناس مع اللوحة عندما عرفوا ثمنها.. خمسون مليونًا في قطعة قماش ؟.. لماذا لا تباع لننتفع بثمنها ؟.. من المعروف أن المصريين لا يهتمون بالفن التشكيلي ولا يجدون له نفعًا ما، وجل علاقتهم به هو لوحة البطة والترعة إياها، أو الطفل الباكي، أو روميو وجولييت علي الأرجوحة في صالوناتهم، لكن محمد محمود خليل الثري الأمثل ابن الناس اقتني هذه التحف علي أمل أن يأتي يوم يحل فيه المصريون مشاكلهم العديدة، ويدركون أهمية الفنون التشكيلية. في التسعينيات ارتفعت نغمة تطالب ببيع مقتنيات هذا المتحف لسداد ديون مصر، ولو نفذ هذا الاقتراح السخيف؛ لما بلغ الناس من ثمن هذه التحف التي لا تقدر بثمن سوي 27 جنيهًا وربع (هيا اللوحات تمنها كده يا حضرات.. السوق نايم أصلاً)، ولن يعرف الذباب الأزرق أين ذهب المال الذي بيعت به التحف. لكن الرد البليغ كان رد د.جلال أمين الذي قال ما معناه: «مثل هؤلاء كمثل الفتي مدخن المخدرات الذي يريد بيع مجوهرات أمه لسداد ديونه.. يقولون لابد من ذلك وإلا دخل الفتي السجن.. أقول دعه يدخل السجن ليفيق مما هو فيه من غيبوبة. يقولون إن المتحف يضم فنونًا غربية لا تنتمي لتراثنا ولا نفهمها. أقول لهم إن من يقول هذا الكلام لا يهمه فن فرعوني ولا إسلامي ولا غربي.. إنه لا يهتم بالفن أصلاً ولا يريد سوي مكسبه الشخصي».
سواء كان التراث تماثيل فرعونية أو سيوفًا إسلامية أو لوحات لجوجان، فهو من حق الأجيال القادمة، ويمثل ذاكرة هذه الأمة وكيانها الثقافي، ولو تهاوننا في لوحة لفان جوخ - حتي لو لم نفهمها - فلسوف نتهاون مع تمثال خفرع وسيف عمرو بن العاص والهرم. سوف تجد قناعة عامة لدي هؤلاء الذين يبيعون البلد قطعة قطعة أن البلد (خربت خلاص)، ولهذا يبيعون كل شيء ولا يشعرون بتأنيب ضمير من أي نوع.. بينما البلد خرب فعلاً بسبب نهبهم له.. يومًا ما سوف تفتح هذه الملفات وسنعرف بالضبط كم فقدنا من ثلث آثار العالم التي كانت لدينا.
ننتقل الآن من الفنون التشكيلية إلي فنون الجرافيك.
يبدو أن برنامج فوتوشوب يلقي اهتمامًا خاصًا في مصر هذه الأيام. منذ أعوام كان هناك إعلان في جريدة قومية لرجل أعمال شهير جدًا يحضر مؤتمرًا في الخارج. التقط المصور صورة له وهو يمشي وأضافها لصورة منصة، ثم قام بتغييرات عديدة بحيث صار المؤتمر كله منعقدًا لرجل الأعمال، وبدا مندوبو أمريكا وفرنسا وإنجلترا وقد حبسوا أنفاسهم من رهبة الموقف، بينما كل هذه العظمة والمجد يتقدمان لنيل التكريم. في ذلك الوقت لم يكن الفوتوشوب معروفًا وأعتقد أن المصمم لم يستعمله، لذا بدت الصورة مضحكة جدًا ونوعًا من القص واللصق شديد السذاجة. منذ أعوام أخري حضر الرئيس مبارك مؤتمرًا دوليًا، وقد أظهرته الكاميرا لربع ثانية وهو يتابع الجلسات. قام التليفزيون المصري بتكرار اللقطة مرارًا لا حصر لها ليبدو كأن الكاميرا لم تفارق الرئيس لحظة، وكأن الوفود تلقي كلماتها منتظرة رأيه. النتيجة طبعًا كانت في منتهي السوء لأن الرئيس بدا في الصور لا يكف عن تحريك عنقه والابتسام بشكل ميكانيكي. إن النفاق شيء سيئ، لكن النفاق الأحمق الذي ينفذ بسذاجة ويفتضح بسهولة يؤذي من ننافقه بشدة. ونحن لم ننس بعد أسطورة شحنة التمر التي ابتكرتها جريدة أخبار اليوم، والتي نفتها الرياسة جملة وتفصيلاً. مؤخرًا جاءت فضيحة الصورة التي تمت فبركتها ليبدو الرئيس مبارك يتقدم صفوف الرؤساء نحو قاعة الكونجرس !.. وهل هناك رئيس مهما بلغت أهميته يمكن أن يتقدم أوباما نحو قاعة الكونجرس وفي بلده ؟؟؟
بالطبع صارت الفضيحة بجلاجل في الصحف العالمية وتناقلتها وكالات الأنباء، وهناك مدونة جميلة اسمها (دولة الظلم ساعة ودورة الفوتوشوب ساعات) أشبعتها سخرية. الإيذاء هنا واضح ويعكس أن الحكومة المصرية غير واثقة من نفسها، وتشعر بتضاؤل دورها وتحاول خداع الجميع. لكن هؤلاء السادة لا يهتمون بما أحدثوه من أذي لنا جميعًا.. رأيهم إن مصر اسم تخيلي لكيان وهمي، ولا أحد يعبأ بكرامة كيان وهمي. هذه الصحف ليست موجهة لنا ولكنها رسائل غرام موجهة من طرف لطرف آخر، ومن قلة الأدب أن تقتحم هذه العلاقة الخاصة. يقول الأستاذ أسامة سرايا: «يبدو أن المناخ السياسي السائد حولنا في مصر يتجه نحو الإثارة ومشتملاتها، ومحاولة اللعب علي كل الأوتار مما أدي إلي تغييب الحقائق نفسها، قبل أن يصاحبها تغييب القيم والضرب بعرض الحائط بأخلاقيات تعارفنا علي تسميتها بالقيم المهنية وحدود اللياقة والزمالة». لحسن الحظ لم يتكلم عن (حزب أعداء النجاح).. إنه يري أن تزييف صورة للرئيس (قيم مهنية)، كما أنه يقول بالضبط ما كان يجب علينا أن نقوله عن جريدته. نحن متفاهمان إذن وقد أراحنا من الكلام الكثير.
آخر ألعاب الفوتوشوب مؤخرًا هي الصور التي سرقوها من مجموعة خاصة لابنة البرادعي، والموضوع قد نوقش كثيرًا علي كل حال، والكل أجمع علي أن الأمر عفن لا يختلف كثيرًا عن التقاط صورة لفتاة وهي تبدل ثيابها بغرض التشهير بها.. هذه صور شخصية التقطت وسط الأسرة علي شاطئ خال من البشر، ونشرها أدي لنتائج عكسية تمامًا، إذ أظهر لنا أنهم خائفون فعلاً وأنهم يلعبون بقذارة كامرأة متنمرة تغيظ (سلفتها) في حارة.. أما عن موضوع أن الصور مفبركة فلا أعتقد ذلك.. الصور غير مشينة ولا تسيء للفتاة أو لأبيها حتي تستحق أن تفبرك، وأي خبير فوتوشوب رآها وجد أن الضوء والظل متماثلان في الوجه والجسد..
كل شيء في مصر متعب منهار، حتي النفاق نفسه.. لقد صار النفاق غبيًا مكشوفًا مضحكًا.. إنني بالفعل أشتاق لمنافقي الزمن الجميل الأذكياء واسعي الحيلة. زمن ما قبل التمر وطشة الملوخية واستعمال الفوتوشوب دون أخذ دورات تدريبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.