قال «أوليفر فلاديمير بيكاسو» حفيد الفنان العالمي «بابلو بيكاسو» رداً علي من سألوه لماذا لم يصبح فناناً تشكيلياً مثل جده أجابهم ورثت أنفه وليس يديه؟!. كانوا يجاملون "أوليفر" وهو طالب بالمدرسة في حصة الرسم ويمنحونه الدرجات النهائية علي اعتبار أن كل ما يخطه علي الورق هو بالتأكيد الإبداع.. ولم تستمر مسيرة الطفل «أوليفر» طويلاً مع الدرجات النهائية، حيث إنه عندما يدخل الامتحانات التي لا يتم فيها معرفة الأسماء مسبقاً كانت درجاته تأتي متأخرة عن كل رفاقه واكتشف بعدها أنه لم يرث عن جده شيئًا سوي أنفه!!. تذكرت ذلك وأنا أقرأ خبرًا عن تقديم مسلسل «فرقة ناجي عطاالله» بطولة «عادل إمام» يشاركه التمثيل ابنه «محمد» ويخرجه ابنه «رامي» ويشارك في البطولة كل من «هيثم أحمد زكي» و «أحمد صلاح السعدني»!!. أن يصبح لدينا هذا العدد الضخم من أبناء الفنانين الذين يمارسون مهنة آبائهم أمر يدعو للدهشة ولم أر له مثيلاً في أي دولة عربية أو أجنبية.. من البديهي أن عوامل الوراثة تنتقل عن طريق الجينات، كما أن المناخ العام الذي نشأ فيه الطفل يوجهه لاختيار مهنة الأب أو الأم إلا أن كل ذلك لا يمكن أن يصبح هو القاعدة حيث يبدو وكأن الحياة الفنية في مصر لا ترحب إلا بأبناء الفنانين.. إنه شيء أقرب إلي العدوي انتشرت في الوسطين التمثيلي والغنائي وهكذا وجدنا 90% من أبناء الفنانين فنانين بالوراثة.. لن يستطيع أحد في نهاية الأمر أن يفرض فناناً علي الجمهور إلا أن ما يؤثر في الحياة الفنية بالسلب هو حالة الزحام والفوضي والفرص التي يحصل عليها من لا يستحق وتخصم ممن يستحق.. لن يعترف أبداً الوالد بأن ابنه لا يتمتع بموهبة سيظل كل نجم يدفع ابنه بأسلوب مباشر أو غير مباشر وسوف يصرح بأنه أبداً لم يمنحه أي فرصة لا يستحقها، وأن الموهبة تنضح عليه فهل يعتقله داخل المنزل حتي لا يمارس الفن؟!. هل يكذب الآباء عندما يؤازرون أبناءهم؟! الحقيقة أنهم لا يستطيعون أن يكونوا محايدين ولهذا يعتقدون أنهم موهوبون.. أتذكر حواراً للموسيقار الكبير «رياض السنباطي» أجرته معه الإذاعة عام 74 وكان «عبد الحليم» في عز توهجه الفني بينما «أحمد السنباطي» ابن «رياض السنباطي» كان قد بدأ خطواته الأولي في عالم الغناء والتلحين والتمثيل سألت المذيعة «رياض السنباطي» المعروف عنه صرامته وصراحته عن رأيه في ابنه «أحمد» أجابها إنه النغمة الصحيحة القادمة وأن من يعتلي القمة حالياً يقصد «عبد الحليم حافظ» لن يستطيع الصمود أمام هذا الطوفان الذي يقوده ابنه.. الآباء أحكامهم دائماً منحازة لأبنائهم وكأنهم يقولون للآخرين «خدوا عيني شوفو بيها» ولكن علي الأبناء أن يأخذوا الحكمة من حفيد «بيكاسو» ينظرون للمرآة بعيونهم ليعرفوا كم واحد منهم ورث فقط أنف أبيه!