.. التقيت منذ ساعات الدكتور محمد البرادعي في لقاء ثالث يجمعنا منذ اللقاء الأول يوم 23 فبراير 2010 عقب عودته من الخارج. .. لقائي الأخير بالدكتور البرادعي أعطاني فرصة أوسع للوقوف علي جوانب مختلفة في شخصية الرجل الذي أقدره وأحترمه قبل أن أراه، وتضاعف إيماني بالكثير من مواقفه عقب اللقاء الأخير الذي أحسبه نقطة تحول مهمة في علاقة ظن البعض أنها مرتبكة بينما هي في الحقيقة لم تكن نضجت بعد بالقدر الكافي لقلة اللقاءات والحوار المباشر. .. وأحسب أن تواصل الدكتور البرادعي في الشهور الأخيرة. مع قطاعات مختلفة من المجتمع المصري التي حرص علي الالتقاء بها سمح له بتكوين صورة أوضح عن الواقع السياسي المصري وخريطة القوي السياسية المصرية. .. لم أندهش وأنا أقرأ في صحف الجمعة نقداً من الدكتور البرادعي للنخبة المصرية وعدم قيامها بالدور المنوط بها وأتصور أن البرادعي يضع بهذا النقد قدمه علي بداية الطريق الصحيح في مسار رحلته ومعركته من أجل التغيير في مصر حيث الرهان الوحيد الصحيح هو الناس والشارع والإنسان المصري. .. من قبل قلت إن علاقة الدكتور البرادعي بالشارع المصري أقرب لزواج الصالونات، بينما مصر في حاجه لزواج عن حب وبات واضحاً أن الشهور القليلة التي قضاها البرادعي في مصر حولت زواج الصالونات لعلاقة حب ينمو بالتدريج وترتفع درجة حرارته! .. ولا أخفي عليكم أن الحملة الشخصية الأخيرة التي تعرض لها الدكتور البرادعي وأسرته لعبت دوراً رائعاً في تواصل العلاقات العاطفية بين البرادعي والناس التي شعرت بأنه واحد منهم يتعرض لما يتعرضون له من ظلم وقهر وانحطاط من نظام لا يعرف غير هذه الأساليب المتدنية والوضيعة. .. الناس في مصر لم تعد تصدق إلا من يدفع ثمن مواقفه واختياراته، والدكتور محمد البرادعي بات واحداً ممن يدفعون الثمن وزاد هذا من مصداقيته في نفوس الناس- وأنا منهم. .. محمد البرادعي الذي يدعو الآن لمقاطعة الانتخابات ويلوح بسلاح العصيان المدني يعرف جيداً صعوبة الطريق الذي اختاره وحجم الصعاب التي سيصادفها، وحجم الألغام التي ستنفجر فيه، ولهذا فأنا اليوم أؤكد بصدق أنني إلي جوار هذا الرجل بعقلي وقلبي أيضاً. .. معسكر التغيير في مصر لم يكن في يوم من الأيام أكثر قدرة علي التوحد والالتفاف والاصطفاف صفاً واحداً أكثر من الآن.. والآن تحديداً. .. نعم وكما قال البرادعي في اللقاء معه إنه من المفيد وجود بدائل متعددة لهذا النظام لتأكيد أن مصر قادرة علي إحداث التغيير. .. وأضيف أن كل البدائل ستأتي لحظة قريبة لتذوب حباً في هذا الوطن في موقف واحد من أجل هدف واحد هو التغيير. .. لقائي مع البرادعي كان قبل ساعات من حلول العيد لكنني شعرت بقدر من فرحة العيد قبل موعده. .. سيأتي يوم تحتفل مصر فيه بعيد حقيقي ومستحق للحرية.