1 تمسك يدي كي أمشي علي السطر، تضغط، تحرك أصابعك فوق أصابعي كأنك أنت الذي تكتب، تبذل جهدا إضافيا محاولا تحريك يدي في نفس حركة يديك. أريدك أن تقرأ خطي هكذا. أنا الوجه الملعثم والخربشات التي تقفز من كراسة الصف. أكتب بيد ممتعضة وعين لا تسمع الكلام. 2 أحيانا ينفتح عليّ الجنون من كافة الجهات فلا أعرف كيف أغلقه. ما الذي أخذه معي وما الذي أتركه هناك. لو كانت ليدي قوة الباب ومصراعيه لكنت فتحت العالم عن آخره. 3 أشعر أني أجلس علي قطار بضائع ممتلئ يهتز بي لا أعرف وجهته. كل ما أعرفه هو أن عيني تتصارع مع سائق العربة المنجرفة نحو الرمال علي جزء صغير من الفراغ الباقي في المرآة. 4 كانت السلة التي تتحرك وحدها تشبهني الدرجات التي سقطت مع الأسنان تشبه البكاء الطفولة هي الحصن. قرأت آلاف الروايات عن الوحدة وكل الأشياء التي لم أحرم منها، بل فاضت عن الكأس. كان هناك رعب حقيقي يجتاحني رعب لا يمكن وصفه، كان الجميع يخاف من الظلمة بينما كنت أخاف أنا من الوقت. أخذني من يدي ليوصلني إلي الضوء عبرت أنهارا وسنين ضوئية كلها تختبئ في أذرع من الشعر في مئة كلمة وكلمة وعندما استيقظت كانت شفتيّ ترتجف من الخوف واثار الحبر الذي بدأ يسيل منها ترقص علي الجدران والبيت. 5 سأعاقر الخمر والنساء كنت أريد أن أقول هذا الكلام لكني تذكرت أنني من «النساء» وأنه لا يمكنني الحصول علي خمر إلا ببطاقة لا يحصل عليها إلا من عنده عمل وأنا أعمل فقط عندما أضجر من المشي في الممرات. 6 في طفولتي كنت أحلم أن شخصا ما سينظر إلي وجهي التعس يلبسني تاجا مثل تيجان ملكات الجمال. كنت أنتظر تلك الحفلة السنوية أشعر كأني أمسك يدا بيد بالمتبارية الثالثة والثانية لأكتشف أني لم أعد الأولي أن قطارا آخر ينتظرني أظل أنظر من شباكه المكسور علي كل القصص والحكايات والزهور. 7 حين تحضرين قبلة علي فم حزين كسرة خبز علي شفاة جائع تتكسر من الشقاء واليأس أعرف أنه لابد للأزمنة الوحيدة من أن تنتهي. 8 السنين الطويلة تفتح لك فمها تبتلعك مثل تمساح كبير السنين.. خيال المآته يرفع ذراعيه الخشبيتين يلوح للراحلين تلويحة البقاء وحين يؤثرون الغياب يودعهم رافعا فانلة بيضاء مشقوقة بشجار العصافير ذراعين خشبيين مرفوعين لا يعرف كيف يفلت منهما وضحكة منخورة. العالم كله يعبر أمامك أو خلف ظهرك كل ما يحدث تنقله الخطابات القصيرة قصص العشق الذي يطير مواعيد اللقاء والسفر اللغات كلها تحمل اسمك وأنت، لا تعرف كيف تنطق الاسم الذي أحببت. 9 كأنه الضباب القادم مع الضحكات احتمال الليل والقطارات. كل ذلك ينبعث بعنف من عقلي المحموم وأنا أسقط كتابا قديما من يدي فوق رف إحدي المكتبات. يبدو أن أحدا قد أطلقه، ذلك الضياع الذي ينفتح كما تخرج العفاريت من فم الحكايات. 10 جلس في المكان المقابل لباب الطائرة شخص ما فتح الباب ونسي.. نسي تماما أن يركلني. 11 هناك أناس يكرهونني بشدة في مكان ما من العالم رغم أن الشجيرات تنمو علي أطراف بيوتهم والسماء في عيونهم زرقاء بلا دهشة. هناك أناس يكرهونني وكأني قد حطمت قلوبهم. لا يعرفون أني أريد أن ألصق علي ظهري لافتة: احذر سهلة الكسر. 12 تزعق في وجهي كلما رأتني جالسة : أنزلي رجلك. لا أعرف لماذا أرادت عمتي ألا أجلس هكذا. عمتي ماتت وأنا لم أغير جلستي. أفتقد أحيانا صوتا يؤنبني. لا أعرف هل يفتقد الصوت بعض ملامحي. من ديوان "قبلات" صدر عن دار نشر "ميريت"