فور أن أعلن الثنائي سامح عبدالعزيز، وأحمد عبدالله تقديمهما لمسلسل تليفزيوني يحمل اسم «الحارة»، تأكد البعض أنهما سيكرران ما قدماه في فيلميهما «الفرح»، و«كباريه» ولن يقدما أي جديد، لكن المدهش أن هذا الثنائي نجح في مفاجأة الجمهور بعمل درامي مميز كتب بحرفية شديدة انتقلت علي الشاشة في مشاهد رائعة، أجاد مخرجها سامح عبدالعزيز في أن يختار أبطالها ويوظف مواهبهم في شخصيات واقعية من لحم ودم.. تشعر معها أنك انتقلت إلي داخل هذه الحارة، وعشت تلك الأيام معهم وسمعت حكاياتهم.. تعامل مسلسل الحارة مع أهلها بمنطق الحكاية، والعرض الإنساني الراقي الذي يراعي مشاعرهم، وليس بمنطق «شوفوا الناس يا حرام عايشين إزاي؟!» وهو ما جعله يلمس قلوب الناس ويدفعهم لمتابعة حلقاته علي مدار الشهر.. كان لنا هذا الحوار مع سامح عبدالعزيز مخرج العمل، وسألناه عن الأزمات الإنتاجية التي تعرض لها المسلسل وتوقفه أكثر من مرة مما تسبب في اضطرارهم إلي التصوير حتي آخر أيام رمضان، بالإضافة إلي اتهام المسلسل بالسوداوية والكآبة والإساءة لسمعة مصر! منذ اللحظة الأولي لإعلان نيتك تقديم مسلسل «الحارة» ظن الجميع أنك تحاول استغلال نجاحك في «كباريه» و«الفرح» وتعيد تقديم نفس الفكرة؟ ما رأيك في ذلك وما الشبه الذي تراه بين تلك الأعمال؟ - الشبه الوحيد بين ما قدمناه في مسلسل الحارة وما قدمناه من قبل في كباريه والفرح، أو ما قدمه أي شخص آخر سواء في أفلام أبيض وأسود، أو الآن أننا نقدم حياة وحواديت الناس والبشر المصريين أيامنا في مصر، وليس في بلدنا وهي أشياء نجح أحمد عبدالله في تقديمها بشخصيات من لحم ودم دون أن تتشابه أو تتكرر في أي عمل منها. لكن البعض رأي أن الفيلم هو تكرار لما قدمه خالد يوسف في فيلم «حين ميسرة»؟ أحترم عمل خالد يوسف جداً، وقد يكون ملهماً، وليس شرطاً أن يكون كل مخرج منافس لي هو عدو لي، وخالد يوسف سبب في تحول السينما المصرية، كما غيرها فيلم إسماعيلية رايح جاي، لكن لا يوجد مخرج عينه مثل مخرج آخر، فنحن نقدم رؤية مختلفة ومن زاوية مختلفة لنفس الشيء وهذا يجعل أعمالنا تكمل بعضها البعض، بالإضافة أننا لا نقدم العشوائيات بل الأحياء الشعبية بكل ما تحمله من هموم وأفراح. لكن «الأباجية» التي تدور فيها معظم أحداث المسلسل تعد من المناطق العشوائية وليست من الأحياء الشعبية؟ - بالعكس أنا أري أن «الأباجية» منطقة شعبية خالصة مادام لها رئاسة حي تخضع إليه فهي منطقة شعبية، ومادام أن هناك نظاماً يحكم أهلها، ومادام أن أهلها لا يعيشون حياة عشوائية في عشش وخرابات، وبغض النظر عن كونها منطقة شعبية أو عشوائية هي منطقة يعيش سكانها تحت خط الفقر علينا أن ننتبه لهم سواء كانوا من سكان العشوائيات أو من سكان المناطق الشعبية. قدمت مع أحمد عبدالله أربعة أفلام سينمائية، وهذا العام تقدم أولي تجاربك التليفزيونية معه.. ما الذي يميز العمل مع أحمد عبدالله؟ - أحمد عبدالله يشبهني.. يحب التغيير وتقديم أفكار متنوعة، ونحن أصبحنا نفهم بعضنا جيدا، وهو متمكن جدا في رسم شخصياته حتي تحس أنها لحم ودم علي الورق، وفي «الحارة» وجدته متعمقا في الموضوع ويفهم جيدا تفاصيل شخصيات الحارة وحواراتها. استطعت من خلال مسلسل «الحارة» أن تقضي علي فكرة النجم الأوحد التي سيطرت علي الدراما المصرية طوال السنوات الماضية.. كيف جاءتك فكرة كسر القاعدة بهذه الطريقة؟ - تربينا علي مسلسلات «ليالي الحلمية»، و«الشهد والدموع»، و«رأفت الهجان»، و«غوايش»، أتذكر عندما كنت أهرب من المذاكرة بمشاهدة المسلسل العربي المليء بالنجوم، هذه الأعمال كلها نجحت وهي ليست قائمة علي فكرة النجم الأوحد. كيف استطعت أن توفق بين كل هذه الأعداد من «المجاميع» في المشهد الواحد والتي كانت أعدادها تصل في بعض الأحيان إلي 150 كومبارساً؟ - مشكلة المخرجين أنهم «مبيشوفوش الناس بجد»، بل يتابعوهم من خلف لوح زجاجي، المخرج لو تمعن في حارة حقيقية سيجدها مليئة بالأشخاص، أحدهم يشتري شيئاً، واثنان يتحدثان معاً، وآخر يتشاجر في الخلفية، ويوجد منهم من يمشي شاردا، أين هذه النماذج في المسلسلات؟ لماذا لا نشاهد سوي شخص يسير، وسيدة تجلس تعرض خضراوات للبيع علي ناصية الشارع؟، هل هو استسهال؟، «يا جماعة المجاميع أهم من الأبطال أحيانا، الكومبارس ده أهم من نجم المسلسل. هل وجدت صعوبة في تنفيذ كل تلك العلاقات المتشابكة علي الشاشة؟ - لا توجد مشكلة مادام السيناريو مكتوباً بحرفية لكنها بالطبع مهمة ليست سهلة؛ لأنها تحتاج لتركيز عال جدا من المخرج وحساسية شديدة في التعامل مع كل من هذه العلاقات، حتي لا نتسبب في حالة من الحيرة عند المشاهد، ويعرف تماما كل هذه العلاقات. مسلسل الحارة اتهم بالسوداوية والكآبة والتركيز علي الأحداث المأساوية وعدم مناسبته للعرض الرمضاني؟ - بالعكس أنا أري أن المسلسل كله أمل وحياة، ويقدم جوانب جميلة من حياة أناس يعانون الكثير في حياتهم، لكنهم يعيشون يومهم بطوله، ويضحكون من قلبهم ويضعون أيديهم علي قلوبهم بعد الضحك ثم يقولوا: «اللهم اجعله خير» فهل هناك أجمل من علاقة صفية وسعدية التي قدمتها سوسن بدر وسلوي محمد علي.. حارتنا جميلة ومتفائلة وتأكل قوت يومها من تعاونها مع بعضها.. فهل هذه صورة مأساوية؟ المسلسل تعرض لأزمات إنتاجية كثيرة ما تأثير ذلك في عملك كمخرج؟ - أقول لك بصراحة، إنه لولا هذه المشكلات الإنتاجية، لغزا المسلسل العالم، وليس فقط العالم العربي أو مصر، ولكن للأسف تسببت هذه الأزمات في تعطل التصوير أكثر من مرة، واضطررنا للعمل والتصوير حتي الآن، ورمضان أوشك علي الانتهاء، لكن الحمد لله تمكنت الروح الجماعية بين كل فريق العمل من ممثلين ومصورين وفنيين من التغلب علي هذه الأزمات، وأنا أشكرهم علي كل ما قدموه. في النهاية.. ما سر هذا التغيير المفاجئ في اختياراتك الفنية بعد سلسلة من الأفلام الخفيفة قررت التحول لنوع آخر من الأعمال الفنية التي تحمل مضموناً قوياً؟ - لقد كنت أسير تبعا للمناخ السائد، فهذه النوعية هي ما كانت موجودة وقتها والمطلوبة لدي المنتجين، فكان شرطا أن يحتوي الفيلم علي أغنيه تستخدم في تسويقه، وأنا كنت واثقاً من أن الجمهور لا يرغب في هذا الشكل كما كان المنتجون يروجون وقتها، لذلك قررت أن أتمرد علي هذه النوعية من الأفلام وأقدم نوعيات مختلفة.