التحقيقات: سعر بيع أرض مدينتي بطريق الأمر المباشر وقت التخصيص يزيد علي أسعار البيع بطريق المزاد النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قبل أيام من صدور حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن المقدم من وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومجموعة هشام طلعت مصطفي علي حكم محكمة القضاء الإداري الذي قضي ببطلان عقد تخصيص الأرض المقام عليها مشروع «مدينتي» أمر المستشار علي الهواري- المحامي العام الأول لنيابات الأموال العامة- بعد موافقة المستشار عبدالمجيد محمود- النائب العام- بحفظ التحقيقات التي أجرتها نيابة الأموال العامة العليا بشأن بلاغ خمسة وأربعين عضواً بمجلس الشعب حول تخصيص مساحة 8000 فدان من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلي الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني والمسماة بمشروع «مدينتي»، وبعد أن باشرت نيابة الأموال العامة العليا تحقيقات موسعة فور تلقيها بلاغاً أشار إلي أن تخصيص تلك المساحة قد تم بالمخالفة للقانون والقواعد المقررة، حيث تم البيع دون تحديد ثمن الأرض كما خلا من نظام مُحدد لسداد الأقساط وبمقابل عيني لبعض الوحدات السكنية، وأن هذا التخصيص تم بالأمر المباشر بالمخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية بما نتج عنه إهدار المال العام، وأكد البلاغ حصول شركة المقاولون العرب علي أرض ملاصقة لأرض مشروع مدينتي بشروط أشد قسوة مما تضمنه العقد محل البلاغ. أجري التحقيقات الدكتور محمد أيوب، وتم سؤال كل من مقدم البلاغ ومسئولي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وعلي رأسهم وزير الإسكان السابق وكذلك نائب رئيس الهيئة والمسئولين بشركة المقاولون العرب والمسئول عن الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني، وتم ضم المستندات المتعلقة بعملية البيع والتخصيص ودراستها لبيان ثمن المتر وقت التخصيص، وتم تشكيل لجان من إدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة بوزارة العدل لفحص الواقعة، فانتهت إلي عدم وجود ضرر بالمال العام من جراء التعاقد، حيث تحصل هيئة المجتمعات العمرانية علي مبالغ تصل إلي 13 مليار جنيه نظير الحصة العينية المتفق عليها بما مؤداه قيام الشركة بشراء متر الأرض بمشروع «مدينتي» بمبلغ يصل إلي 391 جنيهاً دون مرفقي الكهرباء والاتصالات، وهو سعر يزيد علي سعر المتر الذي كانت تبيع الهيئة به للغير وقت التخصيص عام 2005 الذي لم يصل إلا إلي 237 جنيهاً للمتر بكامل مرافقه، وقد أشار النائب العام إلي أنه تمت دراسة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الوارد بشأن ذات العقد والذي أشار إلي بعض المخالفات التي لا يستدل منها علي ما يقطع بأن هذه الأرض قد تم تخصيصها بسعر يقل عن ثمن الأرض وقت التخصيص، كما أن ما أشار إليه ذات التقرير من وجود إضرار بالمال العام، إذا قامت الهيئة ببيع متر المباني المسلمة إليها بسعر 3315 جنيهاً، لا يتفق مع المستقر عليه من أن الهيئة غير ملزمة بالبيع بهذا السعر وأن البيع سيكون بسعر السوق الذي يصل إلي 5500 جنيه للمتر. كما ثبت من التحقيقات أن القيمة السعرية التي تم البيع بها لأرض مدينتي بطريق الأمر المباشر وقت التخصيص تزيد علي أسعار البيع بطريق المزاد، حيث إن آخر مزاد سابق علي تخصيص أرض مدينتي أجرته الهيئة عام 2004 علي مساحة 100 فدان بمدينة القاهرةالجديدة وتم بيع المتر بسعر 200 جنيه بكامل مرافقه وهو أقل من سعر المتر في أرض مدينتي الذي يصل إلي 391 جنيهاً للمتر، علي الرغم من تميز الموقع في مدينة القاهرةالجديدة واكتمال المرافق فيها خلافاً لموقع أرض مدينتي وعدم اكتمال مرافقها، فضلاً عن أن آخر مزاد علني أجرته الهيئة بعد تخصيص أرض مدينتي قد تم في عام 2007، ولا يجوز القياس علي سعر الأرض الذي بلغه هذا المزاد وهو 660 جنيهًا للمتر وذلك لأسباب حاصلها اختلاف التوقيت، إذ إن هذا المزاد تم بعد عامين من تخصيص أرض مدينتي وهي فترة زمنية ارتفعت خلالها أسعار سوق العقارات بقدر كبير وكذا اختلاف الموقف إذ إن هذا المزاد تم علي أرض تمثل مركز المدينة«القاهرةالجديدة» وبعد تمام إعمارها، إضافة إلي اختلاف الحالة، وأن المزاد تم علي أرض مجهزة بعد تمام تسويتها وتوصيل كامل المرافق لها، كما أن الأرض التي ثبت تخصيصها لشركة المقاولون العرب والبالغ مساحتها 11 ألف فدان بقيمة تم تقديرها بمبلغ 42 جنيهًا للمتر وهو مبلغ لا يقارن مع سعر المتر بأرض مدينتي، وقد انتهت التحقيقات إلي استبعاد شبهة جرائم التربح للغير وتسهيل تعدي الغير علي أرض مملوكة لجهة عامة والإضرار بالمال العام، حيث ثبت عدم قيام الهيئة ببيع الأرض بسعر يقل عن سعر المثل ولم يثبت تغليب مسئولي الهيئة للمصلحة الخاصة للغير علي المصلحة العامة لجهة عملهم، ودون حاجة إلي بحث الآراء المختلفة بشأن مدي سريان قانون المناقصات والمزايدات علي تصرفات الهيئات العامة التي تخضع لأحكام قوانين خاصة، ومنها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وفي ظل اختلاف هذه التأويلات فإنه لا صلة أو تأثير لها في ثبوت أو انتفاء عناصر الجرائم الجنائية إذ إن البحث في عناصر المسائل الجنائية يختلف عن البحث في عناصر المسائل الإدارية والمدنية فقد يتبع الموظف العام أحكام قانون المناقصات والمزايدات من الناحية الإدارية ويثبت في حقه عناصر جرائم جنائية إذا تعهد وضع شروط لمصلحة الشريك أو أفشي له أسرارها أو غيرها من الأفعال التي ترشح اتجاه قصده إلي تمكين الغير من الحصول علي ربح بغير حق، وقد يخالف الموظف العام أحكام هذا القانون عن اعتقاد خاطئ بعدم سريان أحكامه أو عن علم بها دون أن يعمد إلي تربيح الغير أو تسهيل تعديه علي أملاك الدولة بغير حق، بأن يحصل منه للدولة علي ما يستوفي حقوقها أو ما يزيد عليها دون مساس بحقوق الغير، فيقف فعله عند حد مخالفة قانون المناقصات أو المزايدات التي قد تتحقق بها المساءلة الإدارية في حقه دون أن تمتد إلي المساءلة الجنائية التي تستلزم ثبوت توافد عناصر القصد الجنائي للجريمة من علم بعناصرها وإرادة تنفيذها علي وجه القطع واليقين. وأوضح النائب العام أن التحقيقات كشفت أن هناك جهات أخري غير هيئة المجتمعات العمرانية، مثل هيئة المساحة الجيولوجية ومشروعات التعمير والتنمية الزراعية قد أجرت تصرفات في أملاكها وفق أحكام قوانينها الخاصة بعد إصدار قانون المناقصات والمزايدات الجديد، الأمر الذي لا يصح أن يُستدل به علي أن مجرد عدم اتباع أحكام هذا القانون تتوافر به أركان جرائم جنائية، والقول بغير ذلك مؤداه انطباق الوصف الإجرامي علي جميع تصرفات تلك الهيئة مع المتعاملين معها وهو ما لا يتصور قانونًا أو منطقًا. وانتهت التحقيقات إلي انتفاء جريمة الإضرار بالمال العام لما ثبت من أن الهيئة ستحصل علي مبلغ 13 مليار جنيه من حصيلة هذا البيع، وإلي قيام الشركة العربية للمشروعات بتنفيذ التزاماتها الواردة بملحق العقد فيما يتعلق بتسليم الوحدات السكنية حيث قامت بتسليم الحصة الأولي من المرحلة الأولي بواقع ثماني عمارات قبل الموعد المتفق عليه في العقد، وفي حالة تقاعس الشركة عن تسليم باقي الوحدات السكنية في موعدها طبقاً للجدول الزمني المتفق عليه في ملحق العقد فإن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بما لها من حق الامتياز علي كامل أرض مشروع مدينتي تضمن الحصول علي كامل مستحقاتها.