(1) ظلت الناس تضغط علي الشاعر أيمن بهجت قمر حتي اعترف بأن ما يقدمه أبو الليف «مونولوجات»، الناس بتحب تتصدر في الهايفة، تعيش في بلد كل حاجة فيه فكت من أصلها ولا يهتمون إلا عندما يتعلق الأمر بالفن (ماتقولش شعر.. قول خواطر، ده مش مطرب ده مؤدي، دي مش أغاني دي مونولوجات)، هناك فئة من الجمهور اسمها الفئة السكر، معظمهم من محترفي التعليق علي المقالات في المواقع الإلكترونية، يتقعرون في أضيق مساحة ممكنة بطريقة تدعو لنوع جديد من الكوميديا اسمها «كوميديا الامتعاض». لا تقع يا عزيزي في هذه المهاترات وليكن تقييمك لأي عمل فني بسيط وعميق وحقيقي هو أن تحكم هل الشخص الذي قدم هذا العمل (فنان.. ولا.. مش فنان)؟! فالبحث عن التصنيف يمنعك من الاستمتاع بالعمل، قل لي مثلاً كيف ستسمي الفنانة صاحبة الكليب الأشهر علي اليوتيوب حالياً والذي تقوم فيه بفرش لوحة مضيئة عريضة بالرمال ثم تقوم في خلال دقائق بالرسم علي هذه الرمال قصة حياة شخص منذ ولادته حتي موته؟، هل ستسميها «الرسامة الرملية» ولاّ «رائدة فن الترميل» ولاّ إيه؟! من السذاجة أن تحاول أن تضع الأشياء التي لا قانون لها مثل الفن تحت طائلة قانون ما؟، أنا شخصياً استمتعت بأغنية جديدة لحسام الحسيني اسمها 14 يوماً، يحكي فيها قصة غريبة تماماً، قصة إعادة اكتشاف العالم في ال14 يوماً التي قضاها معزولاً بسبب إصابته بإنفلونزا الخنازير، الرجل مر بتجربة خرج منها بنتيجة قدمها في أغنية جذابة، ستنشغل بكونها غنوة ولا أوبريت.. مونولوج ولا مونودراما.. صوته حلو ولا مجرد مؤدٍّ، ستنشغل وستنسي أن تستمتع بأجمل ما في هذه التجربة.. كونها صادقة، صادقة في وقت يغني فيه الكبار كلمات غير صادقة ينافقون بها المستمعين ويخضعون لشروط رضاهم، وهي شروط آن الأوان للاعتراف بأنها ساذجة. (2) الموضة هي مهاجمة برامج المقالب، بالرغم من تعلق الناس بها وحرصهم علي متابعتها، صحيح هناك برامج ساذجة، لكن الفكرة لن تموت، ولو عرف صناع برامج المقالب العلاقة النفسية الوثيقة بين المشاهدين وبين هذه النوعية من البرامج لأتقنوا صناعتها، الناس تحتاج لأن تشاهد شخصاً آخر غيرها في وضعية المتورط في مقلب، فذلك يهون عليهم المقالب التي يشربونها طوال الوقت.. اللي واخدة مقلب في جوزها.. واللي واخد مقلب في صاحبه أو في مديره في الشغل أو في جاره أو في معرض السيارات أو في قسط البنك أو في السباك الذي يعتمد عليه، برامج التوك شو تزيد انبعاج نفسية المشاهد لأنه يراها أحياناً تأكل عيشاً علي قفاه، فالبرنامج الذي يعالج مشكلة انقطاع الكهرباء يتم إضاءة الاستوديو الخاص به بمصابيح تكفي لتحويل ليل الأباجية إلي نهار، والمذيعة التي تناقش مع المسئول أزمة انقطاع الماء أمامها وأمام الضيف «مج» يكاد العصير أن ينسال علي جانبيه، لكن برنامج المقلب يؤكد للمشاهد أننا جميعاً مشتركون في المصير نفسه، الأزمة في أن المشاهد يطمع في أن يكون مقلب البرنامج محبوكاً بالضبط مثل مقلب الحقيقة. (3) كثر الحديث هذه الأيام عن إقالة وزير الثقافة في التغيير الوزاري القادم بعد سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» وأنا أرجو الحكومة ألا تفعل، ستكون إهانة كبيرة لكل المصريين أن تتم إقالة وزير الثقافة بسبب لوحة مسروقة بينما لم تتم إقالته بسبب عشرات الأرواح التي سُرقت مننا في مسرح بني سويف. (4) قلشت من كوكا كولا هذه المرة، بعد أن تميزت الشركة بحملات إعلانية مثل: اللي مالهومش فيها بيشجعوا وإحنا معاهم، ويعني إيه كوكا زيرو، قرروا هذا العام أن يوفروا فلوس الإعلانات ويستغلوها في إسعاد الناس وهي فكرة نبيلة جداً وعظيمة..لكن التنفيذ جاء مخيباً للآمال. نفذت الشركة خطة إسعاد الناس في سوبر ماركت «سعودي» وفي كافيه علي النيل، طيب بالذمة هل الناس دول ناقصين سعادة؟، سوبر ماركت شهير معروف أنه متخصص في البضاعة التي يندر أن تجدها في كارفور أو هايبر ولا يجرؤ أحد علي دخوله إلا إذا كان مسلحاً بمبلغ محترم.. هل تبحث في هذا المكان عن شخص تريد أن تسعده بكمية من الكانز أو بسداد ثمن مشترياته؟، كانت تقف أمام الكاشير طفلة ترتدي نظارة طبية ماركة عالمية يتجاوز سعرها الثلاثة آلاف جنيه.. هل هي الشخص الذي ينتظر منك هدية بخمسمائة جنيه؟، ولا الكافيه اللي علي النيل صاحب المينيمم شارج الذي لا يقل عن 150جنيهاً للفرد هل تبحث بين أفراده عن شخص سيسعد بحقيبة مليئة بالكانزات؟، كان واجباً علي كوكا كولا أن تبحث عن أشخاص يستحقون أن تسعدهم بالفعل، كان يجب أن تبحث عن شخص بيحلم يشتري كانزاية كوكاكولا واحدة ومش قادر.