لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    انطلاق قافلة مشتركة من الأزهر والإفتاء والأوقاف إلى مساجد الشيخ زويد ورفح    سعر الدرهم الإماراتى اليوم الجمعة 10-10-2025 يسجل 12.92 جنيه للشراء    أسعار الدواجن بكفر الشيخ الجمعة 10 أكتوبر 2025    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق إنهاء الحرب في غزة.. وبرنت يسجل 65.15 دولار    تعرف على أسعار حديد التسليح في السوق اليوم الجمعة    انسحاب وتقليص قوات جيش الاحتلال من مناطق في غزة بعد موافقة نتنياهو على «خطة ترامب»    فضل شاكر 13 عاما من الغياب والجدل.. حكومة لبنان تعلق على محاكمته    تحرك شاحنات القافلة ال48 من المساعدات لدخولها من مصر إلى قطاع غزة    المستشار الألماني: مستعدون لتحمل المسؤولية في مجلس السلام الذي اقترحه ترامب    فيروز أبو الخير تفوز ببطولة اسكواش كلاسيك المفتوحة    مصطفى شوبير يحرس مرمى منتخب مصر أمام غينيا بيساو    أمطار متفاوتة على المدن الساحلية بالسلوم والعلمين.. تطورات حالة الطقس    مقتل رجل اعمال داخل سيارته بطنطا.. والأمن يضبط الجاني    مقتل تاجر عسل على يد أحد أقاربه بسبب خلافات مالية بطنطا    إصابة 3 أشخاص في انهيار جزئي لعقار في كرموز بالإسكندرية    موعد بدء التقديم لحج القرعة 2026 عبر أقسام الشرطة وأون لاين    عضو بالحزب الجمهورى: الرئيس السيسى الأحق بجائزة نوبل للسلام    إذاعة جيش الاحتلال: القوات ستتمركز على خطوط الانسحاب بحلول ظهر اليوم    جهود فنية في الجنوب.. مهرجان المنيا الدولي للمسرح يعلن اختيار 20 عرضًا ب دورته الثالثة    نور بين الجمعتين.. فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة قنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سنجتهد الانغفل عن ذكر نعم الله علينا!?    وزارة الصحة تنظم زيارة لخبير مصرى عالمى فى زراعة الأعضاء بمعهد ناصر    «دعاء يوم الجمعة» لتفريج الهم وتيسير الحال وسعة الرزق .. كلمات تريح البال وتشرح الصدر    بدء عملية التصويت في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    عاجل - تصاعد التوتر في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار: غازة إسرائيلية عنيفة في خان يونس    قاضية أمريكية تصدم المغني الكندي دريك في دعوى مجموعة يونيفرسال ميوزيك    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    رسميًا..موعد العمل بالتوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    «مكنتش أتمنى يمشوا».. وليد صلاح الدين: «زعلت بسبب ثنائي الزمالك»    رمضان 2026 في شهر كام ؟ موعد غرة الشهر الكريم وعدد أيامه    بكام الطن النهارده؟ أسعار الأرز الشعير والأبيض الجمعة 10-10-2025 بأسواق الشرقية    طولان يقرر عودة ثنائي منتخب مصر الثاني إلى القاهرة بعد تعرضهما للإصابة    كريم فهمي يحسم الجدل: "ياسمين عبد العزيز صديقتي.. وتشرفني أي مشاركة معاها"    ما بيحبوش الزحمة.. 4 أبراج بتكره الدوشة والصوت العالي    «كان نعم الزوج».. هناء الشوربجي تتحدث عن قصة حبها بالمخرج حسن عفيفي    خليل الحية: غزة تصنع المعجزات وتؤكد أنها محرمة على أعدائها    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    «أي هبد».. وليد صلاح الدين يهاجم نجمًا شهيرًا: «ناس عايزة تسترزق»    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    ما تكتمش العطسة.. تحذير طبي من عادة خطيرة تسبب أضرار للدماغ والأذن    4 أعشاب سحرية تريح القولون وتعيد لجهازك الهضمي توازنه الطبيعي بشكل آمن    خوفاً من السنوار.. لماذا صوت بن جفير ضد قرار انتهاء الحرب في غزة؟    حبس ديلر المخدرات وزبائنه في المنيرة الغربية بتهمة حيازة مخدر البودر    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الوشيحي يكتب: معالي فاروق... شاركني الغناء
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 08 - 2010

يوم عن يوم تتأكد مقولتي التي أرددها: «الكويت هي الحبّة ومصر هي القبة، فمن كان ضعيف نظر، أو علي سفر، فليحسب قيمة فساد مصر ويقسم الناتج علي ستة، ليحصل علي فساد الكويت».
ومصر اليوم تلطم بسبب زهرة الخشخاش المسروقة، ووزير الثقافة اعتكف في غار بيته، والحرامي سيصعب عليه الوزير وسيعيد اللوحة، فالأمور لا تصل إلي حد الاعتكاف والعياذ بالله. وعليّ الطلاق، درست وتخرجت في مصر، واستغرق الأمر مني ست سنوات سمان، ثم زرت مصر بعد ذلك نحو عشرين مرة، ولم أسمع عن متحف محمود خليل، ولم يسمع به أحد ممن أعرف من رواد مصر. متحف مين بس وخشخاش مين الله يحفظك. ثم إنني لن أضرب الودع وأقرأ فنجاني المقلوب فأكتشف أن هناك متحفاً يضم أغلي وأثمن اللوحات العالمية اسمه متحف محمود خليل، بينما في لبنان، قبل أيام، كنت في زيارة إلي متحف جبران خليل جبران ومنزله، في مسقط رأسه، في «بشرّي»، بصحبة الكاتبين العظيمين، عمنا الأستاذ أحمد الديين، «قلم الدستور»، أول أو ثاني كويتي احترف الصحافة في تاريخ الكويت، أطال الله عمره، والأستاذ صالح الشايجي، الذي تسلّم اللغة العربية عهدة من امرئ القيس، فلا ينام إلا بعد أن يضع حروف الجر تحت مخدته، وبعد أن يطمئن علي أحوال حروف العلة، ويتأكد من تعقيم أدوات الشرط... وأكثر ما لفتني، بعيداً عن لوحات جبران وكتبه، هو نظام الإضاءة المتطور جدا، الذي تبرعت به اليابان البوذية، عليها من الله ما تستحق...
وفي الكويت، تلقيت دعوة لمعرض للوحات التشكيلية، وحضر المسئول راعي الحفل، وأخذت الفنانة المتحمسة تشرح لنا اللوحات بالتفصيل، علي اعتبار أن المسئول يرتدي البشت ويفهم، وأنا كاتب مقطّع الثقافة وذيلها، وأشارت بإصبعها: «هذا الخط الفاصل بين الأزمان، وهذا تعرّج الفرح والحزن وكيميائهما، وهنا تتداخل المشاعر والزمن»، وأنا والمسئول وغالبية الحضور نردد: «ما شاء الله، أوف، آها»، ونمطّ شفاهنا إعجاباً متصنعاً، وأهمس في أذن الواقف إلي جواري: «شايف الفرح عندما يتعرّج؟ روعة، ووالله لم أفهم خطاً واحداً من الخطوط المتداخلة أمامي، كانت زحمة وهيصة خطوط، وأقطع عيني لو فهم صاحبنا المسئول نقطة واحدة مش خط. وبعد أن أنهينا «اللفة»، تلفّت في وجوه الزوار فوجدتهم في غاية الانبهار والتركيز علي اللوحات، فانتابني شعور بالجهل، وأحسست بأنني الوحيد «في هذه الليلة» الذي أتي للتو من الأحراش، في حين أن جميع الحضور من جيل نهضة أوروبا، وخنقتني العبرة، فأدرت رأسي، فشاهدت رجلاً وامرأتين عند لوحة «المشاعر والأزمان والفرح المتعرج»، يتفحصونها باهتمام، والرجل يضع أصابع كفّيه علي شكل مثلث زاويته إلي الأعلي، ويداعب شنبه بإبهاميه، ويتمعن بطريقة تجزم بأنه حفيد «بيكاسو» لا محالة، فدفعني شيطاني إليهما، الرجل والمرأتين، وبعد التحية، شرحت لهما اللوحة بكل ثقة وكذب: «هذا خط نبوغ الأرض، وهنا اصطدام القسوة وانفجارها قبل أن تتفتت، والصلاة علي النبي»، فهزوا رءوسهم انبهاراً متصنعاً، فالذي يقف أمامهم كاتب مثقف، وفشخ الأخ شدقيه: «واااو... انفجار عنيف»، فتمتمت في صدري «واو مين يا أهبل يا أبو انفجار»، حينها أدركت أننا كلنا متعرّجون، وكلنا من الأحراش، وكلنا في الهوي سوا، وما يحدث ما هو إلا تظاهر وتصنع وادعاء ثقافة وأفلام أبيض وأسود، إلا من رحم ربي... فيا عمّنا الخط المتعرّج نحن عرب بالصلاة علي النبي، قل لنا: حزام ناسف، خناقة، تهريب أموال، لعق أحذية الكبار، قصائد بين يدي السلاطين، أي شيء من المصطلحات التي نعرفها كي نكون معك علي الخط... واترك عنك التعرّج فلن ينفعك.
ويا عمنا معالي وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، كثّر الله ألف خيرك، يكفي أنك تسلّمت الآثار والمتاحف من الدولة الفاطمية ولا تزال، ووالله إنني منذ أن استيقظت علي الدنيا وأنا أقرأ «صرّح فاروق حسني»، «افتتح فاروق حسني»، ولا أحد يقدّر قيمة «لوحة الخشخاش» إلا أنت، إذ لم يعتكف غيرك أحد، فخذها نصيحة وقدّم استقالتك فوراً، لكن انتبه، الوالي تغيّر، والعاصمة انتقلت منذ بداية تسلمك المهمة إلي القاهرة، والعملة المصرية الآن هي الجنيه... قدّم استقالتك وارسم لك شوية خطّين متعرجين تسلّي فيهم وقتك، وارسم لوحة أخري بعنوان «عربيّ أنا»... قدّم استقالتك وتعال معي نغني الأغنية التونسية الفولكلورية الرائعة: «خشخاشك مال يا طفلة، خشخاشك مال، خبّل لي عقلي تخبال، يا طفلة، خشخاشك قربع، دوّي بالصوت مربّع...»، غنّ معي وفكّها اعتكاف، وتذكر أنك بين العرب الذين سيلهون عنك وعن الخشخاش، وسيتابعون قضية هند الفاسي، وكاميليا، ووو، وشوف وزراء الصحة، ياما سُرقت كلي بني آدمين ولم يعتكفوا، وشوف وزراء النفط، ياما سُرقت حقول بأكملها ببصلها وثومها وقثائها، ولم يعتكفوا، وشوف وشوف وشوف، الحياة لا تتوقف يا سيدي علي خشخاشة، فكّها اعتكاف وخليها علي ربك، أو علي الحزب، وعليّ النعمة لن يصيبك إلا ما كتب الحزب لك...
وأقسم بالله أن مصر عظيمة، مقارنة بالكويت، علي الأقل فيها وزير يخجل ويعتكف من تلقاء نفسه، وقد يقدّم استقالته قبل نشر هذه المقالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.