في الحلقة العاشرة من مسلسل «القطة العميا» لحنان ترك، حاول المخرج «محمود كامل» تقديم ما يشبه «الفيديو كليب» القصير في الحلقة لفرح شعبي، في مشهد تكرر في كثير من الأعمال الدرامية، بل أصبح ضرورياَ من وجهة نظر جميع من يقدمون عملاً يتضمن مشاهد في منطقة شعبية، لدرجة شعورنا بأن جميع زيجات المناطق الشعبية في الدراما هي من أجل هذا المشهد! يتكون المشهد دائماَ من فرح بلدي منصوب في الشارع، وشخصية تعبر عن التشرد تجسدها في «القطة العميا» شخصية «شابالو»، وأغنية كلماتها تتكون من أسماء ضيوف الفرح.. كل هذا يدخل ضمن «أكلشيه» الفرح البلدي، ولكن رؤية المخرج «محمود كامل» كانت غريبة بعض الشيء في عمل المونتاج لهذا المشهد، إذ كان التنقل بين اللقطات سريعا بشكل هيستيري مزعج للعين لأقصي حد، بطريقة تجعلك في أشد الحاجة إلي شريط بانادول وإلي راحة من دوار البحر الذي أصابك نتيجة لمشاهدتك لهذا المشهد! فقد أخذ المخرج لقطات«close up» للمبات الإضاءة الخاصة بالفرح، ولقطات قريبة لمن يرقصن في الفرح، بالإضافة للقطات ل «شابالو» وهو علي المسرح من زوايا مختلفة، وفي مرحلة المونتاج تم ما يشبه ضرب ذلك جميعه في الخلاط! إذ تم تقطيع اللقطات إلي لقطات ما بين ثانية وثانيتين وعرضها بشكل سريع، وهذا التكنيك قد ينجح في تصوير فيديو كليب، أو تصوير حفلة لموسيقي الروك بكاميرات متعددة، لما يحققه من إبهار في سرعة الحركة والإضاءة والديكورات فيساعد علي اكتمال الصورة بهذا التكنيك، أما تنفيذ هذا التكنيك في فرح بلدي! فكان هذا سبقاً في حد ذاته، ولكنه لم يؤد إلا لإصابة المشاهدين بدوار البحر، لعدم توافق سرعة الحركة.. لا مع حركة الممثلين، ولا مع رتم الأغنية، ولا مع حركة الكاميرا، ولا مع أي شيء! لم يتوافق التكنيك سوي مع دماغ المخرج! وفي المشهد التالي قدم لنا مشهد «أكلشيه» صرف، بعد أن تم خطف المغنية التي ستغني في الفرح لحساب حنان ترك لتصفية حسابات معها، وبعد أن خطفها ثلاثة غرباء، يظهر في المشهد التالي المغنية وهي مربوطة بالحبال علي كرسي في وسط مخزن مع إضاءة خافتة، لتفيق فجأة وتقول: «إنتي مين!» لتهمس لها حنان ترك في أذنها: «أنا فاطمة عبد الرحمن!»، لقد كانت نادية الجندي تختطف في شبابها بنفس الطريقة! وتوثق بالحبال علي نفس الكرسي، وربما في نفس المخزن، فقد شاهدنا هذا المشهد ربما مئات المرات، فإذا كانوا لم يجدوا جديدا في الفكر والرؤية للمشهد، ألم يجدوا أي جديد في الخطف!؟ فكرة الإضاءة الخافتة ووضع الكرسي في وسط اللوكيشن حتي يكون مهيئاً، والهمس في الأذن.. إنه الشيء ذاته منذ سنين! لنصاب فعلاً بدوار البحر في الحلقة العاشرة من «القطا العميا» بعد أن «مرجحنا» المخرج في الفرح، ثم ذهب بنا إلي فن الأكلشيه الذي تعشقه الدراما في مصر.. ما بين عدم الابتكار.. واستخدام الجديد وخلاص.. مش لازم يبقي مناسب!