أمسكت بالقلم لأكتب هذه السطور (مازلت أكتب بالقلم علي الورق وأحتفظ بأصدقاء رائعين مسيحيين) وفي نيتي المقارنة بين معالجة وتغطيات الصحف ووسائل الإعلام الحكومي بجناحيه العام والخاص لوقائع فضيحة مشاركة حكامنا النشطة والمخلصة للعدو الإسرائيلي في تنفيذ مهمة حصار غزة وتجويع أهلها وسد أي ثغرة قد تمر منها رحمة ربنا إليهم بما في ذلك إقامة سد فولاذي عالٍ أكد المسئولون عن عارنا أننا نبنيه تحت الأرض ولا فخر «من أموالنا وبأيدي عمالنا»!! وبين معالجة هذا الإعلام نفسه لفجيعة قتل أهلنا في نجع حمادي قتلاً عشوائيًا علي الهوية بعد أن صلوا لله في كنائسهم ليلة عيد الميلاد. كانت هذه المقارنة هي مقصدي الأصلي، لكن نظام العاهات المستديمة الذي يحكمنا ويتحكم بالعافية في مصائرنا وعازم علي الذهاب بنا في ستين داهية بأقصي سرعة، دائمًا ما يفرض علينا مشكورًا الاختيار الحر بين الكوارث والفضائح والفواجع.. لهذا، ولأني مواطن صالح فقد مارست حق الاختيار وفضلت أن أبقي اليوم مع فاجعة نجع حمادي بعدما قرأت في صحف الصباح أن المتهم الرئيسي بالمسئولية عن تنظيم مهرجان القتل الجماعي في هذه المدينة والذي قبض عليه أمس الأول مع اثنين من أعوانه، هو بعينه الشخص الذي كان الأنبا كيرلس راعي أسقفية نجع حمادي ذكر اسمه ولقبه في تصريحات سابقة أدلي بها عقب نهاية المهرجان مباشرة وأكد فيها أن هذا الرجل هو أحد منفذي الجريمة، وأنه يتمتع برعاية وحماية أعضاء بارزين في حزب الحكومة منهم نواب في مجلس شارع قصر العيني، ولهذا السبب لم تعتقله الشرطة قبل ارتكاب المجزرة برغم التهديدات الصريحة التي وصلت إلي مواطنين مسيحيين كثر يعيشون في المدينة أبلغوها بدورهم إلي سلطات الأمن، وقد أُنذِرت كلها مبكرًا بما حدث فعلاً في ليلة عيد الميلاد!! وأصارحكم أيها القراء الأعزاء أن العبد لله كان يصدق منذ البداية اتهامات الأنبا كيرلس لقيادات حزب الست الحكومة، ليس فقط لأني لست هنديًا وإنما ولدت وأعيش في هذه البلاد وأعرف سوابق عديدة من هذا النوع ربما أشهرها حكاية «عزت حنفي» الذي قاد لسنوات طويلة خلال عقد تسعينيات القرن الماضي ميليشيات بلطجية حزب الست في محافظة أسيوط مقابل منحه الغطاء والحماية بينما هو يرتكب كل أنواع الجرائم ابتداء من السلب والنهب وزراعة المخدرات حتي القتل والخطف والترويع، بل وصل الأمر إلي حد تتويجه إمبراطورًا علي جزيرة بأكملها تدعي «النخيلة»، وأيضا لأني أعرف كما تعرف أنت بالضبط جنس وصنف ومؤهلات القيادات التي يعتمد عليها هذا النظام من فوقه لتحته. غير أن الأكثر إثارة وفضائحية في كل التفاصيل والمعلومات التي نشرتها الصحف منسوبة إلي المصادر الأمنية بشأن ذلك الشخص المتهم بارتكاب مجزرة نجع حمادي أنه، ليس فحسب، مصنف و«مسجل خطر» في سجلات وزارة الداخلية وإنما هو طبقًا لنفس المصادر معتاد علي القتل وكان آخر جرائمه قد وقعت منذ عامين اثنين فقط عندما مزق وقطع رقبتي مواطنين علنًا وأمام عيون مئات الناس في سوق عامة، وقد قبض عليه آنذاك ثم أفرج عنه من دون أن يحاكم، ربما لأنه أوضح موقفه للسلطات المسئولة وأثبت لهم بالدليل القاطع أنه شخصيًّا من إنتاج مزارع و«عشش» تربية وتسمين الحرامية والمجرمين التابعة ل «سياسات» و«عشش» الحزب المركزية، وهو يقتل ويرسل ما تطاله يداه من المصريين إلي الآخرة تنفيذًا للتوجيهات العليا وفي إطار خطة الحكومة للتعامل الإيجابي مع مشكلة الزيادة السكانية عن طريق إبادة السكان!!!