النفوذ السياسي سحر يشتاق إليه الكثير فيعطيهم القوة والمستقبل ولا يمكن لأحد أن يجادل في أن الوزير كمال الشاذلي كان من أهم الشخصيات السياسية التي ملكت نفوذاً سياسياً في الفترة الأخيرة، وأيضا لا يمكن أن يجادل أحد أن الرجل أصابته سهام نقد كثيرة ومتنوعة من الإعلام خاصة من الصحافة ولا يمكن لأحد أيضا أن ينكر أن كمال الشاذلي من الشخصيات التي كانت ومازالت تحافظ علي علاقتها بالإعلام، خاصة الصحف فلم نره يوماً يرفع دعوي قضائية علي صحفي، وأظن أنها كانت مرة واحدة عندما حاول البعض أن يشوه صورته فعلي الفور لجأ إلي القضاء لحمايته ولا توجد صحيفة في مصر إلا وهاجمت كمال الشاذلي السياسي ومع ذلك تجد سلاح الرد علي الصحيفة هو السلاح القوي الذي ينفرد به كمال الشاذلي عن غيره من السياسيين وهذا ما حدث منذ أيام قليلة عندما نشرت الدستور في عددها الأسبوعي السابق عن عدم نية الوزير كمال الشاذلي في الترشح عن مقعد الفئات في الباجور منوفية تاركاً المقعد لابنه معتز معلناً بذلك بعده عن المقعد النيابي الذي استمر فيه لأكثر من أربعين عاما ليحصل من خلال هذه المدة علي لقب أقدم برلماني في العالم، ومع أنني قريب من الأحداث بالمنوفية وأشعر أن هذا الحديث بعيداً عن الحقيقة لأن معلوماتي تؤكد أن الرجل يتمتع بصحة جيدة وقادر علي خوض الانتخابات وكان السبب الذي كان تضمنه تقرير الدستور الأسبوعي عن عدم خوضه الانتخابات المقبلة هو أنه مازال يعاني صحياً.. علي العموم لم يجعلنا كمال الشاذلي نفكر كثيراً فعلي الفور كانت تصريحاته ل«الدستور» الذي أكد من خلالها أنه قرر ترشيح نفسه مرة أخري في انتخابات مجلس الشعب المقبلة عن دائرة الباجور الذي يشغل مقعدها منذ 1964 نافيا ماتردد عن تقاعده وتوريث المقعد لنجله، وأكد أنه يخوض الانتخابات نزولاً علي رغبة أهله وعشيرته في الباجور بعد أن منّ الله عليه بالشفاء وتمني أن يخدم أهله ودائرته الذين بادلوه الحب بالحب والوفاء بالوفاء. والحقيقة أنه ربما يختلف الكثير في مصر علي دور كمال الشاذلي السياسي علي المستوي القومي ويوجد خصوم سياسيون كثيرون أعلنوا سابقا وحاليا عن رفضهم للدور السياسي الذي لعبه كمال الشاذلي في فترة كونه وزيراً وأميناً للتنظيم بالحزب الوطني ولكن في النهاية هم خصوم وكمال الشاذلي كان دائما قادراً علي التعامل معهم الحجة بالحجة ولا يمكن لأحد أن ينكر أنه رغم الخلاف السياسي بينه وبين خصومه فإن الجميع كان يكن له كل الاحترام وحافظ علي علاقات طيبة مع الخصوم قبل الأصدقاء ولكن الذي لا يمكن أن يكون محل خلاف بأي شكل من الأشكال هو دور كمال الشاذلي النيابي في مصر وعلاقته بجماهير الباجور وهذه شهادة أشهد بها بصفتي قريبا من الأحداث السياسية بمحافظة المنوفية، فهناك علاقة بين كمال الشاذلي وأهله بالباجور تحتاج إلي تحليل كثير ولكن أهم ما فيها أنها علاقة وطيدة يملأها الحب والتأييد المطلق لأن كمال الشاذلي نجح في فترة نيابته عنهم أن يقدم إليهم خدمات نستطيع أن نؤكد ولا نبالغ في تقديرنا أنها خدمات صعبة ولا نبالغ ونقول إنها مستحيل أن يقدمها نائب لدائرته فهذا الرجل علي امتداد أربعين عاماً استطاع أن يقدم خدمات في مجال البنية الأساسية للباجور تعادل ما رأته بعض المدن الكبري في مصر وأقلها أن الباجور تمد لها الكهرباء من خلال كبلات أرضية وليست هوائية.. كمال الشاذلي قدم في مجال مكافحة البطالة في الباجور خدمات لأهل الباجور لا أستطيع أن أصف حجمها لأنها خدمات صعب وصفها لذلك يمكننا القول إن التركيبة الاجتماعية في الباجور تغيرت بفضل هذا الرجل، بمعني أن المئات ولا نبالغ ونقول الآلاف الذين نجح كمال الشاذلي في تعيينهم بالوزارات علي امتداد أربعين عاما من الجنسين نجحوا في تكوين أسر ذات مستوي اجتماعي عال يمكن من خلاله القول بأن الطبقة الاجتماعية تغيرت في عهد كمال الشاذلي في الباجور، وارتفعت مستويات عالية، لذلك من الصعب بل من المستحيل أن يتخلي أهالي الباجور عن نائبهم حتي ولو كان مريضا لأن نائبهم ليس بالنائب العادي بل نائبهم النائب السوبر وأي حديث في بعض الصحف هذه الأيام عن عدم خوض كمال الشاذلي الانتخابات فهو حديث زائف لايمت للحقيقة بشيء فالرجل كما أعلن عبر الدستور أنه سيخوض الانتخابات المقبلة لخدمة أهل دائرته، بل إن كمال الشاذلي دائما هو الذي يختار نائب العمال زميله في البرلمان وأستطيع أن أعلن أن النائب القادم مع كمال الشاذلي علي مقعد العمال بالباجور هو عاطف الحلال النائب الحالي عن العمال.. ولابد أن نعلم أن السياسة تعطينا دروسا قاسية فكمال الشاذلي صاحب الصوت العالي والنفوذ القوي سابقا يحاول البعض الآن أن ينال منه بطرق مختلفة ومنذ سنوات ليست قليلة كان الجميع يذهب إليه ليكون حلمه أن يقابله أو يسلم عليه ولكن هكذا السياسة تذهب وتظل «المرجلة» التي ذهبت عن الكثير هذه الأيام.