محمود مسلم يكتب : كرامة الشاذلى

من لا يعرف كمال الشاذلى يمكن أن يأخذه بذنب الحكومة، لكن الصورة تختلف تماماً إذا اقتربت منه فلن تجد سياسياً مصرياً يملك أدوات الشاذلى فى الوصول إلى قلب المواطنين «بساطة وتواضع وخفة دم وجدعنة»، فلا يمكن أن تلتقى أقدم برلمانى على مستوى العالم دون أن تصيبك منه «قفشة» لا تتوقعها تضحك عليها فوراً.
عاد الشاذلى إلى القاهرة منذ أيام بعد رحلة علاج طويلة بأمريكا ومع ذلك لم ينس إصدار بيان يشكر فيه كل من سألوا عنه، بداية من الرئيس مبارك وأسرته حتى أهالى الباجور الذين أحاطوا به منذ سنوات بعيدة وانتخبوه فى مجلس الشعب.. فالسياسة والوفاء يجريان فى دم كمال الشاذلى، والمؤكد أن رحلته العلاجية لم تقترب من دمه فالشاذلى تربطه بأهالى الباجور علاقة خاصة جداً، فقد قدموا له الحب والتأييد فترات طويلة ورد عليهم بالخدمات ومواقف الرجولة.
إلا الكرامة.. التى لا يسمح الشاذلى لأحد بالاقتراب منها، فهو دائماً يثور «لو داس أحد له على طرف»، فكرامته تحيطها حصانة أقوى بكثير من حصانة مجلس الشعب.. يبدو ذلك لأنه استمد حصانة كرامته من تراب أرض الباجور أى من جذور لا يمكن اقتلاعها بسهولة.. علاقة الشاذلى مع الصحافة تحسنت كثيراً بعد دخول نجله معتز بلاط صاحبة الجلالة، وأذكر أنه انتقد رئيس أحد الأحزاب الكبيرة عندما هاجم الأخير الصحافة أثناء مناقشة بعض القوانين التى تخص الصحافة.. حتى فى غضبه من الصحفيين يستخدم الشاذلى «وهذا حدث معى كثيراً» عبارات الود والعشم ومصطلحات أولاد البلد، وعندما يتطور الخلاف فى وجهات النظر فإن غضب الشاذلى لا يستمر أكثر من 24 ساعة وينتهى بضحكة أو عتاب.
لا يمكن أن تتعرف على الشاذلى للمرة الأولى دون أن «يُقلب» معك فى بلدك وعائلتك، فالرجل يحفظ خريطة مصر وعائلاتها عن ظهر قلب، ويملك أرشيفاً سياسياً وانتخابياً قوياً.. وتشهد قاعة مجلس الشعب على صولاته وجولاته.. وأعتقد أنها الآن فى اشتياق لعودة الشاذلى إليها من جديد.