صورتان شديدتا الاختلاف بطلها موقع واحد بإحدي أخطر وأكثر مناطق وسط سيناء إثارة للجدل. وبالرغم من أن المدة التي تفصل بين الصورتين لا تزيد علي 40 عاما؛ إلا أن التباين الكبير بينهما يؤكد أن هناك أسباباً أكثر من وجيهة تلك التي حولت منطقة مثل جبل الحلال من قلعة للدفاع عن أرض سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي، خلال عمليات حرب الاستنزاف بمعاونة بدو المنطقة، إلي معقل للمطلوبين أمنيا ومطاريد الصحراء. ربما هي المرة الأولي التي تتطرق فيها وسائل الإعلام إلي دور منطقة جبل «الحلال» إبان عمليات الاستنزاف، لأسباب تتعلق ببنود السرية التي تفرضها بعض الجهات السيادية علي الأهالي تمنعهم من الإشارة إلي هذه البطولات من بعيد أو قريب؛ فالجبل الذي يزيد ارتفاعه علي 1800 متر، وبعمق 60 كيلو مترا استخدم في إدارة أهم المعارك الحربية بمنطقة الوسط بين جنود صاعقة تابعين للجيش المصري وقوات العدو الإسرائيلي وقتها. ولأسباب تتعلق بتعاون بدو المنطقة مع فرق الكوماندوز المصرية التي اتخذت من الجبل ستارا لتحركاتها خلال تنفيذها بعض العمليات، فضلا عن تحركات بعض بدو منطقة الوسط - متطوعين - لتنفيذ بعض العمليات الانتحارية تحول جبل الحلال إلي كابوس يؤرق قيادة الجيش الإسرائيلي التي لم تجد وسيلة لاقتحام الجبل المنيع الذي يحمي تحركات أبناء المنطقة وكأنه يحنو عليهم ضد عدوهم ليتحركوا محتمين بصخوره السوداء بصحبة جنود الجيش المصري الذين كبدوا العدو خسائر، عن طريق بطولات لم يتم الإفصاح عن تفاصيلها حتي الآن، بحسب تأكيد أحد مشايخ المنطقة، الذي يأتي اسمه علي رأس قائمة اغتيالات أعدها جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» لمجاهدي البدو الذين تعاونوا مع الجيش المصري، تسببوا في تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة خلال عمليات الاستنزاف. الشيخ الذي يمكن أن نرمز له بالحرفين «س. ع» ألمح إلي ضرورة تلقيه وزملائه من مجاهدي منطقة الحلال تعليمات من إحدي الجهات الأمنية السيادية التي يتابعهم أحد ضباطها حتي اليوم، بعدم الإفصاح عن أي تفاصيل خاصة بالعمليات الفدائية التي تم تنفيذها بمنطقة الحلال. وقال «س. ع»، أن منطقة «الحلال» شهدت عمليات عسكرية بنفس التكتيك الذي اتبعه حزب الله مع الجيش الإسرائيلي في حرب تموز في 2006، عن طريق قوات مصرية تمركزت بمنطقة الوسط، واستخدمت جبل الحلال - بمعاونة بدو المنطقة- في تغطية تحركاتها. السؤال المنطقي يتعلق بتباين الصورة بين بطولات أهالي الوسط، والجبل الأشهر بسيناء التي تحولت في غضون أعوام قليلة نسبيا من بؤرة للمقاومة أصابت العدو الإسرائيلي برعب حقيقي خلال حرب الاستنزاف إلي معقل للهاربين والمطلوبين أمنيا؟ جبل «الحلال» شهد في السنوات الأخيرة عدة مواجهات دامية طرفاها - علي عكس ماسبق- مصريون خالصون، وهي مواجهات تؤكد مصريون المعارك التي أدارها بدو وسط سيناء باقتدار خلال معارك الاستنزاف يمكن أن تتكرر بصورة أعنف مع الشرطة المصرية لو أصرت علي سياسة الاستفزاز التي تتبعها مع مطلوبو سيناء بشكل شبه دوري؛ خاصة أن الداخلية تتبع خلال هذه المواجهات أساليب يعتبرها البدو شائنة، مثل اقتحام المنازل، اعتقال النساء والأطفال لإجبار المطلوبين علي تسليم أنفسهم، وهو ما يضاعف من غضب المطلوبين، ويحول شكل مواجهاتهم مع الشرطة من «المطاردة» إلي الهجوم المتبادل في محاولة منهم للثأر لما تعرض له زيهم من انتهاكات علي يد قوات الأمن.